قناة تواصل حكومية إضافية مع الأحزاب

أعتقد أن هنالك حلقة كبيرة جدا مفقودة بين أحزابنا السياسية وبين حاضنتهم و مرجعيتهم المفترضة الأم " وزارة الشؤون السياسية و البرلمانية " من إنعدام للثقة المتبادلة و التواصل والعمل المنشود مع بعضهما البعض بما يصب في صالح تنمية العمل الحزبي داخل الأردن .
و الاعتقاد الأكبر ان الحلقة تتسع كثيرا بين مفهوم التنمية السياسية و الحزبية التي تتطلع اليها أحزابنا السياسية وبين المنهج و الآلية التي يقوم العمل عليه داخل وزارة الشؤون السياسية و البرلمانية .
فالاسم من حيث المبدأ وقبل ان نغوص في أبعاد الحلقة المفقودة , بعيد كل البعد عن أي علاقة بما يشير أو يوحي بالإهتمام في التنمية الحزبية , فمصطلح " الشؤون " درجة متقدمة جداً عن درجة "التنمية " التي ما زالت أحزابنا تسير ببطئ شديد نحوها .
و الوزارة كما يبدو و يظهر جلياً من ردود أفعالها و مواقفها من قضايا الأحزاب , تنأى بنفسها دوماً عن الصراع الدائر بين أحزابنا الوطنية مع حكوماتنا الرشيدة , و كأن لسان حال الوزارة يقول : أنها أحزاب غير أردنية و تريد أن تعمل "جبراً " في ساحتنا السياسية , أو كأنها أحزاب غير قانونية تسعى لتقويض النظام و أركان الدولة , مكتفية فقط باصدارا مبررات لا تنسجم و الغاية من إنشاء هذه الوزارة التي كنا نتطلع اليها كوزارة تنحاز للأحزاب السياسية أكثر من إنحيازها للدوائر الأمنية و الحكومية , طالما تعمل تلك الأحزاب ضمن القوانين لمصلحة الوطن , و لا أعتقد أن هنالك عاقلاً على وجه هذه البسيطة يخالفني الرأي أنه لا ضير من ذلك الإنحياز طالما يصب في مصلحة الوطن و يعمل ضمن القانون , إن لم يشاركني القول أن ذلك الإنحياز واجب و مطلوب .
فهل من المنطق و هل من المعقول ان لا تنحاز الوزارة لحزب سياسي اردني ( يعمل ضمن القانون ) كان قد واجه الكثير من الموانع الحكومية لاستخدام مرافق الدولة العامة لعقد مؤتمره العام في وقت سابق من هذا الشهر , مكتفية بالقول انها غير معنية بمشكلة إيجاد المقر , و كان لب الصراع يدور حول " مجرد إيجاد مقر " و ليس على حجر عثرة في طريق التنمية السياسية و الحزبية ؟!
و هل من المنطق و من المعقول لوزارة معنية بالتنمية الحزبية أن لا تقف في وجه التدخلات الحكومية الامنية و تطالب بوقفها تنفيذاً لرؤية ورسالة الملك , كما حصل مع نشطاء حزب الخضر الأردني يوماً ما , مكتفية بالقول : انها غير معنية بالأمر لان الملف موجود لدى وزارة الداخلية ؟!.
و أليس من الغريب أن تشرع الوزارة في سن تشريع خاص بالأحزاب السياسية دون أن تشركهم في صنع تفاصيله "كمُشرع إليه ", مكتفية بالقول أنها قامت بزيارة مقرات الأحزاب السياسية واحداً تلو الأخر للإستماع لمطالبهم قبل البدء بتشريعه , و شتان ما بين الاستماع لمطلب و ما بين المشاركة التفاعلية في تشريع قانون خاص للاحزاب , و هذا في الحقيقة ما عجّل برفض التشريع " المسودة " من قبل الأحزاب السياسية كافة حتى قبل أن يخرج للعلن كقانون تنفيذي .
