سعادة الوزير !
في الوقت الذي كنا وما زلنا نطلق على عضو الحكومة لقب " معالي الوزير " كانت دول الخليج تطلق عليه لقب " سعادة الوزير " واليوم صار للسعادة في دولة الإمارات العربية المتحدة وزيرا أو وزيرة للسعادة ، وقد أثار قرار سمو الشيخ محمد بن راشد بإنشاء وزارة للسعادة ، وأخرى للتسامح ، وثالثة للتغير المناخي ، ورابعة لشؤون المستقبل ، وخامسة لتنمية المعرفة ، فضلا عن منظومة وزارات التعليم ، ردود أفعال مختلفة ، أهمها وأفضلها تلك التي تعرفت سابقا على فكر ذلك الرجل الذي رفع شعار "دور الحكومة إسعاد الناس " عاقدا من أجل ذلك العديد من اللقاءات وورشات العمل خلال السنوات القليلة الماضية .
القرار الذي اتخذه الشيخ محمد بن راشد بصفته رئيس وزاراء الإمارات جاء في سياق استراتيجية وخطط موضوعة وبرامج تنفيذية ، وليس مجرد فكرة آنية لمعت في ذهنه قبل اتخاذ القرار ، وهو بذلك يقدم نموذجا جديدا ، سبق أن عبر عنه قبل ما يزيد عن أربعين عاما الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبه ، عندما تبنى مفهوم تأمين " فرحة الحياة " كهدف حيوي للحكومة من خلال توفير جميع الخدمات للمواطنين ، وتسهيل حياتهم اليومية ، واحتياجاتهم من الماء والكهرباء ووسائل النقل والدخل المناسب الذي يفي بمتطلبات العيش الكريم !
لم تكن شؤون الحياة معقدة في ذلك الحين إلى هذا الحد ، وهي ليست كذلك في بلد غني كدولة الإمارات العربية المتحدة ، ولكن الأحوال في منطقتنا تعيسة جدا ، فنحن في الأردن مثلا محاطون بأسوأ الكوارث ، وأقبح صور الموت والدمار ، وصارت "كشرتنا " مضرب مثل من فرط ما نعانيه من انعكاسات لتلك الكوارث التي تبعث إلينا بمزيد من اللاجئين المعذبين ، والعمالة الوافدة الهاربة من سوء الأوضاع في بلادها الأصلية ، فكيف لنا أن نشعر بالسعادة والمثل الدارج يقول " رافق المسعد تسعد " ؟!
ثمة ما يقابل السعادة إن لم تكن حاضرة ، هناك ما يعرف " بالصبر الجميل " ذلك الذي يجعل الأمل يعلو على أي شعور آخر حين يستند إلى قيمة الإنسان وقيمه ومبادئه ، فالرفاهية في حد ذاتها ليست كافية ليصير الإنسان سعيدا ، وفي هذه الحالة فإن أكثر ما يسعد الإنسان الأردني هو أن يرى بلده صامدا وقادرا على مواجهة التحديات ، سائرا إلى الأمام رغم العراقيل ، ولكن ذلك لا يعفينا من التفكير في السعادة كهدف للدولة ، فللسعادة معان كثيرة ، ومنطلقات عديدة !