تقرير ديوان المحاسبة
قبل ايام قليلة أصدر ديوان المحاسبة تقريره السنوي وكالمعتاد وضمن بروتوكول متبع تسلم سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية نسخة من التقرير الذي تناول كل مؤسسات الدولة التي تقع تحت ولاية الحكومة إداريا وماليا، وتضمن رصدا دقيقا لحالات كثيرة من التجاوزات التي للاسف ما زالت مستمرة، وتتكرر في كل عام، حيث ومن خلال متابعتي ورصدي لتقرير الديوان السنوي فإن نسبة كبيرة من التجاوزات أعادت نفسها، والسؤال الاهم هنا كيف لمؤسسة أو وزارة أن تغض الطرف عن المعالجات الحقيقة لتلك التجاوزات المتكررة..
نعلم جيدا أن رئيس الوزراء وبعد تسلمه التقرير في كل عام، يوجه سريعا بتصويب ومعالجة المخالفات والتجاوزات، ويشدد على إصلاح الاختلالات الموجودة وتصويب وضع الاخطاء ومعالجتها جذريا وقطع الطريق على سبل الفساد الإداري والمالي الذي بات تعاني منه مفاصل عمل مؤسساتنا ووزاراتنا المعتمدة. وبالتأكيد أن نسبة الخطأ الفردي أو عدم الفهم للنصوص والتعليمات مع انها نسبة قليلة جدا والمؤدية بهذا الهدر بالمال العام فان هذه الأخطاء توازي الفساد المنظم والمقصود لان المحصلة بالطريقتين هو استنزاف أموال الاردنيين والضرر بالشكل والمضمون لصورة الهيكل الإداري وعدم تكافؤ الفرص و بالتالي عدم عدالة تلحق بالكثير من أبناء وبنات الوطن.
يمكن الاجابة على التساؤل حول تكرار المخالفات والتجاوزات في المؤسسات والوزارات رغم أن نفس الوزارة والمؤسسة وبنفس هيكلها الإداري وربما بنفس موظفيها ومسؤوليها بان التغيير المستمر وعدم ثبات المسؤول الأول والثاني يساهم لدرجة كبيرة في تكرار المخالفات بحكم ان هذا المسؤول حديث العهد بهذه المؤسسة وعدم امتلاك الخبرة الكفاية فيها أو عدم الفهم الكافي للأنظمة والتعليمات أو ربما ان هذا المسؤول حديث العهد لتجربة العمل في القطاع العام أصلا وبالتالي يسهل تمرير المخالفة لأشخاص متنفيذين ومستفيدين من تلك التجاوزات، ومن هنا لو يتم اخضاع المسؤول الجديد أو من غير اصحاب الخبرة في العمل العام أو العمل الحكومي ببعض برامج تؤهله وتعرفه على نسق وتراتبيته ونهج العمل الحكومي وبالتالي يتمكن من تحقيق فهم لدية بعمق العمل لدى مؤسسات الدولة المختلفة وبشكل خاص اطلاع على تعليمات وأنظمة تخص مسؤولياته التي تقع ضمن ولايته.
وهنا لا بد من لفت نظر الرئيس الرزاز لها ان كان يريد تحقيق شيء من التميز في التعامل مع تقرير ديوان المحاسبة وهو كيفية محاسبة المسؤولين السابقين ممن كانت قراراتهم سببت بشكل رئيس اختلالات إدارية ومالية خاصة بالمبالغ الكبيرة ان وجدت و ترقى لمستوى المحاسبة لكل مقصر في واجبه وبهذا اعتقد ان الرئيس الرزاز يؤدي عملا جديدا وقيمة مضافة لعمل ديوان المحاسبة والتعامل مع تقاريره السنوية التي نقوم بتدوالها بضعة اسابيع حال صدروها قبل أن تنسى وكان مجهود مندوبي الديوان وادارته على مدار عام كامل تنتهي بالقيام ببرتوكول تسليم نسخ من التقرير الحكومة والنواب وبعض أخبار إعلامية وينتهي الأمر.
استجابة الرئيس والذي يحمل خبرة علمية وعملية وقبل ذلك رؤية إصلاحية تجاه العمل الحكومي واعتقد ان إجراءاته ازاء ما جاء في التقرير يكشف جدية نتمنى أن تستمر حيث اوعز لكافة المؤسسات والوزارات صاحبة الاختلالات معالجتها والرد قبل يوم الخميس القادم وهو تصرف يسجل الرزاز ونتمنى أن يضيف عليه ما أشرنا إليه سابقا في المقال ذاته.
في التقرير الأخير عن العام ٢٠١٧ مؤشرات ليست مهمة تنبأ عن حجم اختلالات إدارية بالدرجة الأولى وحجم تجاوزات مالية تصل حسب تصريح أحد أعضاء اللجنة المالية نحو مليار دينار أردني واعتقد ان الدولة اليوم بحاجة ماسة لكل دينار واحد يذهب وبصرف في مكانة الصحيح لانه اما يؤدي خدمة لمواطن أو يوفر فرصة لآخر.
ولا بد ايضا من توجيه أنظار القائمين على ديوان المحاسبة بضرورة احداث التطوير والتغييرات التي تواكب معطيات ومتغيرات يجب أن يرافقها تدوير وتبديل مستمر لمندوبي الديوان في الوزارات والمؤسسات حتى لا نبقي سبيلا لأي شبهه قد يكونو طرفا فيها وتؤثر في عملهم في تلك الوزارات.
بقي أن نقول ان حالة التعاطي الجيدة جدا مع ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة الأخير وتدواله بهذه الطريقة والاكثر عن سنوات سابقة مشكلة حالة رأي عام ناقمة تجاه الأخطاء وتكررها والتي تفتك بالمال العام وايضا يمكن اعتبارها حالة رأي عام داعمة لعمل الحكومة لمعالجة مسببات الفساد ونحن نعلم بأن الإرادة الشعبية جزء مهم وكبير امام الحكومات وداعم لها لإنجاز الأهداف المرجوة ونحن نعلم أيضا أن التجربة الاردنية في مسيرة الإصلاح الشامل التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني هي نتاج إرادة سياسية عليا توزاي تطلعات شعبية بالحياة الأفضل والمستقبل الأكثر امنا وامانا لنا وللاجيال القادمة
الراي