لا معنى لقصف الشعب اليمني
الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران. المشهد اليمني ، بتحوّلاته المتسارعة ، يؤشّر إلى الارتقاء في مستويات الصّراع وأشكاله إلى إمكانيّة الصدّام المباشر بين قطبي العالم الإسلامي. المملكة وحلفاؤها يدخلون عسكرياً وبلا تردّد على خطّ الأزمة اليمنيّة ، فيما يقرّر حلفاء طهران الحوثيّون المواجهة ، ويتخطّى استهدافهم الاعتبارات اليمنيّة إلى كونهم معطى أساسياً في معادلة الصراع في المنطقة. فيما لا يستبعد أن يكون انخراط الرياض المباشر في المسألة اليمنية ناتجًا عن استنفاد الخيارات ، وبديلاً متاحًا للدخول في مواجهة مباشرة مع الحليف الإيراني ، لتعويض خيبات المواجهة عبر الأذرع والبدلاء. وفي ظل مروحة الاحتمالات المفتوحة أمام مسارات هذه الأزمة ، يبقى موقف طهران أساسيّاً في تحديد وجهة الأحداث ومآلاتها .
تُعبر العملية العسكرية الكبيرة التي شنت ضد اليمن السعيد عن مدى خطورتها من قبل العرب ، ففي الوقت نفسه الذي كانت فيه فلسطين تئن ، والقدس الشريف تحت نير الاحتلال الصهيوني فان العرب يجمعون قواهم من كل حدب و صوب ، ليلقنوا حوثيي اليمن درسا ، وينصروا القاعدة وداعش هناك في العراق وسوريا ، بعد ان ارتكبت الجرائم بحق اليمنيين . فهذه الحرب الضروس التي شنت على الشعب اليمني المغلوب على أمره ، والباحث عن الأمن والسلام والعيش بكرامة ، مستجمعة فلول العرب من كل مكان ، والذين يستأسدون دائما على أبناء جلدتهم .. وحاولوا ان يظهروا بمظهر المقاتلين الاشداء ، واغاروا على الناس في المدن اليمنية .. ومن غرائب انهم جمعوا من مصر ودول الخليج والمغرب ، وعُزز تجمعهم من أفغانستان وباكستان . مايدل على انها حرب طائفية بامتياز ، فهذه الحشود لم تنصر غزة عندما واجهت الكيان الصهيوني بحرب ابادة شنت ضدها ، بل ان ألسعودية اعتبروا تمرد الفلسطينيين في غزة خروجا على طاعة ولي الامر ، ولابد من تأديبهم ، ولذلك قال احد المسؤولين الصهاينة (الكيان الصهيوني والسعودية في خندق واحد) الجولان المحتلة منذ 50 عاما لم تهتز لها السعودية ..
وفلسطين محتلة وهؤلاء الحكام ، صامتون ، مهادنون ، مخذولون ، لم يرفعوا عقيرتهم حتى بصرخة .. لكنهم انتفضوا الآن عن بكرة ابيهم لإنقاذ قاعدة اليمن من الاحتلال الحوثي .. كما نصروا القاعدة وداعش في كل مكان سواء في سورية ، ام العراق ، ام لبنان ... واليوم تعيد الكرة لاعادة الاعتبار لمن يتبنون العنف والأفكار المتشددة المتخلفة ، وكم حاولت التدخل في العراق بحجة تقديم الدعم ، لكن العراقيين ادرى بأهداف هؤلاء الذين طالما اصطفوا طائفيا ، للدفاع عن من يفجر المدن ويفخخ السيارات ويزرع العبوات لطالما سعى العرب الى الفتنه وتغذيتها أينما وجدوا الى ذلك سبيلا ، فالطائرات العربية كانت مختبئة في اوكارها طوال 30 عاما ، فما الذي اخرجها هذه المرة من تلك المخابئ التي أصبحت قبورا لها ، ام انها فرصة لتجديد نشاطها ، وممارسة مناورات حربية على ارض عدوة ، كما يحلوا لهم ان يسموها .. وظهر لنا ان هناك بلدانا محاربة كالكويت ، وقطر ، فهؤلاء لديهم طائرات اشتركت في ضرب الحوثيين لا لانهم متمردون على الشرعية اليمنية ، كما يدّعون ، بل لانهم على غير مذهب من يمتلك الطائرات والأموال اللازمة لتجهيز هذه الطائرات وتسليحها ..
كم تستمر هذه الحرب وماهي النتائج المتوقعة ؟ ، وهل تشهد الأرض اليمنية دخولا للقوات الخليجية بعد انتهاء عمليات الطيران .. المهم ان اليمن ينتظر مزيدا من الاحداث بعد التدخل الطائفي السافر في شؤونه الداخلية .. وقد تنتهي هذه الحرب بتدخل عسكري على الأرض لتغيير الخارطة السياسية كما حصل في البحرين ، الا ان ذلك لن يستمر طويلا ، فالشعوب المغلوبة على أمرها كالشعب اليمني ، تعرف ألاعيب المخابرات السعودية ، وامتداداتها ، وأهدافها ، ومشاريعها ، وهي اليوم تكشر عن انيابها ، لتعلن حربا استباقية حول ما اسمته بأمن المنطقة وأمن الخليج .. الى متى يبقى هؤلاء يلعبون بمصير الأمة ؟ .. وبمصير المنطقة الى الحد الذي يمتلكون القدرة على التغيير ، وتحويل المسارات والاتجاهات ، لابد ان هناك مفاجآت على الأرض ، او في السماء ستحدث قريبا ، مع محدودية القدرة العسكرية اليمنية على الرد على عدوان بهذا الحجم .. ان قيام تحالف عربي بسرعة خاطفة يعد سابقة تحسد عليها الدول العربية او بالأحرى الحكومات العربية ، فالحكومات التي دأبت العمل على طريقة السلحفاة في جميع الشؤون ، شؤون المعاملات مثل انجاز الطرق والجسور او برامج محو الامية او برامج منع الحمل ، او شؤون العبادات مثل اداء الزكاة ومساعدة اليتامى والمساكين وأبناء السبيل ، فرغم توصيات وايات القران الكريم الا ان اشد المتقاعسين في انجاز مثل هذه الاعمال هي الحكومات العربية الاسلامية .. اما اذا تعلق الامر بالقيام بعمل مفيد لصالح الشعب ، فهو بحاجة لقرون ولا داعي لذكر المزيد من الامثلة ، لان اطفال العالم العربي يعرفون اين تقع غزة واين تقع شرم الشيخ ولماذا مازال الحصار مضروبا على غزة والمعابر مغلقة ، بينما الطرق الجوية مفتوحة للطائرات لتقصف ابناء اليمن السعيد لتسلب سعادتهم .. ان ابسط الامور ركوب الطائرة وقيادتها نحو هدف مدني وقصفه بعدة قنابل او صواريخ ، وهو ما فعله الطيار الذي قصف هيروشيما بالقنبلة النووية قبل اكثر من ستين عاما ، ولكن شعوب العالم منذ ذلك اليوم حتى الان تلعن ذلك الطيار وتلعن من امر ما قام به من تدمير لمواطنين لا ذنب لهم راحوا ضحايا ذلك القصف الهمجي المدمر .. لا نجد اي معنى في توجه الطائرات لقصف الشعب اليمني ، شعب يبحث عن لقمة خبز فلا يجد سوى الاسلحة بين يديه ، وما عليه الا ان يتقاتل بها ... لماذا ؟ لا احد يعرف ..!