ما بين زوجة و سكرتيرة
كثيراًما سمعنا عن حالات زواج أو حتى علاقات حدثت من وراء الكواليس ما بين مدراء وسكرتيراتهم او مساعداتهم ان اصح القول,حيث ازدادت نسبه هذا الزواج او هذه العلاقات المحرمة من هذا النوع بشكل ملحوظ في الآونة الاخيرة في مجتمعنا,بالأخص مع تزايد الانفتاح الوظيفي, ولعل ذلك يقدم طرفين من وجهات النظر: فيرى البعض بأنها علاقة طبيعيه جداً و ايجابية و التي بدورها تقلل من نسبه العنوسة في المجتمع عن طريق الزواج الحلال ,و بأن الشرع أجاز للرجل مثنى و ثلاث و رباع,و بأن زوجاتهم قد أهملنَ انفسهنّ و من ثم اهملن رجالهنّ بالمقابل ,فيرى هذا الرجل منزله كمعسكر حربيٍّ بأشخاصه و مكنوناته محصورفقط بالواجبات و الطلبات و المسؤوليات,وما الى ذلك من حجج واهيه أم حقيقيه ,و يراها الطرف الآخر من القضية بانها ظاهرة سلبية تعود على فاعلها بالضرر و بالخسارة العظمى و بالارهاق النفسي ,وبأنها تقود الى الزنا بالعين ,وخرق مواثيق الاخلاص و عهد الزواج ووعوده لزوجته المتمثلة بالوفاء و الاستمرارية بالحب ,وبانها وصفت بالانانيه و تفضيل النفس على الزوجة و العائله كافة,والتي تترتب نتائجها بسرقه الازواج و تفكيك الاسر و هدم بيوتٍ بأسرها و صرف اموال باستهتار لاجل المتعة المفعمة باحتمالية حدوث هذا الزواج,بينما اهل بيته هم الأحق بهذه الاموال .
يتقدمن الكثيرات من الفتيات لشاغر " سكرتيرة المدير" و تتمحورأسبابهنّ لشغر هذه الوظيفةحينها فقط لكسب الرزق أو لتعبئة اوقات فراغهم اليومي بعمل ينتفع به,او غيره الكثير من مظاهر التقدم لاي وظيفة طبيعية تقليديه كانت,حيث ان البعض منهنّ من يضمرن النوايا الحسنة و الرزق الحلال, لكن البعض الآخر تستحوذهن نوايا السيطرة على هذا المدير و على هذه الشركة بأساليب متشعّبة التطبيق,محاولات لجعل كلمتهن هي الاولى و الاخيرة , حيث يصنعن من انفسهنّ مراكز قوة,مراجع للاستشارة, و البئر الأعمق لأسرار رؤسائهن, و من هنا تبدأ الحكاية.
تتبع سكرتيرة" البعض الآخر" مما ذكرت سابقاً أساليب متنوعة لصيد هذا المدير و إيقاعه في شباكها لغايات مختلفة الظرف و المكان,تبدأ بخطوات النجاح و اثبات الذات في هذه المؤسسة و على مرأى هذا المدير ,تعمل بإتقان و بدقة محاوِلةً جاهدة بعدم ارتكابها لأيّة أخطاءٍ مهنيةٍ و بالتالي استبعادها من تسليط مجهر اللوم و الحساب أمامه و امام الموظفين كافة ,حينها يتمسك بها المدير بيديه و أسنانه بعد التيقن بأنها هي المفتاح لمعظم اقفال هذه المؤسسة و المحفظة المحكمة الاغلاق لأسرارعمله , و كونه ايضاً يوفر على نفسه الكثير من مجهود تكرار و تكرار شرحه لتفاصيل العمل و تعديل الاخطاء المستمرة، شهراً بعد شهر,يوما بعد يوم,ساعاتٍ اضافية أخرى بالعمل والتي يقابلها ساعات غيابٍ أكثر للمدير عن زوجته و عائلته,يبث فيه ذلك الارتياح الداخليّ و السكون النفسي والذي لطالما تجردوا من شخصيته الثائرة خلال عمله و أمام موظفينه,فلم يعد ذلك المدير الحازم الشديد العقاب الجدي الملامح دائم الانفعال,فهنالك اللين و خفة الدم و القاء النكت و كلمات المديح و الاعجاب و التي حرمت منها زوجته سنواتٍ عديدة بعد أن تآكلت علاقتهما بفعل الروتين و الملل و الجمود,و عندما يصل لهذه السكرتيرة إحساسه المعجب و المائل وراء خطواتها على الارض و الذي كاد بأن يتبقى من هذا الاحساس شعيرات رفيعة السماكة حتى تنقطع و توقع به في هاوية الغرام ,تبدأ باخراج اسلحتها الدفينة ,فتباشر بالتصرف ليس فقط كسكرتيرة بل كأنثى هذه المرة, لافتةً انتباهه بشكلٍ آخر تماما,فتراها تلدغ بمعظم أحرف الهجاء عند تحادثها معه, مذابة بالخجل ,مرتدية ملابس ملفتة النظر,ملوّحة بخصرها والذي تحول فجأة الى أمواج بحرٍ راقصة أثناء مشيها حاملة ملفات العمل من و الى المدير,تراها تنثر عطرها الخاص على نفسها بكميات مبالغ بها لدرجة تفجير