عدم جواز حبس المدين
في الوقت الذي يزج فيه آلاف الأشخاص في السجون؛ وذلك لعجزهم عن الوفاء بالتزام عقدي، فإن هذا التصرف قد ينطوي على جانب من البطلان في حال توفر شرطين، وللوقوف عليهما لا بد لنا أولا من الاطلاع على قانون التنفيذ الأردني رقم 25 لعام 2007 وتعديلاته؛ الذي نص في المادة 22 :
" أ. يجوز للدائن أن يطلب حبس مدينه إذا لم يسدد الدين أو يعرض تسوية تتناسب ومقدرته المالية خلال مدة الإخطار على أن لا تقل الدفعة الأولى بموجب التسوية عن (25%) من المبلغ المحكوم به"
فنرى أن هذه المادة تجيز حبس المدين ولم تميز فيما إذا كان المدين معسرا وغير مقتدر، أم مقتدر ولا يرغب بالتنفيذ، وبالتالي نصت في الفقرة ج من ذات المادة على حبسه مدة لا تتجاوز 90 يوم في السنة الواحدة عن الدين الواحد ولا يحول ذلك دون طلب الحبس مرة أخرى بعد انقضاء السنة.
في ذات الوقت جاء نص في معاهدة دولية صادق عليها الأردن في 2006 ونشرت في الجريدة الرسمية ودخلت حيز النفاذ وهي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الجميعة العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 2200 عام 1966 والذي نص في م 11 :
"لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي"
وحيث إن فقهاء القانون أجمعوا على سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن على القوانين العادية؛ بالتالي نرى أن هذا النص يجب أن يسمو على نص المادة 22 من قانون التنفيذ الاردني لكن عندما يتوافر شرطين وهما :
1- أن يكون مصدر الدين التزام عقدي.
2- أن يكون المدين عاجزًا عن الوفاء بما التزم به.
بالتالي يجب إثبات عجز المدين حتى يتم إعمال هذا النص وإيقاف سريان م 22 من قانون التنفيذ.
ونحن نحترم الرأي الذي قال إن قانون التنفيذ هو قانون ينتهك قانون، وإنما نرى أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قانون ينظم قانون التنفيذ الاردني ويضيق من نطاق تطبيقه بحيث يقلل من الأشخاص الذين تشملهم م 22 من قانون التنفيذ وبالتالي العلاقة بين القانونين ليست انتهاك وإنما علاقة تنظيم وتضييق من نطاق تطبيق.
ونرى انه ليس هنالك جدوى من حبس المدين المعسر وإنما يجب أن يكون حرًا حتى يستطيع العمل وتوفير المال للوفاء بالتزامه ، فنعتقد أن هناك طرق بديلة للحبس منها :
- الحجز على جزء من دخل أو راتب المدين أن وجد
- توفير عمل يتناسب وقدرة المدين كما يتم توفيره في مراكز الإصلاح والتأهيل حيث أن هذا المدين أحق بالعمل من سواه
- وحيث أن علاقة المديونية هذه هي حق شخصي فنرى انه سندًا للمادة 68 من القانون المدني الأردني التي عرفت الحق الشخصي بأنه :
"رابطة قانونية بين دائن ومدين يطالب بمقتضاها الدائن مدينه بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل
بالتالي يمكن للدائن أن يطالب المدين بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل كحل بديل للحبس
ووفق دراسة أجريت حول هذا الموضوع قيل فيها :
" أن العلاقة بين الدائن والمدين ليست علاقة بين شخصيهما وإنما علاقة بين ذمتيهما المالية وبالتالي فإذا امتنع المدين عن الوفاء بالتزامه فإن للدائن أن ينفذ على أموال مدينه وليس له الحد من حريته والمساس بها عن طريق حبسه" وبالتالي نحن نتفق وهذه الدراسة.
وحيث إن هناك ثلاثة سوابق قضائية حول هذا الموضوع فإننا نرى أنه لا بد من أعمال المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على كل من يتوافر لديهم الشرطان،
وذلك أن حبس المدين في هذه الحالة يتعارض مع حقوق الإنسان كما وأنه يكلف خزينة الدولة مبلغ مالي فإن استغلته الدولة في توفير فرص عمل له سينعكس إيجابا عليها.