و في تفاصيل تلك الحلقة المفقودة , لماذا بات هنالك قناعة لدى جميع احزابنا السياسية بأن الوزارة تعمل ضمن منهجية بعيدة كل البعد عن طريق التنمية السياسية و الحزبية التي نحتاجها و نريدها كأحزاب سياسية , أفلا يحق لنا ان نسأل انفسنا أين دورها في " التوعية و الإعلام و البرامج و المراقبة و الاشراف " مكتفية بطباعة كتيب الدستور الأردني و بورشة عمل واحدة او اثنتين على مدار العام , لنكتشف ان تنظيمها و رعايتها تم من قبل مؤسسة غير أردنية .
ألا يحق لنا كمتابعين ومراقبين و كنشطاء حزبيين ان نسأل وزارتنا الموقرة , لماذا حجّمت دورها الاساسي من محفّز و منشّط للتنمية الحزبية , الى مجرد بوق إعلامي يبرر المضايقات الحكومية و يفسّر لنا إجراءاتها و تدابيرها . , دونما العمل في محاور التنمية الحزبية المفصلية .
لا اعتقد أن دولة رئيس الحكومة يعلم بوجود تلك الحلقة المفقودة بين أحزابنا السياسية و وزارتهم الام و بوجود ذلك السخط الكبيرعلى أداء وزارتنا العزيزة جاء من عبث و التي وصلت إلى درجة المطالبة بإلغاء الوزارة و تنحي الوزير و مقاطعة بعض أنشطة الوزارة .
و حتى يكون النقد بنّاءً و يصب في إتجاه تحقيق التنمية الحزبية الحقيقية , ألا يحق للاحزاب السياسية ان تبحث عن قناة إضافية حتى و إن كانت حكومية لتتواصل معها عندما تجد أبواب وزارتها الأم مغلقة في وجهها عند الحاجة إليها .
نعلم أنه يوجد في رئاسة الوزراء مديرية متخصصة في الشأن البرلماني كانت قائمة قبل قيام الوزارة وما زالت لغاية الأن تؤدي عملها بكل مهنية بين رئاسة الوزراء والبرلمان والوزارة و يقوم دور هذه المديرية على " المتابعة و التواصل و التنظيم " بين الأطراف الثلاثة , ألا يعتقد الجميع معي ان إستحداث مديرية مشابهة لها , تكون معنية بالأحزاب السياسية , لتقوم بأداء نفس الغرض من " متابعة و تنسيق و تواصل " مع الأحزاب السياسية يعتبر خطوة جديدة و جيدة , و قناة تواصل إضافية.
نضع بين يدي دولة رئيس الوزراء رؤية حزبية واعدة , هي أقرب إلى الإقتراح من كونها سؤلاً لدولته.
لماذا لا يتم إستحداث مديرية في رئاسة الوزراء متخصصة ومعنية بشكل مباشر بالعمل الحزبي , في ظل تقاعس الوزارة المعنية بهذا الملف ,وعلى وجه التحديد منذ ما يقارب 4 أشهر ؟.
فأهمية وجود مثل هذه المديرية المتخصصة سيتمحور حول :
1- إظهار إهتمام حكومي أكبر بهذا الملف الذي يحظى بعناية و إهتمام ملكي .
2- يحفّز الأحزاب السياسية و يدفعها نحو التواصل المباشر مع صنّاع القرار .
3- المساهمة في تعزيز دور " التواصل و التنسيق " بين الأحزاب السياسية و الجهات الحكومية المعنية .
4- تكون بمثابة المراقب على اي تقاعس يظهر داخل الوزارة و تطبيق أمثل لمبدأ التشاركية و الشفافية في العمل بين الرئاسة والوزارة .
5- تساهم في رسم خطوات و معالم التنمية السياسية و الحزبية .
و إلى بقعة ضوء جديدة تنير طريق التنمية السياسية و الحزبية في أردننا العزيز و لحين قطف ثمار وعود كثيرة ننتظر قطافها منذ عقدين من الزمن , سنبقى و التفاؤل يلازمنا نحلم بغد أفضل مليء بالخطوات الإيجابية .