آخر الأخبار
ticker وزير التربية والتعليم يوجه رسالة بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية ticker صحة الأعيان : اتفاقية شراكة مع البنك الدولي لتنفيذ مصنع للأدوية النووية ticker وزير السياحة يؤكد أهمية تطوير المنتج السياحي في جرش ticker عباس في لندن لبحث وقف العدوان على غزة والاعتراف بفلسطين ticker العيسوي يلتقي وفداً من قطاع الصناعات الغذائية ticker مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشيرتي الحميمات والشياب ticker إعلام إسرائيلي: لقاء متوقع بين الشيباني وديرمر الأسبوع الحالي ticker ترامب: أوجه تحذيري الأخير لحماس لقبول الصفقة ticker ورشة في مركز جمرك التجارة الإلكترونية حول مخاطر المخدرات ticker وزير الشباب يؤكد أهمية تطوير الهيكل الإداري للوزارة والمراكز الشبابية ticker المنتخب الوطني لكرة القدم يواصل تحضيراته لمواجهة منتخب الدومينيكان ticker الفيصلي يهزم شباب الأردن وينفرد بصدارة الدرع ticker بـ 8 مسيرات .. الحوثيون في اليمن يعلنون تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد إسرائيل ticker الدنمارك: لسنا مستعدين للاعتراف بدولة فلسطينية ticker مساعدات مالية للاجئين السوريين العائدين طواعية من الأردن إلى بلادهم ticker نتنياهو: 100 ألف فلسطيني غادروا غزة ticker مسؤول أممي يدعو الى إنفاذ تدابير "العدل الدولية" ticker برباعية من روسيا .. خسارة مقلقة للعنابي قبل الملحق الآسيوي ticker البقعة يفوز على الأهلي في بطولة درع الاتحاد ticker خطة شاملة لمواجهة السيول والأزمات الطارئة خلال الشتاء في الزرقاء

35 دار العمران

{title}
هوا الأردن - د. مراد الكلالدة

محظوظين نحن أبناء هذه الحقبة التاريخية التي اعقبت الحرب العالمية الثانية، فقد شهدنا تحولات مذهلة قياساً بما حظيت به الكائنات في العصور السابقة.

 

فقد تنقلنا بالسيارة وسافرنا بالجو، وركبنا البحر، وتحدثنا عبر الأسلاك والأثير، وشاهدنا الأحداث مسجلة أو مباشرة على التلفزيون والنت، وحملنا ذلك كله في جيبنا بالهاتف الخليوي، وغيره كثير.

 

محظوظين نحن المهندسين، لأننا أصبحنا نرسم بالماوس ونكرر ونشطب بنقرة بدلاً من الشفرة، ونحدد سماكة الخطوط بتعريف الأقلام التي تنفذها الطابعة بلا جدل وبدون نقاش. وعلى ذكر الطابعة والأقلام، فلي معها حكاية في دار العمران، شبيلات- بدران سابقاً، فما هي تلك الحكاية. التحقت بالشركة فور تخرجي من جامعة باوهاوس Bauhaus فايمر في المانيا عام 1987 أي بعد ثمانية سنوات من تأسيسها كشراكة بين المهندسين ليث الشبيلات وراسم بدارن، وأعُطيت مَرسَم، وكلفت بمهمة المساعدة في رسم تفاصيل معمارية لمسجد قطر الكبير، وهو مشروع ضخم فازت به الشركة بعد مسابقة معمارية عالمية.

 

العمل كان بأقلام الرصاص، ومن ثم التحبير بأقلام الروترنج، بسماكات مختلفة، وكنا نتعامل معها بحساسية شديدة، فبعد شد ورقة التريسنج، وضبط أفقية الرسمة بمسطرة T-squareيتم التحبير بمساعدة المثلثات التي تضبط زوايا الرسم. وكانت للإقلام مسكة معينة تساعد على إنسياب الحبر دون تقطع أو سيلان. ويَذكر من هم في عمري وأكبر، بأن العمل كان على الواقف ويتسبب بألم شديد في الظهر مع مرور الوقت، وهذا يثبت بأن العمل الدقيق في بيئة نظيفة، قد يكون أكثر إرهاقا من العمل بالباطون. ما هي إلا سنة أو أقل، فقد تم إستقدام الرسّام الآلي، وخصصت له الشركة جناحاً بقواطع زجاجية، ودرّبت رسامين عدة والمهندسين رؤوف أبو لبن وفايز الشوابكة على الرسم بالكمبيوتر الذي كان شكله يشبه الصراف الآلي، وقد شعرنا نحن معشر الرسم اليدوي، بأننا قد هَرِمنا على صغر عُمرنا، وأن هذا الصندوق قد قسّم الموظفين لنوعين، الأول ديجيتال، والثاني مانيول (يدوي).


