بعد وفاة شخصين بسبب الموجة الحارة.. خبراء يطالبون "العمل" بتعليمات أكثر وضوحا
هوا الأردن -
بعد وفاة عاملين في القطاع الزراعي، نتيجة تعرضهما لضربة شمس أثناء العمل تحت اشعة الشمس الحارقة خلال الموجة الحارة التي تشهدها البلاد، أصدر وزير العمل، نضال البطاينة، امس، تعميما يلزم فيه أصحاب العمل عدم تشغيل العاملين في أي من الأعمال في مواقع العمل المكشوفة والمعرضة لأشعة الشمس وبشكل مباشر خلال فترة الذروة الممتدة من الساعة الثانية عشرة ظهراً وإلى الساعة الثالثة عصراً.
تعميم البطاينة أشار إلى أن لصاحب العمل الطلب من العامل تعويض تلك الساعات في الفترات الصباحية أو المسائية وذلك إلى حين انتهاء الموجة الحارة التي تشهدها المملكة، مشددا على التزام أصحاب العمل بمعايير السلامة والصحة المهنية والإرشادات الصادرة بهذا الخصوص من وزارة العمل لحماية العاملين في مثل هذه الظروف وتوفير بيئة عمل ملائمة ومناسبة لهم، وعدم تعريضهم لأي مخاطر أثناء العمل.
خبراء في مجال سياسات العمل، رحبوا بالتعميم الصادر عن البطاينة، لكنهم طالبوا بتعليمات تتعلق بحظر العمل في الأجواء شديدة الحر او البرودة، تكون اكثر وضوحا وتتضمن تفاصيل تتيح إمكانية الالتزام بها من صاحب العمل والعامل.
مدير بيت العمال، حمادة أبو نجمة، اكد انه "رغم عدم وجود نصوص صريحة في قانون العمل الأردني حول شروط وأوقات العمل في مواقع العمل الخارجية في الظروف الجوية الاستثنائية كالحر الشديد أو البرد الشديد كما هو الحال في دول أخرى، إلا أنه أوجب على صاحب العمل توفير الاحتياطات والتدابير اللازمة لحماية العمال من أخطار العمل ومن ذلك الأخطار التي تشكلها أجواء العمل شديدة الحرارة أو البرودة، ويتحمل بذلك المسؤولية عن التقصير في توفيرها وعن الأضرار التي قد تصيب العمال نتيجة هذا التقصير”.
وقال أبو نجمة، "يترتب على صاحب العمل في القطاعات والمهن التي تتطلب العمل الخارجي كالإنشاءات والزراعة والنظافة وبعض أعمال الخدمات، أن يراعي في أيام الحر الشديد تعريف العامل بتأثير الحرارة على جسمه وتوفير الوسائل المطلوب استخدامها للحماية منها، وتقييم مخاطر الحرارة الشديدة على الصحة وتغيير أوقات العمل اليومية في حال بلغت درجات الحرارة معدلات تشكل خطرا على سلامة وصحة العمال”.
وبين، ان "قانون العمل أعطى وزير العمل صلاحيات إصدار التعليمات والقرارات ذات العلاقة بحماية العمال من أخطار العمل بمختلف أنواعها، وأن يحدد التدابير المطلوب من صاحب العمل اتخاذها لهذه الغاية، وعليه فيمكن لوزير العمل أن يصدر تعليمات خاصة بالحماية من ظروف العمل في الأجواء شديدة الحرارة أو شديدة البرودة، يحدد فيها طبيعة الأجواء والأعمال التي يتوجب على صاحب العمل وقف العمل خلالها تحت طائلة العقوبة، والإجراءات المطلوب من صاحب العمل اتخاذها لحماية العاملين”.
