ضريبة على أسهم المُتاجرة
بموجب القانون الجديد للضَريبة فقد تم فَرضُ ضَريبة لأول مرّة على أسهم المُتاجرة واستثنت الأسهم الأخرى الاستراتيجيّة والرأسماليّة من الضَريبة وابقتها على ما هي عليه.
طبعاً قرارُ الضَريبة لاقى تداعيات سلبيّة على العاملين في سوقِ رأس المال، وَدَخَلَت البورصة في منحنى انزلاق خطير بعد تضامن كافة العاملين في البورصة ضد فَرض الَضريبة على أسهم المُتاجرة، وانخفضت القيمة السوقيّة لاسهم البورصة بأكثر من مليار دينار، وتراجع المؤشر العام لأدنى مستوياته منذ عام 2004.
وكانت السوشيال ميديا ووسائل الاعلام المختلفة منبرا لكل حالات الهلع التي حدثت في البورصة، وبَاتَت كرة الانخفاضات المُستمرة في البورصة مثل كرة الثلج تتدحرج يوماً بعد يوم لِدرجة أن الشائعات والأخبار السلبيّة عمت في كل عمليات سوق رأس المال من هروب الصناديق والمستثمرين الأجانب، وانهيار محفظة الضمان في البورصة وتراكم خسائرها في يومين ما يقارب 250 مليون دينار.
كُلّ هذا الأمر حَدَثَ نتيجة الرفض المُطلق من قبل المتعاملين بالبورصة لضَريبة المُتاجرة على الأسهم، اذ إن طلبهم كان واضحا للجميع بالرفض المُطلق لأيّة ضَرائب تُفرض على عمليات التداول في البورصة.
هل يُعقل أن يتم تحصيل ضَريبة على الموظف والعسكريّ والتاجر والصانع والشركات والمؤسسات الفرديّة وجميع قطاعات المجتمع، ثم نأتي ونعفي المُتاجرين بالأسهم من ضَريبة الدخل لأنه مرآة للاقتصاد الوطنيّ.
إذا كان هذا المنطق بأن البورصة كيان مُحرم عليه الاقتطاع الضَريبيّ بسبب كونه يعكس مُدخرات الأردنيين ومرآة للاقتصاد، فان غالبية المُجتمع الاردنيّ هُم المُدخرين، والشركات الكبرى من بنوك واتصالات وتامين وتعدين هي مرآة الاقتصاد لا بل عصب الاقتصاد الوطنيّ، ومساهماتهم التنمويّة واضحة لا لُبس فيها على كافة الأصعدة، ومع ذلك لمّ يحصلوا على استثناء من الضَريبة.
حتى صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعيّ الذي هو أكبر صندوق سياديّ في الدولة ويعتبر الوعاء الادخاريّ الحقيقيّ للأردنيين لمّ يُستثنَ من الضَريبة، ورغم الزجّ به في الأحاديث الأخيرة من خسائر ترتبت على محفظته، فالحقيقة أن الصندوق لمّ يبع أسهما في هذه الفترة التي كانت تخضع لرغبات المُضاربين، لا بالعكس كان من أكثر الجهات التي اشترت أسهم في البورصة خلال الأيام الماضية، نظرا لإيمانه بان هذه الفترة هي فترة شراء للاسهم التي غالبية قيمتها أقل من قيمتها الحقيقيّة، وما يُسمى بالخسائر ما هي الا خسائر دفتريّة لا أكثر، كما هي الأرباح التي تتحقق. من ارتفاع الأسهم، فالأرباح والخسائر لا تتحقق الا في عمليات البيع، وغير ذلك تبقى دفتريّة.
ومن قال ان بورصة عمان كان أداؤها أفضل قبل إقرار قانون الضريبة ، فالتراجع مستمر منذ أعوام ، فالمشكلة ليست بضريبة ما ، إنما هي مشكلة تتعلق بالاقتصاد الوطني وأدائه العام .
قد تكون الحُكومة تأخرت في شرح آليات الضَريبة على الأسهم وكيفية تَحصيلها، مما فتح المجال للقيل والقال وانتشار الشائعات، لكن الآن باتَ هُناك تعليمات واضحة لاحتساب الدخل الخاضع للضَريبة من المُتاجرة بالأسهم داخل المملكة، وكيفية احتسابها وفترتها الزمنيّة التي نصت على أن يكون حامل أسهم المتاجرة لأقل من عام، وإعفاء ما دون ذلك من حملة الاسهم من أيّة أشكال او اعباء ضَريبيّة.
نعم الضَريبة مُحفز للنمو الاقتصاديّ، وانا من أنصار التخفيض الضَريبيّ على مُختلف القطاعات، لكن الظرف السياسيّ والاقتصاديّ الذي يَعيشه الأردن والتحديات التي تعصف به وطبيعة الظروف التي جعلت الحكومة تعُدّل قانون الضَريبة الذي يُعتبر أحد أبرز مُتطلبات التعاون مع صندوق النقد الدوليّ، يُفترض بالجميع تناول هذا الأمر الضَريبيّ بمسؤوليّة وطنيّة عاليّة، فلسنا في الأردن في وضع يسمح لنا بالتفاوض خارج إطار اتفاق الصندوق، فأمامنا تحدّيات كبيرة تتطلب وجود قانون جديد للضريبة لضمان زيادة التحصيل ومنع التَهرّب الضَريبيّ وتمكين الحُكومة من اعادة جدولة ديونها، وضمان استدامة تمويل نفقاتها المُختلفة.