آخر الأخبار
ticker خلود السقاف .. صاحبة البصمة والأثر الطيب ticker مساعدة: دولة فلسطينية شرط أساسي لاستقرار الشرق الأوسط ticker عطية: حماية أرواح الأردنيين لا تقبل التبرير ticker مقتل 4 عناصر من الأمن السوري برصاص مسلحين في ريف إدلب ticker إجراءات الحصول على تذاكر مباريات النشامى في مونديال 2026 ticker 20 دينارا للأسرة .. الحكومة تصرف معونة الشتاء لمرة واحدة ticker الحكومة ترفع الرسوم المدرسية على الطلبة غير الأردنيين إلى 300 دينار ticker نظام معدل للأبنية والمدن .. تخفيض قيود المشاريع ورسوم بدل المواقف ticker إعفاء لوازم مشروع الناقل الوطني من الضريبة والرسوم ticker مجلس الوزراء يكلف الاشغال بطرح عطاءات مدينة عمرة ticker الأردن يدين الهجوم على قاعدة أممية في السودان ticker إحالة مدير عام التدريب المهني الغرايبة إلى التقاعد ticker الملك يلتقي فريق الجناح الأردني في إكسبو 2025 أوساكا ticker السفيران سمارة والمومني يؤديان اليمين القانونية أمام الملك ticker الجمارك تضبط 25 ألف حبة مخدرة و50 غراماً من الكريستال ticker الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مدينة عمرة ticker الأردن يؤكد وقوفه مع استراليا بعد الهجوم الإرهابي ticker قافلة المساعدات الأردنية تصل إلى اليمن ticker ربيحات: مدافئ حصلت على استثناء لإدخالها بعد عدم تحقيقها للمواصفات ticker الشموسة .. نائب جديد يطالب باستقالة وزير الصناعة ومديرة المواصفات

35 دار العمران

{title}
هوا الأردن - د. مراد الكلالدة

محظوظين نحن أبناء هذه الحقبة التاريخية التي اعقبت الحرب العالمية الثانية، فقد شهدنا تحولات مذهلة قياساً بما حظيت به الكائنات في العصور السابقة.

 

فقد تنقلنا بالسيارة وسافرنا بالجو، وركبنا البحر، وتحدثنا عبر الأسلاك والأثير، وشاهدنا الأحداث مسجلة أو مباشرة على التلفزيون والنت، وحملنا ذلك كله في جيبنا بالهاتف الخليوي، وغيره كثير.

 

محظوظين نحن المهندسين، لأننا أصبحنا نرسم بالماوس ونكرر ونشطب بنقرة بدلاً من الشفرة، ونحدد سماكة الخطوط بتعريف الأقلام التي تنفذها الطابعة بلا جدل وبدون نقاش. وعلى ذكر الطابعة والأقلام، فلي معها حكاية في دار العمران، شبيلات- بدران سابقاً، فما هي تلك الحكاية. التحقت بالشركة فور تخرجي من جامعة باوهاوس Bauhaus فايمر في المانيا عام 1987 أي بعد ثمانية سنوات من تأسيسها كشراكة بين المهندسين ليث الشبيلات وراسم بدارن، وأعُطيت مَرسَم، وكلفت بمهمة المساعدة في رسم تفاصيل معمارية لمسجد قطر الكبير، وهو مشروع ضخم فازت به الشركة بعد مسابقة معمارية عالمية.

 

العمل كان بأقلام الرصاص، ومن ثم التحبير بأقلام الروترنج، بسماكات مختلفة، وكنا نتعامل معها بحساسية شديدة، فبعد شد ورقة التريسنج، وضبط أفقية الرسمة بمسطرة T-squareيتم التحبير بمساعدة المثلثات التي تضبط زوايا الرسم. وكانت للإقلام مسكة معينة تساعد على إنسياب الحبر دون تقطع أو سيلان. ويَذكر من هم في عمري وأكبر، بأن العمل كان على الواقف ويتسبب بألم شديد في الظهر مع مرور الوقت، وهذا يثبت بأن العمل الدقيق في بيئة نظيفة، قد يكون أكثر إرهاقا من العمل بالباطون. ما هي إلا سنة أو أقل، فقد تم إستقدام الرسّام الآلي، وخصصت له الشركة جناحاً بقواطع زجاجية، ودرّبت رسامين عدة والمهندسين رؤوف أبو لبن وفايز الشوابكة على الرسم بالكمبيوتر الذي كان شكله يشبه الصراف الآلي، وقد شعرنا نحن معشر الرسم اليدوي، بأننا قد هَرِمنا على صغر عُمرنا، وأن هذا الصندوق قد قسّم الموظفين لنوعين، الأول ديجيتال، والثاني مانيول (يدوي).


