آخر الأخبار
ticker زين والأردنية لرياضة السيارات تُجددان شراكتهما الاستراتيجية ticker البحث الجنائي يكشف ملابسات جريمة قتل سيّدة في عام 2006 في محافظة الكرك ticker مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشائر السواعير والأزايدة والشديفات والأرتيمة ticker الأردنيون خلف نشميات السلة في مواجهة ايران اليوم ticker عمان الأهلية تحتفل بيوم العلم الأردني بأجواء مميزة ticker معرض للجامعات الأردنية في السعودية ticker رابطة العالم الإسلامي تؤكد وقوفها وتضامنها مع الأردن ticker الأمم المتحدة: 500 ألف نزحوا بغزة منذ منتصف آذار الماضي ticker منتخب السلة للسيدات يفوز على نظيره السوري ticker صرح الشهيد يحتفل باليوم الوطني للعلم الأردني ticker رابطة علماء الأردن تستنكر كلِّ أشكال العبث أو المساس بأمن المملكة ticker بالصور .. جامعة البلقاء التطبيقية تحتفل بيوم العلم الاردني ticker الدبعي يرعى ختام مسابقة هواوي الإقليمية لتقنية المعلومات في عمّان ticker المهندسين : نُحيّي جهود أجهزتنا الأمنية ونؤكد أن أمن الأردن فوق كل اعتبار ticker معهد العناية بصحة الأسرة يحتفل باليوم الوطني للعلم الأردني ticker سفيرة جديدة لـ بروناي في الأردن ticker تخصيص 350 ألف دينار لتنفيذ مشروع النُّزُل البيئي في محمية اليرموك ticker الموافقة على اتفاقية مشروع تعزيز النظام البيئي في حسينية معان ticker بالصور .. المحكمة الدستورية تضيء مبناها بيوم العلم ticker توقيف لبنان لأعضاء في حماس .. هل له ارتباط بملف الأردن ؟

مواجهة الخطاب المذهبي

{title}
هوا الأردن - خالد الدخيل

نجحت إيران في فرض خطاب مذهبي على المنطقة. كانت البداية بتبنيها مشروعاً مذهبياً، وتبعاً لذلك وتكاملاً معه تبني آلية الميليشيا المذهبية ذراعاً للمشروع. كلاهما، المشروع والآلية، أساس دور إيران الإقليمي. على الناحية الأخرى، وكما هو متوقع، استفز تمدد هذا الدور الطرف الآخر مذهبياً، فتكامل الفعل ورد الفعل في تناسل الميليشيات كبديل للدولة، وتفشي الخطاب المذهبي كبديل لخطاب الدولة.

 

السؤال: لماذا نجحت إيران في فرض هذا الواقع المظلم على المنطقة؟ سأعود إلى هذا السؤال لاحقاً. قبل ذلك لا بد من تناول سؤال مهم طرحه داود الشريان يوم الأربعاء الماضي من وحي الواقع المظلم. يقول السؤال: هل نستمر (أمام هذا الواقع) في النقاش المذهبي أم نتوقف؟ هناك إجابتان وفق الشريان: الأولى تقول إن «الخوض في الصراع المذهبي هو خدمة لدول وأحزاب تدير الصراع بشعارات دينية»، وبالتالي المفترض «تفويت هذه الفرصة عليها، ولجم هذا النوع من النقاش».

 

الإجابة الثانية ترى أن «المسيطرين على الساحات طائفيون، والتعفف عن الخوض في هذا النقاش ليس هو الحل. لا بد من تعرية القضية لدى الجانبين وصولاً إلى محاربتها ببديل». بمقارنته بين الإجابتين ينتهي الشريان إلى أن الإجابة الأولى هي الأفضل والأجدى. لماذا؟ لأننا «أمام عنفوان وسطوة أحزاب وجماعات وتيارات تقف خلفها دول وأجهزة استخبارات تسعى منذ عقود إلى تكريس الحس المذهبي والطائفي بين أبناء هذه المنطقة»، ولذلك فإن «الدخول في نقاش لتعرية هذا المشروع سيفاقم المشكلة ويؤجج مشاعر الناس، ويحرضهم على مزيد من الاصطفاف الطائفي والمذهبي».

 


هدف الشريان واضح، وهو تفويت الفرصة على أصحاب المشاريع والطروحات الطائفية. وكل من يدرك خطر هذه الآفة لا يسعه إلا أن يتفق مع هذا الهدف النبيل. لكن هل الوصول إلى ذلك يتطلب الدخول والمشاركة في النقاش المذهبي، أم مقارعة الخطاب المذهبي على الجانبين بخطاب نقيض له تماماً؟ الإجابة الصحيحة على الجزء الأول من السؤال، كما يقول الشريان، هي بالفعل تجنب الخوض في النقاش أو الجدل المذهبي. أولاً لأن تبني الفرد مذهباً دون غيره جزءٌ من حقه في حرية المعتقد. ثانياً أن أكثر من 1400 سنة من الجدل أثبتت أنه لم ولن يغير كثيراً في مواقف الطرفين.

 

 

ثالثاً أن الطائفية أو المذهبية هي أخيراً امتداد لواقع التعددية في المجتمع. كان يمكن أن تأخذ هذه التعددية صيغة فكرية أو سياسية بعيدة من التمذهب الديني. لكن هيمنة الفكر الديني، وارتباط الدين بالدولة على مدى قرون فرضا الواقع الذي نراه.

