اللاجئون السوريون !!!
أعتقد بداية أنه يتوجب علينا أن ننظر للاجئين السوريين بمنظار خاص ديني وقومي، لأن الشعب السوري الشقيق جارٌ ملاصق لنا والأصل أن لا يكون هنالك أي حدود تفصلنا عنه بحكم العروبة والدين، ولكي نُقيّم عملية اللجوء السوري تقييماً سليماً وشفافاً ونقف على آثار اللجوء الإيجابية والسلبية على الاردن، يجب أن نفرق بين نوعين من اللاجئين، الأول وهم اللاجئون الذين يعيشون داخل المخيمات، وأما النوع الثاني فهم اللاجئون الذين يعيشون في المحافظات والبوادي حيث تم تهريب معظمهم من المخيمات بفعل الفساد الإداري والمالي أما أولئك الذين يعيشون في المخيمات فأعتقد أن متطلبات العيش لهم تقع على عاتق المنظمات الدولية، بل على العكس الحكومة الاردنية لها نصيبها المقنع استناداً إلى عدد سكان تلك المخيمات الرسمي ولا يوجد أي واجب للجهات الرسمية الأردنية غير مُغطّى من الهيئات الدولية، وهذا يقودنا للقول أن هؤلاء اللاجئين فعلاً لم يشكلوا عبئاً على الدولة الأردنية لو أن الحكومة أدارت هذه الأزمة منذ البدايات بطريقة صحيحة ومحكمة وقانونية. أما أولئك اللاجئون والذين دخلوا مراكز المحافظات بطرق شرعية وغير شرعية فقد أثّروا إيجاباً وسلباً على المواطن الأردني، فهنالك من المواطنين الأردنيين من حققوا مكاسب مختلفة من خلال تأجير منازل لم يكن لها أن تُؤجّر سابقاً أو قاموا بالتأجير بأسعار مرتفعة، وهنالك أصحاب عمل استفادوا إيجاباً من انخفاض أجور العمالة السورية والتي انعكست إيجاباً أيضاً على الكُلف التشغيلية وعلى سعر البيع للمستهلك بحكم انخفاض تلك الكلف. أما غالبية المواطنين والذين تضرروا بفعل جشع التاجر الاردني من حيث رفع الأسعار واستبدال العمالة الاردنية بالعمالة السورية، فهؤلاء حقيقةً تضرروا وكانوا ضحية لتلك العملية، ولكن المهاجر السوري الشقيق لا يتحمل لوحده وِزر هذا الضرر، وأعتقد أن سوء الإجراءات الحكومية المتخذة في إدارة هذه الأزمة وعدم رغبة الحكومة في تفعيل القوانين أدى لتفاقم ذلك الضرر، وكان بإمكان الحكومة لو كانت راغبة في التعامل مع هذه الأزمة بإيجابية أن تستثمر جميع مراحل الأزمة السورية لصالح المواطن الاردني، أما التقصير الحكومي الواضح فقد أدى بنا إلى سوء الأحوال وأدى أيضاً إلى خلخلة في جوهر العلاقة التاريخية بين العرب السوريين والأردنيين حتى أن العديد من الأصوات باتت جهاراً تتذمر من أشقائنا اللاجئين. يجب علينا أن نعترف بأن الهجرة السورية للأردن شئنا أم أبينا كانت أمراً قسرياً ولا يوجد أي خيارات لدينا كشعب أمام ما جرى، وكان لنا من الأفضل أن نستقبل أولئك الأخوة المهاجرين بالترحاب وبالعادات العربية الاصيلة، لأننا وإن لم نفعل ذلك سيتم الأمر رغماً عنا وبالتالي نفقد الروابط الأصيلة والسمعة الطيبة التي نتحلى بها. فعلى الحكومة أن تعترف أنها قصرت تقصيراً واضحاً مع بدايات الأزمة، حيث لم يكن هنالك قيود صحيحة للاجئين، وحتى هذه اللحظة لا يوجد أرقام دقيقة تبين واقع حال اللاجئين على الارض، ولكن هنالك سلسلة إجراءات صحيحة تم اتباعها مؤخراً للسيطرة على هذا الموضوع بُغية التعامل الجيد مع تلك الأرقام الكبيرة من اللاجئين. إن القصور في التشريعات وغياب تطبيق القانون ما زالا يشكلان حجر الأساس في عدم تقدم الدولة الاردنية، وعدم إتقان الحكومة للواجبات الموكلة إليها، ففي ظل هذا السوء أصبحت المخيمات بيئة خصبة للفساد وتوابعه وأهمها السلوكيات الرديئة وانحدار الاخلاقيات، والتي فرضت علينا واقعاً اجتماعياً جديداً سيئاً أعتقد أنه سيشكل خطراً كبيراً مستقبلاً على هذا المجتمع وأبنائه. المهم هنا أن تستيقظ الحكومة وتحاول إصلاح ومعالجة الأضرار التي وقعت والإستعداد للمرحلة القادمة فيما بعد عودة اللاجئين، والتي من الممكن لها أن تحدث في أي وقت من الأوقات، وقد يقع ضرر كبير على فئة كبيرة من المواطنين الأردنيين جرّاء تلك العودة، فهنالك الجزء المستفيد من وجود اللاجئين سيتضرر فعلاً لأنه تعود على نمط عيش جديد يتناسب مع الدخل المتأتي من عملية اللجوء، وهذا يوجب على الحكومة أن تنتبه جيداً للفراغ الذي سيتركه اللاجئ السوري في معظم المهن، وللإرتفاع الملموس الذي سيرافق الكلف التشغيلية وبالتالي إرتفاع جديد في الاسعار، وخلخلة في ميزان السوق المحلي، أما إذا كان هنالك خطة حكومية للتدخل والمحافظة على استقرار السوق فلا ضير في ذلك، أما إذا تركت الامور وكما في السابق فبالتأكيد سيتعرض الإقتصاد الأردني إلى نوع جديد من المشاكل. سائلاً العلي القدير أن يحمي الاردن ويحمي سوريا، ويبقي الشعبين شعباً واحداً إنه نعم المولى ونعم النصير.
العميد المتقاعد بسام روبين