اعادة " تدوير " المقالات والكتابات الصحفية
انفض السامر بعد احتفالنا في الأردن بالمناسبة العالمية اليوم العالمي لحرية الصحافة، وفي اليوم ذاته وما سبقه وما تلاه شهدنا العديد من الفعاليات الاحتفالية والمقالات في الصحف والمواقع الالكترونية والتي تباكت في معظمها على واقع الحال الصحفي وتحديدا على المستوى المحلي.
شخصيا، أحرص يوميا على قراءة إحدى الصحف اليومية الورقية اضافة الى عدد من المواقع الاخبارية لأكون على اطلاع دائم لما يحدث في البلد من أخبار وقضايا، طبعا اضافة الى الاطلاع ومعرفة أحدث المستجدات على المستويين العربي والعالمي، وخلال تصفحي اليومي أو ربما الليلي لتلك الصحف والمواقع كثيرا ما انصدم بعدد كبير من المواد الصحفية التي سبق لي قراءتها في صحيفة ما، أو موقع اخباري، اللهم لا تغيير سوى اسم "الصحفي" أو "الصحفية"، فكل ما في الموضوع قص ولصق تحت بند العمل الصحفي .. للأسف!
وكثيرا جدا ما أتساءل .. لماذا يتم "سرقة" الأخبار أو المواضيع أو ربما فقرات في بعض المقالات ونسبها لشخص غير كاتبها؟ ماذا يختلف هذا عن السرقة المادية، فسرقة الفكرة وسرقة العبارة والنص تندرج أيضا تحت مفهوم السرقة، ربما السرقة الصحفية إن جاز لي تسميتها كذلك!
خلال الفترة القصيرة الماضية، تعرضت أنا لحادثتين تم فيهما "سرقة" موضوعين لي كتبتهما لموقع رؤيا الاخباري، حيث أواظب فيه على نشر مجموعة من المقالات والرصد الصحفي لمواقع التواصل الاجتماعي للعديد من القضايا المحلية، العربية والعالمية، وأنا بهذا العمل أشبع نهمي وعشقي للعمل الصحفي، أستدرك فأقول بأنه تمت سرقة مادتين لي من علي موقع رؤيا الاخباري وتم اعادة نشرهما على موقعين اخباريين محليين، فكانت المادة الأولى عن ردود فعل مواقع التواصل الاجتماعي على غناء الفنانة اللبنانية "اليسا" الاغنية الوطنية "موطني" بلهجتها التي أثارت العديد من ردود الفعل، أما المادة الثانية فكانت رصد للتغريدة التي كتبتها الفنانة الاماراتية احلام ردا على أحد متابعيها الذي أساء لها بنشر صورة ومحادثة معها في حسابها الخاص على تويتر.
تمت السرقة .. بحيث نقل "الصحفي" أو "الصحفية" المواد التي كتبتها بالحرف، بالنقطة، بالفاصلة .. بكل ما فيها، ولكن طبعا حذفوا اسمي واسم رؤيا من المادة التي نسبوها زورا لهم، فبدت وكأنها لهم، ربما نسوا أو تناسوا هؤلاء "الأذكياء" الفرق في توقيت النشر، والذي بدا واضحا بأن السبق كان لرؤيا، فلا يعقل أن أنشر لرؤيا مكان عملي وأنشر لكما!
ولأنني لا أسكت عن حق لي، فقد اتصلت مع الموقع الذي سرق مادتي الأولى وعرفته بنفسي وقلت له: لماذا تعيدون نشر مادة لي لديكم بدون نشر اسمي عليها واسم رؤيا؟ لاتفاجئ بالرد من الشخص الذي عرّف عن نفسه بأنه صحفي ورئيس تحرير الموقع: شوفي يختي .. أنا ما سرقت مادتك، هدول الصحفيين اللي عندي!
هنا، أصابني الذهول وأنا على الهاتف في الجهة المقابلة له، لوهلة خطر على بالي المثل الشعبي "الهريبة ثلثين المراجل"، فهذا ما فعله هذا الصحفي الذي آثر الصاق التهمة بمن لديه من "صحفيين" .. عفوا، أقصد موظفين، ليستكمل الحديث معي قائلا: ولا يهمك .. هلأ بكتب اسمك عليها وبشطب اسم رؤيا! .. تخيلوا! هنا كانت الطامة الكبرى، يريد اقناعي بأن اسمي أهم من اسم رؤيا، بالتالي سيبدو أنني أعمل لصالح هذا الموقع .. تبا!
وفي هذا الصدد، قرأت تحقيق رائع لكنه مؤلم فيما يخص الواقع الصحفي في الأردن، فقد أبدعت الصحفية دلال سلامة عندما أعدت تحقيق بعنوان "صحفيون يعيدون نشر تغطياتهم القديمة أو ينتحلون تغطيات غيرهم .. عندما تصبح التقارير الصحفية قطع غيار للمناسبات"، وفيه أشارت الى الواقع الصادم المتمثل باستنساخ فقرات من المقالات أو اعادة تدويرها واعادة تدوير المواضيع الصحفية وتناقلها من عام الى آخر، وكأن هذه التغطيات مناسبة لكل زمان ومكان وربما صحيفة!
إذا أردنا تطوير العمل الصحفي، علينا أولا العمل على أخلاقيات المهنة، علينا أن نبدأ من أنفسنا كأفراد ولاحقا تطوير التشريعات ووضع الأنظمة والتعليمات في المؤسسات الصحفية، فإن صلح الأفراد صلحت المؤسسات القائمة على عدد من الأفراد متنوعين الخبرات والأفكار والآراء، فقد أصبح لزاما علينا اعادة الهيبة للمهنة الصعبة والمهنة التي تؤثر على المجتمع بأسره، فلقد قالها جوزيف غوبلز – وزير اعلام هتلر "اعطني اعلاما بلا ضمير .. اعطيك شعبا بلا وعي".