لا كبيرة ضد الكونفدرالية
ليست الكونفدرالية وحدها المرفوضة، بل الفدرالية، والاندماجية، وأي علاقة وحدوية بين الأردن وفلسطين، لأنها خطر على فلسطين، تستهدف تفريغ شعبها منها تلبية لمخططات المشروع الاستعماري التوسعي الذي يعمل على التهجير الطوعي الاختياري للفلسطينيين، بعدما فشل في استكمال مشروع التهجير القسري بالطرد والتطهير العرقي كما حصل عام 1948، وإذا نجح في طرد نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه، فقد فشل في طرد وتهجير النصف الأخر المتبقي صامداً على كامل أرض فلسطين، وعددهم أكثر من ستة ملايين نسمة.
وهي ليست خطراً على فلسطين وحسب، بل هي خطر على الأردن، لأن هذا المشروع سيحول الأردن إلى وعاء لاستقبال الفلسطينيين ويكون حاضنتهم بعد أن عمل ويعمل العدو الإسرائيلي على جعل الأرض الفلسطينية طاردة لشعبها وأهلها بالإفقار والتضييق وفقدان فرص الحياة الكريمة.
الكونفدرالية وغيرها من المسميات الوحدوية، تعني أن المواطن الفلسطيني سينتقل من الخليل ونابلس ورام الله وطولكرم إلى عمان، كما ينتقل ابن الكرك والطفيلة والمفرق إلى العاصمة، فهي بلد واحد تربطه الوحدة، وطالما أن فرص الحياة تضيق على الفلسطيني داخل وطنه المحتل والمحاصر، سيندفع للبحث عن فرص أفضل للحياة، فيجد في الأردن ملاذاً وحاضنة طالما تربطه بالأردن العلاقة الوحدوية، أو ممراً من خلاله إلى خارج فلسطين، ولذلك أمن الأردن واستقراره ومصلحته الوطنية والقومية هي أن لا يكون حاضنة وملاذاً لفلسطين وشعبها، بل أن يكون داعماً ورافعة لدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه الذي لا وطن له سواه : فلسطين، وكما هو الأردن وطن الأردنيين، وسوريا للسوريين، والسودان للسودانيين، يجب أن تبقى فلسطين للفلسطينيين، كما كانت، وكما يجب أن تبقى، وتكون.
لقد نجح العدو الإسرائيلي بعد عام 1948 برمي القضية الفلسطينية إلى الحضن العربي : إلى لبنان وسوريا والأردن، وقد نجح الرئيس ياسر عرفات بإعادة القضية الفلسطينية إلى عنوانها وأرضها وتربتها، ونقلها من المنفى إلى الوطن بعد عام 1993 على أثر انتفاضة الحجارة المدنية وحصيلته إتفاق أوسلو، وتحولت من الحضن العربي الذي شهد اشتباكات وخلاف على المصالح والأولويات بين الفلسطينيين من طرف، وبين الأردنيين والسوريين واللبنانيين من طرف أخر، وبصرف النظر من هو المخطئ ومن الذي يتحمل مسؤولية الصدامات، ولكنها كانت بين الشقيق وشقيقه، بين الأخ وأخيه، وقد توقفت هذه الاشتباكات بعد أن إنتقل الثقل الفلسطيني وأدواته الكفاحية من المنفى اللبناني والسوري والأردني إلى داخل وطن الفلسطينيين وتحول نضالهم باتجاه واحد، باتجاه عدوهم الذي لا عدو لهم سواه، العدو الإسرائيلي الذي يحتل أرض الفلسطينيين، ويصادر حقوقهم، ويهدر كرامتهم، وتحول الفعل الأردني والسوري واللبناني إلى روافع داعمة للنضال الفلسطيني وسقطت كل التباينات والخلافات وإنتهت كل الصراعات الجانبية بين الفلسطينيين مع أي طرف عربي، وهذا ما يجب أن يبقى ويستمر، من أجل حرية فلسطين واستقرار الأردن .
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.