العصا في كلام العرب
تعني العربُ بالعصا : الإجتماع والاتلاف ، فلذلك جاء في أمثالهم :
( شَقَّ فلانٌ عصا المسلمين ) .
...قال أبو بكر الأنباري في ( الزاهر ) ( 221 ) ( قال أبو عبيد : معناه قد فرَّق جماعة المسلمين ، قال : والأصلُ في العصا ؛ الإجتماع والإتلاف من ذلك قولهم للرجلِ إذا أقام بالمكان ، وأطْمَأَنَّ به ، واجتمع له فيه أمرُهُ : قد ألقى عصاه ، قال الشاعرُ :
فَأَلَقَتْ عصاها ، واستقرَّتْ بها النَّوى
..... كما قَرَّ عيناً بالإيابِ المُسافِرُ.
ومن ذلك قولُ صلة بن أشيم لأبي السَّليل : إيَّاكَ ، وقتيلَ العصا ، معناه : إياكَ أنْ تكونَ قاتلاً أو مقتولاً في شَقِّ عصا المسلمين ... ) .
فكما ترى في وصية صلة بن أشيم لأبي السليل ألا يكون قتيلا أو قاتلاً في الفتنة ، وهي تفريق جماعة المسلمين التي عبَّر عنها بالعصا .
وقال الأديب أحمد تيمور في ( مختارات أدبية ) ( 126 ) :
( أي فرَّق جمعَهم ؛ لأنَّ العصا لا يُقالُ لها عصا حتى تكون جميعاً ، فإنِ انشقَّتْ لا تُدْعى عصا .
والأصلُ أنَّ الحاديين إذا فرَّقَهم الطريقُ ؛ شُقَّتْ العصا التي معهما ، فأخذ هذا نصفها وهذا نصفها . ويقال : طارتْ عصا بني فلان شِقَاً أي ؛ تفرَّقوا في وجوهٍ شتَّى ) .
والحادي : هو سائق الإبل بالغناء - غناء الأعراب - وتكون الإبل أمامه ، والهادي : يكون أمامها ، وهي خلفه .
والعصا بها يُدْفَعُ الشرُّ، ويُرْدَعُ بها الغَوِيُّ ، وكذلك جماعةُ المسلمين ، وتآلُفُهم ، وإجتماعُهم يقهرُ الأعداءَ ، ويفتحُ الأصقاعَ ، وبغير عصانا نذوق الهزائم ، والإذلال ، فكُلُّ من فرَّق الأمة ، وجعلها أحزابا ، فهو كاسرٌ للعصا التي هي قوتُنا وعزُّنا .