تريليون دولار للعراق كتعويض
• في تبرير بن غوريون قائد العصابات اليهودية في فلسطين ورئيس وزرائها الأول، للربا الفاحش الذي كان يمارسه شيلوك كما روى عنه شكسبير، قال: "أنا لا أحتقر شايلوك الذي ارتزق من الربا، لأنه لم يكن أمامه خيار آخر في منفاه. لقد تفوّق بصفته الأخلاقية على النبلاء الذين أهانوه، وعلى كبار رجال الدين الذين أضفوا الشرعية على السلوك الفاسد أمام الأعيان".
• " تُشكل الشعبوية اليمينية - في جوهرها - هجوماً على الليبرالية وليس بالضرورة على الديمقراطية، لأن الفصل بين السلطات، وحرية الصحافة، واستقلال القضاء، وحرية التجارة هي مُثل ليبرالية وليس ديموقراطية"، كما يقول اسلافو ميرسيراكوفسكي، (الغد في 31/2/2017) وكأنه يقصد القول: إن الديموقراطية خاصة بنظام الحكم السياسي لأنها قائمة على الاختيار أو الانتخاب الممثل للشعب.
• دونالد ترامب الذي قدر له أن يكون الرئيس الأميركي هو رجل الأعمال المتحرش بالنساء، والمستصغر لشأنهن، وهو كذلك الطائفي، والعنصري، وقد أحصت له مجلة ديرشبيغل الألمانية سبعة وثمانين تصريحاً كاذباً في خمسة أيام إبان فترة الترشيح، ووصفته بالكاذب المزمن (الغد في 13/2/2017).
أما المنظّر السياسي البريطاني الكبير باتريك كوبيرن فيذكر في مقال له في جريدة الأندبندنت (في 13/2/2017 والغد في 18/2/2017) أن "جملة المعلقين السياسيين يعتبرون إدارة ترامب فريدة جداً، ومطلقة في ازدرائها للحقيقة والشرعية والديمقراطية. كما أنها تعج بالمعتوهين والمتعصبين والهواة".
يبدو أن مفهوم الصفقة (Deal) الذي تقوم عليها سياسته، هو الهيمنة (Domination) لأنه مارسها طيلة حياته وغدا بها بليونيراً.
كانت آخر صفقة انكسر فيها دفعه خمسة وعشرين مليون دولار لطلبة جامعته الذين خدعهم للالتحاق بها ولم يتعلموا شيئاً مما وعدت به، فاشتكوا عليه، وظل يماطل، إلى أن أصبح مرشحاً للرئاسة، فاضطر لدفعها صاغراً لهم.
على الرغم من سجله الاجتماعي المنحرف والتجاري المشوه، ومن ضمنه رفضه كشف حقيقة سجله الضريبي، إلا أن جزءاً غير قليل من الشعب الأميركي الساذج والمستغفل اختاره، وما يزال معجباً بأدائه على فشله فيه حتى الآن، ربما لأنه "كاوبوي" يحاكيهم ويحاكونه.
يكرر هذا الرئيس الأميركي عقيدته أو عقدته التجارية القائمة على الصفقة في السياسة، ومن ذلك مطالبة دول حلف الأطلسي واليابان وكوريا، وغيرها من الدول، بالمشاركة الكاملة في نفقات أميركا الدفاعية، وكأن أميركا كانت تقوم بذلك لصالح هذه البلدان، وليس لصالحها إبان الحرب الباردة.
على أن أكثر ما يستفز العراقي والعربي مطالبته بالاستيلاء على نفط العراق لتغطية كلفة عدوان أميركا عليه واحتلاله وتدميره أفقياً وعمودياً، وكأن العراق هو الذي دعا أميركا للقيام بذلك، فمع أن التفتيش الدولي الدقيق والوقائع والأحداث أثبتت بصورة قاطعة زيف ادعاءات واشنطن (بوش الابن وعصابة المحافظين الجدد وشريكه بلير وعصابته) إلا أنهم قاموا باحتلال العراق وتدميره. ومع أن القانون والعرف الدوليين يقضيان بقيام أميركا وحلفائها جميعاً بالتعويض عن الدمار الشامل الذي ألحقوه به، ومثلما فعلوا بالعراق نفسه عندما احتل الكويت وبما لا يقل عن تريليون دولار تعويضاً عن الضرر المادي.
أعجب وأحزن من سكوت العراق على هذه الوقاحة مرتين: مرة من عدم المطالبة إلى اليوم بالتعويض، وأخرى من عدم الرد على هذه الوقاحة.
ثم يأتي ترامب بعد ذلك ويلقى خطاباً انتهازياً عاطفياً في الكونجرس يتبنى فيه الدعوة إلى الوئام والاستقرار والسلام في الوقت الذي يزيد فيه ميزانية التسلح، ويعيد العالم إلى الحرب الباردة، ويضع إسرائيل فوق أميركا والعالم، على الرغم من انتهاكها للقانون الدولي وحقوق الإنسان وبعض أقواله وشعاراته، متجاهلاً تماماً حق الشعب الفلسطيني في وطنه الذي تمسحه إسرائيل من الوجود.
يبدو أن ترامب ينسى حقوق الهنود الحمر في وطنهم المغتصب الذي يحكمه لأنه مضى عليها نحو خمسة قرون منَتهَكة، لكن حقوق الشعب الفلسطيني حاضرة ومرئية ولم يطوِها الزمن فهي من عمر الرئيس ويجب أن لا ينساها إلا إذا كان مصابا بالإزهايمر.