هل للصناعة مستقبل؟
سؤال لا بد أنه كان ماثلاً امام المسؤولين عند إعداد وثيقة الأردن 2025 ، فهل الأردن بلد صناعة أم بلد خدمات؟ وقد اختاروا أن يكون الأردن بلد صناعة بدليل أن الخطة تستهدف رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من 22% سنوياً في سنة الأساس إلى 27% عام 2025 أي أن الصناعة ستنمو بمعدلات تفوق معدل النمو الاقتصادي العام في الوقت ذاته فإن الخطة تتوقع تراجع مساهمة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي من 68% في سنة الأساس إلى 61% بعد عشر سنوات.
بعبارة أخرى ترى الخطة أن مستقبل الأردن يكمن في الصناعة وليس في الخدمات. وكانت جميع خطط التنمية الثلاثية والخمسية السابقة قد أخذت بهذا الاتجاه ، واستهدفت زيادة مساهمة الصناعة وتخفيض مساهمة الخدمات ، فتحققت نتائج عكسية ، فالأردن شئنا أم أبينا بلد خدمات في المقام الأول. أما الصناعة فهي قطاع ضعيف غير قادر على المنافسة لا في السوق المحلي ولا في أسواق التصدير وهو يتوقع الدعم من الحكومة. ما سيحدث عملياً أن إسهام الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي سوف يواصل ارتفاعه لأنها تجسد مزايا الأردن الواقعية.
المقصود بالخدمات هو السياحة ، الرعاية الطبية ، التعليم العالي ، الاتصالات ، التكنولوجيا ، البنوك ، التأمين ، التجارة ، النقل إلى آخره. وهي تتقدم بقوتها الذاتية وتعتبر رافداً لتمويل الحكومة وليست عالة عليها.
أما الصناعة فهي تقرع أبواب الحكومة لإنقاذها ، لأنها غير قادرة على المنافسة لا في سوقها المحلي ولا في أسواق التصدير ، وهي تطالب بالمزيد من الإعفاءات والتسهيلات والحماية لأنها تحت الضغط بسبب السياسة التجارية غير الحكيمة التي أخذت بها الحكومات المتعاقبة وأقصد عقد اتفاقيات تجارة حرة مع بلدان صناعية متقدمة ، مما يعني غمر السوق المحلية بالمنتجات المستوردة دون أن تتوفر القدرة على مقابلة المستوردات بصادرات مماثلة أو مقاربة في قيمتها.
اتفاقات التجارة الحرة مع أوروبا وتركيا والسعودية حكمت على الصناعة الأردنية بالاضمحلال وهي تعني انفتاحاً تجارياً من جانب واحد ، فالميزان التجاري يميل ضد الأردن لدرجة فادحة.
من يتوقع من الصناعة الأردنية الصغيرة أن تنافس منتجات العمالقة الذين تعاقدنا معهم على الانفتاح المتبادل ، وكيف تصمد الصناعة الأردنية الهشة أمام المنتجات التركية والخليجية المدعومة؟.