جماعة المانيول، وأنا منهم كنا نختلق الأعذار حتى ندخل جناح الكمبيوتر، وكان المسؤول عنه واحد نكِد من دار ملحس، وكان يشعرنا بأنه يقود طائرة جمبو. المهم، كنا نقف خلف الزجاج لننظر الى الطابعة التي تحتوي على مجموعة من أقلام الروترنج بسماكات خط مختلفة موضوعة على قرص دائري، وكان للطابعة ذراع يتحرك يميناً ويساراَ ويختار قلماً معيناً ويتحرك بإتجاه الورقة ويرسم خطوطاً وأقواس ودوائر بسرعة البرق، أي والله صحيح.


خط نظيف بدون تقطع والدائرة، ما شاء الله عليها، سحبه واحدة وبدون طُبع. الغريب، أن الذراع يتجه نحو الأقلام ويمسك القلم المطلوب بكل دقة، ويكمل المشوار الى المنطقة المطلوبة، كنا نتفرج ونقول، راحت علينا وعليك يا خليل، وهو أحد أفضل رسامي الشركة، الذي كان يلبس أكمام بيضاء عند الرسم، وكأنه داخل عملية قلب مفتوح. المعلم، راسم بدران، وهو إبن الفنان الفلسطيني الراحل، جمال بدران، كان من نصير المانيول، ولم يصدف ان رأيته في زيارة لقسم ملحس.


أبو فرحان، كان بيخوف، وكنا نعتقد بأنه يخطط للإستغناء عن نصفنا بسبب الديجتال. كبرت الشركة وصار إسمها دار العمران، ومأسسها أنس سنو، لبناني الأصل عروبي الإنتماء، وانتقلت الى العالمية من خلال فتح عدة فروع في الدول الدول العربية والعالم، وأصبحت دار خبرة أردنية- دولية يشار اليها بالبنان الى جانب عدة شركات أردنية أخرى مثل إتحاد المستشارين ودار الهندسة وسيجما وغيرها.


اليوم تحتفل دار العمران بالعيد الخامس والثلاثين لتأسيسها، وفي سجلها إنجازات يُفتخر بها، ومنها في الأردن إسكان شركة الإسمنت الذي نال عليه د. راسم بدران جائزة الآغاخان، والبنك المركزي، ومستشفيات وفنادق ومساجد ومدارس كثيرة، وقصر الحكم في الرياض وعدد كبير جداً من المشاريع الإسكانية والتجارية والصناعية ومشاريع للطرق والجسور والبنية التحتية في جميع الدول العربية تقريباً بما لا يتسع المجال لذكره في هذا الإطار.


إضافة الى الإنجازات المادية التي خططها ورسمها مهندسين وفنيين أكفاء، فإن الإنجاز الأكبر هو الفعل التراكمي الذي صنع دار خبرة عالمية مركزها عمّان، وما زال لديها الكثير لتقدمه للعالم في سوق شديد المنافسة، والسبب واضح، وهو لأنها تنطلق في رؤيتها للعمل المعماري والتخطيطي من إدراكها لخصوصية المعطيات الثقافية والاجتماعية والبيئية المختلفة للمنطقة ومن ثم تقديمها لاعمال مبتكرة في سياق تصميمي معاصر، وهي بذلك تقدم قراءة متجددة للتراث وتربطه بالحاضر والمستقبل.


حديثي هذا عن هذه الشركة الأردنية الرائدة، هو من باب رد الفضل لإصحابه، فأنا لست موظفاً فيها، ولكن الحق يقال، بأنها ومعها شركات أردنية أخرى رائدة بالفعل، وقد رفعت إسم الأردن للمعالي، ولكن حقها علينا بمناسبة عيد ميلادها، ان نكرمها... فكل عام وانت في تقدم ونماء يا دار العمران.

تابعوا هوا الأردن على