نزواته و شهواته لحظة دخولها من الباب,تراها مهتمة بمكتبه والذي ملئته منذ وصولها بمزهرية من الورود الحمراء, و اعتنائها برائحته الزكية و من ثم اغلاقه لمنع اي انسان من الدخول اليه,فمن هنا تتفتح بصيرة المدير لهذه الفتاة ,فسرعان ما يبدأ بملاحظة طول شعرها و انحناءات جسدها و نعومتها, حتى طريقة وضعها لمكياجها,و يبدأ العيش داخل تناقضات العقل و القلب,المنطق و اللا منطق, فتصبح بالنسبة له جزءاً لا يتجزأ من عقله و قلبه و كيانه كله, فتستمر نزواته وعواطفه بإقحامها اكثر فأكثر بتفاصيل حياته,فيجعل منها المتنفس لهمومه و مشاكله و ضغوطاته العملية مجرورة الى الاسريةِ و الزوجية منها,تراه يفقد عقله حين تأخرها او تغيبها عن العمل لساعات او لأيام,وان جلس مع عائلته على سفرةٍ واحدة جلس بجسده فقط تاركأ روحه خارج أسوار هذا البيت, و كأن هذه الزوجة التي رافقته حياة طويلةً بحلوها و مرّها و أنجبت أولاده و جعلت منهم جيلاً يفخر بهم مع الايام,و التي لطالما صبرت على غيابه في سفره و إهماله لها, و تأرجحت على أوتار مزاجه المتقلب ,هي تلك المرأة التي بقيت وراءه حتى جعلت منه رجلا عظيماً يُحسَد على ما هو عليه , قد كبرت و هرمت و اصبحت بلا فائدة او نفع, و كأنها ورقة خريف سقطت على ارصفة طرق باردة بعد ضعفها وانكسارها لتظهر مكانها ورقة ربيع اخرى, لكن لو يدري بأن هذه الورقه قد أُسقِطت بفعل رياحٍ شديدة الهبوب ألا و هو زوجها " المدير",ليعيش هو الاّخر هرماً متجددا يافعاً و شبوبيةٍ واهمة قد خانته بمصداقيتها و أوجدت به عشقاً تالفاً بأنصاف دقات قلب,وسط أنصاف قرونٍ تائهة الخطى,متعطشة النزوات,ملطخاً شعره الابيض بالصبغة السوداء لعل و عسى ينجح في اخفاء ملامح تقدم العمر و الهِرم ,لكنه في الحقيقة يخفي هويته و ملامح الرجل الذي لطالما كان القدوة و المثال المكتمل الزوايا لأولاده و الفارس المخلص المحب لزوجته.
إن الكثير من قارئي موضوعي هذا من المحتمل بأن يعارضونني الرأي و بالاخص ذوو العلاقة انفسهم,لكنني في بدء الامر لم اعمم بل خصّصت قولي" بالبعض الآخر",فلم لا تكوني ايتها الفتاة من البعض نفسه و ليس الآخر منه,انني لا اكتب شيئاً خارجا عن قناعاتي او منطقي كإنسان,والتي قد تم اثباتها بشهادات موثقة من نساء و امهات و زوجات و سكرتيرات ايضا ,او حتى خبراً سمعته في الكثير من الاحيان على فنجان قهوة الصباح,انني لم اشغل هذا المنصب في حياتي, وهو ليس بعيبٍ او حرام او حتى عمل مناف للاخلاق ,ابداً,لكنني اعارض كل فتاة تستغل هذا المنصب لصالحها لتزف على دموع أم و زوجة مكسورة الخاطر جالسةً في بيتها بلا حول لها او قوة,تحرقها افكارها و غيرتها و مشاعر خيانة رفيق دربها للعشرة و المودة,لتزف على قهر أبناءه الذين خسروا أمان العائلة و خسروا تواجد هذا الاب بجانبهم قلباً و قالبا معظم الوقت,و كأن لعنة هذه السكرتيرة قد حلت عليهم وأنزلت بسخطها على أركان هذا المنزل,فتصوري ايتها السكرتيرة هذه الزوجة و بادلي أدواركن و لو لثوان معدودة, لتعيشي لحظات الحسرة و الالم و الندم على قلب قُدّم بلا مقابل لرجل قام بإلقائه بعيدا خارج حياته بعد سنوات طويلة, فلا تشعلِ حربا ليست لك,و لاتعيشِ حياةً ليست ملكك, ولا تسلبِ رجلا ليس من حقك,واتقِ الله في عملك و اخلصِي النية فهذا وحده كافٍ لجلب ابواب رزق واسعة و ليس باب واحد,و انت ايها المدير ,ان كنت تخشى الله فاخشى شعور امرأتك,وان كنت تريد البريستيج فالسكرتير الرجل ايضا ينفع لهذه الغاية ,فان كنت تشتعظ غيرةً على امرأتك وزوجتك من نظرة الغريب,فما شعورها هي عندما تقوم انسانة غريبة عنها باستملاكها تدريجيا ليس فقط لعقلك و قلبك ووجدانك او حتى لمالك, بل لجسدك وكيانك ايضاً ,فاذخر معروفها معك و اسندها في مكبرها فهي وحدها التي تسندك عند مكبرك,فأقل ما يمكنك فعله,بأن تستوصي بها خيرا,أكثير عليها ذلك؟