 

 

والذي حصل تبعاً لذلك أن دولة دينية نشأت عام 1979، هي إيران، تريد أن توظف هذا الواقع الطائفي العربي لمد نفوذها، وفرض خياراتها. ونتيجة هذا التطور وارتداداته الآن واضحة: هناك احتلال إيراني لسورية، ونفوذ طاغ لها في العراق، ونفوذ في لبنان. وهناك ميليشيات مذهبية على امتداد الوطن العربي، عددها أضعاف عدد الدول العربية. وبموازاة ذلك هناك خطاب طائفي متفش، بعضه معلن ومباشر، وبعضه الآخر يحاول أن يستتر، وهو مكشوف للجميع.

 


وضع المسألة على هذا النحو يشير إلى أن سؤال الشريان له تكملة. صحيح أن الدخول في النقاش المذهبي يزيد الأمر سوءاً. لكن هذا ليس الخيار الوحيد لتجنب هذه النتيجة. لم يعد هناك مبرر للخوف من استفزاز الخطاب الطائفي، فهذا الخطاب لم يعد في حاجة لاستفزاز. هو فرض نفسه كخطاب مهيمن من خلال تطورات الأحداث، والحروب، وتقاتل الميليشيات، وأجهزة الإعلام على الجانبين.

 

 

حتى الكتب المدرسية تساهم في ذلك. وعليه، من الخطأ القاتل السماح بترك هذا الخطاب يعصف بالمنطقة ويعمق الشروخ والانقسامات بين أبنائها. الأكيد أن صديقي الشريان لا يريد ذلك، وأنا أتفق معه في أنه لا مناص من مواجهته لدى الجانبين (السني والشيعي معاً) بخطاب بديل،

 

 

مناقض للطائفية في المنطلق، والمبنى، والهدف. خطاب يكشف كلاحة الطائفية وخطورتها، ويعيد النظر للإنسان إلى نصابه الصحيح، كإنسان أولاً، ومواطن ثانياً، وليس كائناً عقائدياً يعود في جوهره إلى هذه العقيدة، أو تلك الطائفة. لكن كيف يمكن تحقيق ذلك من دون تفكيك الخطاب الطائفي، وكشف مصادره، وآلياته وأهدافه؟

 


هذا يعيدنا لسؤال: كيف نجحت إيران؟ لم تنجح لقدراتها الذاتية، أو لوجاهة مشروعها ومقبوليته لدى الشارع العربي. هذا واضح من رفض الأغلبية الصامتة للمشروع، ومن تفشي ظاهرة الميليشيا السنية كرد فعل على تمدد إيران وميليشياتها. نجحت إيران لأسباب أخرى، أهمها أن المذهبية والطائفية ظلتا، مع تعثر مشروع الدولة العربية، جزءاً حياً من تراث المنطقة قابلاً للاستنهاض إذا ما توافرت الدوافع والظروف.

 

 

ثانياً أن الدول العربية لم تطرح مشروعاً مقابلاً للمشروع الطائفي الإيراني. غياب المشروع، مضاف إليه الإرث الطائفي وتعثر الدولة، أوجدا فراغاً استطاعت إيران أن تتسلل إليه، ومعها تسللت ظاهرة الميليشيات، والخطاب الطائفي. وليس مفاجئاً في هذا السياق أن إيران استطاعت، إلى ما قبل الثورة السورية، إرباك العالم العربي بكذبة المقاومة والممانعة، وهو عالم مرتبك أصلاً، نتيجة لارتباك مشروع الدولة.

 


لكن من حسن الحظ أن إيران كدولة دينية على أساس مذهبي هي الوحيدة في ذلك، وفي تبني آلية الميليشيا رسمياً كرافعة لدورها الإقليمي. الدول العربية تختلف في أنها ليست دولاً دينية، وإنما مرتبطة بالدين من ناحية سياسية وليست دستورية. وبالتالي هي ليست رهينة لفكرة المذهبية. تركيا، كدولة إسلامية أخرى غير عربية، تختلف عن إيران أيضاً، في أنها ليست دولة دينية، ولا مذهبية. على العكس من إيران، تركيا لم تجعل من أغلبيتها السنية منطلقاً لتغليب هويتها المذهبية على هويتها الوطنية. هي دولة وطنية علمانية أغلبية سكانها من السنة.

 

 

أما إيران فتعتبر نفسها دولة دينية شيعية بناء على أغلبيتها الشيعية. من هنا يختلف الدور التركي عن الدور الإيراني، في أنه دور لدولة تتعامل مع دول المنطقة على هذا الأساس، ولا تتبنى، كما تفعل إيران، الميليشيا آليةً أصلية لدورها الإقليمي.

 

 


من هذه الزاوية تبدو إشكالية الخطاب الطائفي في المنطقة. خوف الشريان وغيره من محاذير مواجهته نابع ليس من الخطاب نفسه، وإنما من بقاء الدين مرتبطاً بالدولة، ومن غياب مشروع عربي مناهض للطائفية. الأول يجعل من الدين مشروعاً سياسياً، ومن الطائفية أداة لهذا المشروع. والثاني يخلق فراغاً لتمدد المشروع. ما هو مطلوب في الحال العربية، كما أشرت من قبل، تفكيك الخطاب الطائفي، وطرح بديل مناقض له، لعله يمهد لمشروع في الاتجاه نفسه تأخذ به الدولة.

 

 

والسعودية في هذا الظرف الإقليمي، بمركزيتها الروحية، وموقعها الاستراتيجي، وثقلها السياسي، وقيادتها الجديدة، مؤهلة للمبادرة بتبني مثل هذا المشروع، والدفع به على مستوى المنطقة، لأنه إذا كان العالم العربي يعاني من فراغ تمددت إليه ظاهرة الميليشيا كمنافس للدولة، ووصل الخطاب الطائفي فيه إلى حد منافسة خطاب الدولة، فلا أقل من أن تعمل الدولة على استعادة مركزيتها من دون منافس، وترميم هيبة خطابها.

 

تابعوا هوا الأردن على