جماعة المانيول، وأنا منهم كنا نختلق الأعذار حتى ندخل جناح الكمبيوتر، وكان المسؤول عنه واحد نكِد من دار ملحس، وكان يشعرنا بأنه يقود طائرة جمبو. المهم، كنا نقف خلف الزجاج لننظر الى الطابعة التي تحتوي على مجموعة من أقلام الروترنج بسماكات خط مختلفة موضوعة على قرص دائري، وكان للطابعة ذراع يتحرك يميناً ويساراَ ويختار قلماً معيناً ويتحرك بإتجاه الورقة ويرسم خطوطاً وأقواس ودوائر بسرعة البرق، أي والله صحيح.


خط نظيف بدون تقطع والدائرة، ما شاء الله عليها، سحبه واحدة وبدون طُبع. الغريب، أن الذراع يتجه نحو الأقلام ويمسك القلم المطلوب بكل دقة، ويكمل المشوار الى المنطقة المطلوبة، كنا نتفرج ونقول، راحت علينا وعليك يا خليل، وهو أحد أفضل رسامي الشركة، الذي كان يلبس أكمام بيضاء عند الرسم، وكأنه داخل عملية قلب مفتوح. المعلم، راسم بدران، وهو إبن الفنان الفلسطيني الراحل، جمال بدران، كان من نصير المانيول، ولم يصدف ان رأيته في زيارة لقسم ملحس.


أبو فرحان، كان بيخوف، وكنا نعتقد بأنه يخطط للإستغناء عن نصفنا بسبب الديجتال. كبرت الشركة وصار إسمها دار العمران، ومأسسها أنس سنو، لبناني الأصل عروبي الإنتماء، وانتقلت الى العالمية من خلال فتح عدة فروع في الدول الدول العربية والعالم، وأصبحت دار خبرة أردنية- دولية يشار اليها بالبنان الى جانب عدة شركات أردنية أخرى مثل إتحاد المستشارين ودار الهندسة وسيجما وغيرها.


اليوم تحتفل دار العمران بالعيد الخامس والثلاثين لتأسيسها، وفي سجلها إنجازات يُفتخر بها، ومنها في الأردن إسكان شركة الإسمنت الذي نال عليه د. راسم بدران جائزة الآغاخان، والبنك المركزي، ومستشفيات وفنادق ومساجد ومدارس كثيرة، وقصر الحكم في الرياض وعدد كبير جداً من المشاريع الإسكانية والتجارية والصناعية ومشاريع للطرق والجسور والبنية التحتية في جميع الدول العربية تقريباً بما لا يتسع المجال لذكره في هذا الإطار.


إضافة الى الإنجازات المادية التي خططها ورسمها مهندسين وفنيين أكفاء، فإن الإنجاز الأكبر هو الفعل التراكمي الذي صنع دار خبرة عالمية مركزها عمّان، وما زال لديها الكثير لتقدمه للعالم في سوق شديد المنافسة، والسبب واضح، وهو لأنها تنطلق في رؤيتها للعمل المعماري والتخطيطي من إدراكها لخصوصية المعطيات الثقافية والاجتماعية والبيئية المختلفة للمنطقة ومن ثم تقديمها لاعمال مبتكرة في سياق تصميمي معاصر، وهي بذلك تقدم قراءة متجددة للتراث وتربطه بالحاضر والمستقبل.


حديثي هذا عن هذه الشركة الأردنية الرائدة، هو من باب رد الفضل لإصحابه، فأنا لست موظفاً فيها، ولكن الحق يقال، بأنها ومعها شركات أردنية أخرى رائدة بالفعل، وقد رفعت إسم الأردن للمعالي، ولكن حقها علينا بمناسبة عيد ميلادها، ان نكرمها... فكل عام وانت في تقدم ونماء يا دار العمران.

تابعوا هوا الأردن على