المدينة الفاضلة: تويتر وفيس بوك لاند!
خلال جلسة خاصة ضمت مجموعة من الأصدقاء والزملاء الذين يعملون في قطاعات مهنية مختلفة تم الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من المحاور وتقييم عام للتصرفات والسلوكيات التي تتم على تويتر والفيس بوك.
أجمع معظم المتحدثين وهم يمثلون شرائح اجتماعية واقتصادية متنوعة وثرية في المعارف والخبرات والتجارب، بأن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي يشبه ما كان متعارف عليه سابقا بمصطلح "المدينة الفاضلة".
تلك المدينة التي كانت حلما يراود الفيلسوف الشهير أفلاطون، ومن بين التعريفات لها على موسوعة ويكيبيديا نقرأ "مدينة يجد فيها المواطن والمقيم والزائر أرقى وأكمل أنواع الخدمات وبأسلوب حضاري بعيداً عن التعقيد وبعيداً عن الروتين ومن غير تسويف وبعيداً عن سوء التعامل"، إذا .. هل هذا ما يتم على مواقع التواصل الاجتماعي؟ من خبرتي الخاصة والممتدة منذ سنوات في عالم مواقع التواصل الاجتماعي بادارة حسابي الشخصي على تويتر الذي يزيد عدد متتبعيه على الـ 37.000 شخص، والفيس بوك 5000 صديق أجد أن معظم التغريدات والعبارات تكون ايجابية لحد غير منطقي، فالمعظم ينتقد سلبيات المجتمع التي لم تعد خافية على أحد من حيث السرعة الزائدة على الطرقات، حوادث السير، القاء النفايات في الشوارع والأماكن العامة، اساءة التصرف مع الآخرين وغيرها.
والمعظم يقدم وصفات جاهزة لعلاج كل تلك الظواهر وغيرها وربما الأكبر منها، كل ذلك يتم وأحدهم أو إحداهن يحتسي فنجان القهوة الصباحي ويكتب كل المثاليات التي يحلم بها ويصور لنا الوضع وكأنه الحالة الوردية المثالية، فقد صدق الممثل دريد لحام الذي قال في إحدى المسرحيات "بحاربوا معنا في الاذاعة"!.
فكثيرا ما أقرا على مواقع التواصل الاجتماعي بأن مجتمعنا من أفضل المجتمعات وإن حدثت جريمة أو تصرف غير لائق سواء كان صادر من فرد أو جماعة تجد من يُصطلح على تسميتهم بـ "كتّاب التدخل السريع" وقد سارعوا الى دعوة الآخرين لعدم تضخيم الأمور، فما يحدث برأيهم عادي ولا يتعدى كونه تصرف فردي! .. تصرف فردي؟ حسنا، أليس هذا المجتمع وهذه الدولة قائمة على وجود مجموعة من الأفراد؟ وهؤلاء بطبيعة الحال بمجموعهم يشكلون المجتمع والحي والحارة التي نعيش فيها؟! .
فلماذا نستهجن ونستنكر على أي طرف على مواقع التواصل الاجتماعي يدعو الجهات المعنية ويدعو الأفراد أنفسهم لقرع الجرس فهناك خطر ما علينا مواجهته بدلا من دفن الرأس في التراب كما النعامة والاكتفاء بتغريدات وعبارات على الفيس بوك لا تُسمن ولا تُغني من جوع تشعرنا تماما بأننا في المدينة الفاضلة من خلال الدفاع المستميت عن جهة ما أو أفراد بعينهم، دون النظرة الى الصورة العامة بشمولية واضحة! لنكن واقعيين، لنكن عمليين، لنكن وطنيين من تلقاء أنفسنا، ولا نسمح لأنفسنا بتجاهل أي سلبية في مجتمعنا، فالحل الأفضل والذي يجد نفعا هو أن نعترف بما لدينا من مشاكل وظواهر سلبية والعمل على حلها أو التقليل منها من خلال طرق عملية فعالة لا من خلال التجمهر والتجمع عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة اسكات أي طرف معارض لنا ويبحث عن الحلول لأي ظاهرة أو مشكلة فردية كانت أم عامة.
ففي النهاية الكل يعيش في هذا المجتمع حتى وإن اختلفت الظروف الاقتصادية، الاجتماعية والتعليمية لكل منا إلا أن هناك العديد من الروابط المشتركة التي تجمعنا، إنها أكبر من مجرد تغريدة على تويتر أو عبارة على الفيس بوك مع ايماني الشديد بأهمية مواقع التواصل الاجتماعي وايماني العميق بالوعي الموجود لدى الفئة الأكبر من مستخدمي هذه المواقع، فلا نجدهم ينساقون لبعض التصرفات أو التجمهر في تكتلات وإن بدت غير معلنة عبر الفيس بوك وتويتر، لكن صدق المثل الشعبي القائل "حارتنا صغيرة وبنعرف بعض كويس"!.
مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن تكون تصرفاتنا عليها واقعية، منطقية وعقلانية .. فلا مجال لنكران العديد من الظواهر السلبية في مجتمعنا، لنكن يد واحدة ونقدم الحلول والمبادرات الاجتماعية والافكار الابداعية لتطوير بيئتنا، وحارتنا ومجتمعنا.
فهذا ما سينعكس حتما على تطوير مجتمعنا، لنعترف بما لدينا من مشاكل ولا نواصل الدفاع الخاطئ وتسخيف الأمور بما يبدو وكأننا نعيش في المدينة الفاضلة .. تويتر وفيس بوك لاند!