آخر الأخبار
ticker خارجية بلجيكا: مصداقية الاتحاد الأوروبي في "طور الانهيار" ticker إيران: احتمال اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل "وارد بقوة" ticker الملكة رانيا: غزة تفرض علينا رؤية الأمور بوضوح أخلاقي ticker ترامب يوقع أمراً تنفيذياً لتغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب ticker الأونروا: الاحتلال يواصل منع دخول شاحنات المساعدات إلى غزة ticker الوحدات ينتزع فوزاً صعباً من الرمثا في بطولة الدرع ticker التربية تعلن أسس مشروع تمليك الأراضي للمعلمين وموعد التقديم ticker الأردن: تهجير الفلسطينيين جريمة حرب وسنواجهه بكل إمكانياتنا ticker مروحيتان أردنيتان تنقلان الرئيس الفلسطيني إلى عمّان تمهيدًا لزيارة لندن ticker %93 نسبة إشغال فنادق الـ 5 نجوم في العقبة خلال نهاية الأسبوع ticker قصف إسرائيلي مكثف على غزة .. وعمليات نزوح واسعة بالقطاع ticker مجلس الأعمال السعودي الأردني: انطلاقة جديدة نحو شراكة اقتصادية استراتيجية ticker فنلندا تعلن الانضمام إلى إعلان نيويورك بشأن حل الدولتين ticker وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي: الآن تُفتح بوابات الجحيم في غزة ticker النشامى يفرض التعادل على المنتخب الروسي بين أرضه وجماهيره ticker الملك وولي العهد يتلقيان برقيات تهنئة بذكرى المولد النبوي الشريف ticker مصدر مطلع: اجتياز 8 جنود إسرائيليين بالخطأ للحدود الأردنية ticker الأردن: نكرس كل إمكاناتنا للحفاظ على المقدسات في القدس ticker التعليم العالي: امتحان المفاضلة يحقق العدالة بين طلبة الثانوية العربية ticker أمانة عمان تستحدث رؤوس إشارات ضوئية خاصة بالباص سريع التردد

الكفر بالعالم المتحضر

{title}
هوا الأردن - د.باسم الطويسي

تأتي حرب غزة الراهنة في واحدة من أضعف اللحظات التي تشهدها المقاومة الفلسطينية؛ محليا وإقليميا ودوليا. فقد بقيت غزة على جدول الأعمال اليومي للآلة العسكرية الإسرائيلية على مدى أكثر من عقد مضى، قبل وبعد الانسحاب الأحادي الذي أقدم عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الجنرال أرييل شارون. ومع تدفق مياه ساخنة من تحت الجميع في هذا الإقليم، يبدو أن العالم المتحضر عاد إلى سيرته الأولى؛ لا يسمع إلا صوت الضمير الإسرائيلي الذي يبدو أنه أعلى من صوت أزيز المقاتلات الإسرائيلية التي تدمر البيوت فوق رؤوس النساء والأطفال.
تستمر المعادلات المحزنة والمخجلة لضمير العالم في الطريقة التي يقدّم فيها الخطاب السياسي الغربي، وحتى الأممي ووسائل الإعلام الدولية، هذا النمط من الحروب، والمتمثل في بناء صورة تفتقد لأبسط معايير المصداقية، ولا تمت بصلة للأخلاق والمنطق. فخلال الأيام الأربعة الماضية، عادت تلك الخطابات إلى تصوير ما يحدث وكأنه حرب بين جيشين وبين دولتين. لا بل المخجل أكثر أن الإدانة الدولية تبدأ بصواريخ المقاومة، ثم تتحدث عن الاستخدام المفرط للقوة لإسرائيل. وكأن العالم لا يشاهد ولا يقرأ أن ضحايا الحرب الدائرة تجاوزوا 100 شهيد فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، مقابل قتيل إسرائيلي واحد. وبعيدا عن الجدل الفلسطيني والعربي حول جدوى صواريخ المقاومة ودورها في الصراع، فإن تصوير الإعلام الغربي والخطاب السياسي الموازي له لتأثير هذه الصواريخ، يثير السخرية المفزعة.
وفي أجواء التوتر وانسداد الأفق السياسي، تُختصر القضية الفلسطينية في هذا الوقت، وكأنها في الفصل النهائي الذي تحسمه الحلقة المفرغة في غزة. فقد جرب الفلسطينيون خيار التهدئة لسنوات، ولم يخلّف ذلك سوى المزيد من ابتلاع الأرض والمزيد من المستوطنات. واليوم، بدل السعي إلى وقف العدوان، يعود الجدل من جديد حول صواريخ المقاومة. ويخيل للعقل السياسي الفلسطيني الرسمي أحياناً أن ما يبعده عن الدولة الفلسطينية الموعودة ليس أكثر من غبار صواريخ القسام، وأن نتنياهو يترقب توقفها ليقدم خرائط الدولة ووثائقها بطيب خاطر، بمجرد إيقاف دوامة العنف وإثبات النوايا الطيبة. فكل ما يحمله هذا المشهد من تبسيط وتعقيد يدخل الحلقة المفرغة في غزة في معادلة صفرية جديدة، بعد الانفراج والمصالحة اللذين شهدتهما الأسابيع الماضية.
لا شك في أن صواريخ المقاومة بالمنظور العملياتي المباشر لا تشكل قيمة قتالية يركن إليها. لكنها بالمفهوم الاستراتيجي بعيد المدى، قد تترك فروقا مؤثرة في استمرار المقاومة، وفي قدرتها على الردع  النفسي. لقد بقيت غزة تطارد الجنرال الإسرائيلي القوي أرييل شارون الذي خاض حروب إسرائيل كافة، حتى في أحلامه المفزعة. ولقد نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت، قبل سنوات، أن الجنرال كان يطلع سكرتيرته الشخصية على أحلامه وكوابيسه، وكشفت أن كابوساً راوده كل ليلة في أسبوعه الأخير قبل غيبوبته، فيه كان يرى نفسه ملقى في بئر عميقة، ومرة أخرى يرى نفسه قد وقع بيد الفلسطينيين الذين اقتادوه عارياً ومقيداً بسلاسل نحاسية على ظهر مركبة مشّرعة مكشوفة تجوب شوارع غزة.
جدول الأعمال اليومي الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية سيزداد حضوره، بعد أن اتجهت الجبهة الشمالية نحو الهدوء. ما يعني المزيد من الحضور في تفاصيل الحياة اليومية للفلسطينيين؛ من السيطرة على المعابر والحصار المالي والاقتصادي إلى التحكم بأساسيات الحياة في الوقود والماء والكهرباء، ثم العملية العسكرية الراهنة التي يتوقع أنها تمهد لعملية برية واسعة. هذا بينما يستمر المنطق الدولي بطرح معادلاته المخزية. 
من مشهد بيوت غزة المهدمة فوق رؤوس الأطفال والنساء، لا يبدأ التطرف والتكفير، بل الكفر بهذا العالم المتحضر.

تابعوا هوا الأردن على