وعلقت المستشارة في مركز العدل، سهاد السكري، على خبر وفاة العاملين بانتقاد عدم صدور نظام العاملين في الزراعة الذي نص عليه قانون العمل عام 2008 حتى اللحظة، لتؤكد ان "مشروع النظام الذي أعلنت عنه وزارة العمل مؤخرا جاء فارغا من محتواه ومن الغاية من ايجاده ليتضمن نصوصا ركيكة لا توفر ادنى متطلبات الحماية والتنظيم اقلها ان ينص على منع تشغيل العمال في الظروف الجوية الصعبة كاوقات الحر الشديد او البرد القارص وبسط رقابة وزارة العمل على اصحاب العمل والمنشآت الزراعية من خلال التفتيش الا ان هذه الصلاحية غابت تماما عن هذا المقترح عدا عن الكثير من الحقوق التي تضمن ظروف عمل لائقة”.
وأضافت السكري، "لا يعدو النظام المقترح عن كونه استحقاقا تشريعيا فقط لن يحسن من واقع ظروف العمل السيئة ضمن هذا القطاع”.
أما مدير وحدة العمال المهاجرين في الاتحاد العربي للنقابات، محمد المعايطة، فأكد "ان الوفاتين اللتين حدثتا لعمال الزراعة تنضمان لسجل من الوفيات في صفوف العمال المهاجرين سواء نتيجة الانهيارات في القطاع الإنشائي أو الاصابة بوباء كوفيد كما حدث خلال هذا الأسبوع لعاملتي منزل، غير أن وفاة عمال مهاجرين يعملون في القطاع الزراعي تأتي في ظل إطلاق لمسودة النظام الصادر عن وزارة العمل والذي يهدف إلى تنظيم شؤون العاملين في القطاع الزراعي الأردني والذي يشهد انتقادات عديدة”.
وقال المعايطة، "يعد القطاع الزراعي من أكبر القطاعات غير المنظمة في الأردن التي تشهد انتهاكات واسعة سواء فيما يتعلق بالحقوق العمالية بشكل عام او بحقوق العمال المهاجرين أو حقوق المرأة العاملة أو استغلال عمالة الأطفال على نطاق واسع، في ظل غياب واضح لتطبيق معايير العمل الدولية”.
وتشكل الحرارة الزائدة أثناء العمل خطراً على الصحة، وتحد من الوظائف والقدرات الجسدية للعمال ومن قدرتهم على العمل وتؤثر على الإنتاجية، كما أنها في الحالات الشديدة، يمكنها أن تسبب ضربة شمس قد تكون مميتة.
والقطاع الذي يتوقع أن يكون الأشد تضرراً على مستوى العالم، هو الزراعة، حيث يبلغ عدد عاملي هذا القطاع 940 مليون شخص في العالم، بحسب تقرير جديد نشرته منظمة العمل الدولية مؤخرا، وتوقع أن تبلغ خسائره 60 % من إجمالي ساعات العمل التي سيخسرها العالم بسبب الحر الشديد بحلول العام 2030.
كما سيتأثر قطاع البناء بشدة ويخسر بحدود 19 % من ساعات العمل العالمية في التاريخ المذكور، وفق التقرير الذي اشار إلى القطاعات الأخرى المعرضة أكثر من غيرها للخطر، وهي السلع والخدمات البيئية، وجمع القمامة، والطوارئ، وأعمال الإصلاح، والنقل، والسياحة، والرياضة وبعض النشاطات الصناعية التي تستخدم آلات ثقيلة.
كما توقع التقرير أن المناطق التي ستخسر 5 % من ساعات العمل هي جنوب آسيا (43 مليون وظيفة) وغرب إفريقيا (9 ملايين وظيفة)، مشيرا إلى أن سكان أشد المناطق فقرا هم الذين سيتكبدون أكبر الخسائر الاقتصادية، حيث ستبلغ المعاناة أشدها في البلدان ذات الدخل المنخفض والشريحة الدنيا من الدخل المتوسط، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر في صفوف العمال، وزيادة العمل غير المنظم، وضعف الحماية الاجتماعية.
وقال التقرير، إن الإجهاد الحراري سيؤثر على ملايين النساء اللاتي يشكلن غالبية العاملين في زراعة الكفاف، وكذلك الرجال الذين يسيطرون على قطاع البناء والتشييد، مضيفا أن من العواقب الاجتماعية الأخرى للإجهاد الحراري زيادة الهجرة، حيث يغادر العمال الريف بحثاً عن آفاق أفضل.