تحولات الغذاء والدواء
يقول ريتشارد واتسون في كتابه "ملفات المستقبل: تاريخ السنوات الخمسين المقبلة"، إن الاتجاهات الخمس الرئيسة المؤثرة في تحولات الغذاء هي: الملاءمة وقابلية الحمل والسرعة، والطعام الموسمي والإقليمي البطيء، والصحة مقابل الانغماس في الملذات، والحنين إلى الماضي، وعلم الغذاء وتقنيته.
سوف تعاني الأسر من الاستعجال الدائم والحاجة إلى الوقت. وهذا يؤثر على طبيعة الوجبات التقليدية، لتحل محلها الوجبات السريعة وسهلة التحضير والحمل. وسوف تؤثر سياسات البيئة والعودة إلى الأصالة، على اتجاهات الزراعة والغذاء. وسوف يدور استقطاب بين الناس في اتجاهاتهم المتطرفة نحو الغذاء الصحي أو نحو الملذات. وعندما نصبح أكثر توترا واكتئابا ووحدة، سنحاول تسلية أنفسنا بتناول "طعام قديم". سوف تندمج صناعة الأغذية مع صناعة الأدوية، لإنشاء مجموعة من "الأدوية الزراعية" و"الأدوية الطبيعية" و"الأغذية الوظيفية"؛ ومن ذلك، على سبيل المثال، تفاح يداوي الصداع، وماء يكبح الشهية.
وفي مجال الطب والرعاية الصحية، ستكون الاتجاهات الرئيسة الخمسة المؤثرة، هي: الهرم، والطب عن بعد، وعلم النوم، والسياحة الطبية، واستعادة الذاكرة وإزالتها.
سوف يؤدي ارتفاع تكاليف العلاج إلى جانب التطورات في المراقبة عن بعد والاتصالات، إلى ازدهار الرعاية الصحية والتشخيص عن بعد. وسوف يؤدي شعور الناس بالإرهاق والقلق والاكتئاب إلى ازدهار أبحاث هندسة النوم.
وسوف يحل النوم في الأولوية والحاجات محل المال والجنس. وسوف يزدهر السفر لأجل العلاج للقادرين على الدفع، أو بحثا عن تكاليف أقل، وتزدهر تبعا لذلك وكالات السياحة الطبية والمستشفيات الفاخرة التي تشبه الفنادق. وبما أننا نميل بشكل متزايد إلى المسامحة والنسيان، سواء كان الأمر يتعلق بموعد غرامي سيئ أو سياسي فاسد أو جريمة قتل، فسوف تزدهر تقنيات المحو من الذاكرة! ولأننا نميل إلى تكرار الأخطاء التي لا نستطيع تذكرها، فسوف تزدهر تقنيات استعادة الذاكرة.
ومن التطورات الطبية المتوقعة إنماء الأسنان والأعضاء البشرية، والدماء الصناعية، والقلوب الصناعية، وأدوية للذاكرة ومزارع للأطراف البشرية، وأدوية مضادة للاكتئاب والانتحار، ولقاحات لمقاومة الطعام والحكول والسجائر والمخدرات، إضافة الى الربو والتهاب المفاصل وضغط الدم... ولسنا بعيدين عن مجتمع يوجد فيه دواء لكل داء، وقد بدأ بالفعل استخدام أدوية للتركيز وتحسين الذاكرة ومعالجة ألزهايمر.
وفي مجال المراقبة الصحية، سوف تحدث ثورة تعتمد على شبكات الاتصالات وأجهزتها، والتي سوف تتعرف وتبلغ عن المؤشرات والتوقعات المرضية بملاحظة ومراقبة الروائح والأصوات وحدقات العيون.
وفي المقابل، فإن أمراضا جديدة تنتشر، ناشئة عن تقارب الإنسان والحيوان، مثل مرض فيروس "سارس"، كما شهد العالم مؤخرا انتشار وباء الإيدز، وعاودت أمراض قديمة الظهور والانتشار، مثل النقرس والكساح وترقق العظام.
وبسرعة إيقاع الحياة وارتفاع مستويات التغيير وزيادة عدد الأشخاص الذين يعيشون وحيدين، سوف تزيد حالات الأرق والاكتئاب، وسيكون الحصول على ما يكفي من النوم من أكبر المشكلات في السنوات المقبلة، وتتحول متلازمة "TATT" (Tired All The Time) إلى ظاهرة تقلق العاملين في الطب والمجال الاجتماعي، وتؤدي الى التعاسة والاكتئاب، ويُرد إليها كثير من حوادث المرور. وقد يطور الطب أدوية وعقارات تعوض نقص النوم!