انكماش الموازنة العامة
لا لزوم بعد الآن لاستعمال أرقام إعاده التقدير لبنود الموازنة العامة لسنة 2015 كما وردت في مشروع موازنة 2016 ، فقد ظهرت الأرقام الفعلية وجاء الوقت لمقارنتها أولاً مع ما كانت عليه في السنة السابقة ، وثانياً مع أرقام الموازنة التي صدرت بقانون.
في الحالتين يتضح أن التطبيق الفعلي لموازنة 2015 جاء بأرقام تقل إجمالاً عما كان عليه الحال في السنة السابقة ، وهذه ظاهرة غير عادية لأن المتوقع أن ترتفع أرقام الموازنة سنوياً لتعكس النمو الاقتصادي والسكاني والتضخم.
من ناحية أخرى فقد جاء التنفيذ دون المستوى الوارد في الموازنة المقررة. أي أن الصفة العامة لتنفيذ موازنة 2015 هي الانكماش.
الموازنة العامة الأردنية تعتبر كبيرة جداً بالنسنة لحجم الاقتصاد الوطني إذ بلغ مجموعها 3ر32% من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 ، وانخفضت النسبة إلى 1ر29% في 2015 مما يمكن ، في ظروف أخرى ، أن يعتبر مؤشراً إيجابياً على تراجع القطاع العام لحساب القطاع الخاص.
الإيرادات المحلية والمنح الخارجية والنفقات الجارية والرأسمالية كلها سجلت تراجعاً عما كانت عليه في السنة السابقة وتراجعاً أكبر عما هو مقرر في الموازنة العامة.
وإذا كان انخفاض النفقات العامة بنسبة 6ر1% خطوة جيدة ، فإن انخفاض الإيرادات العامة بنسبة 5ر6% ليس ظاهرة صحية. كما أن انخفاض حصيلة المنح الخارجية بنسبة 3ر28% يشكل صدمه مؤثرة ، لأن الأردن يعتمد عليها في تمويل المشاريع الرأسمالية.
بالنتيجة فإن الزيادة الوحيدة في جداول الموازنة العامة هي ارتفاع العجز بنسبة 1ر59% عما كان عليه في السنة السابقة وبنسبة 2ر98% عما هو مقرر في الموازنة العامة ، وهي خطوة بالاتجاه المعاكس.
في هذا المجال لا بد من الوقوف عند مؤشر هام هو معدل الاكتفاء الذاتي ، اي نسبة تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية والتي لا يجب أن لا تقل عن 100% ، فقـد انخفض المعدل من 8ر89% في 2014 إلى 3ر89% في 2015، وكانت الموازنة العامة قد استهدفت الارتفاع بمعدل الاكتفاء الذاتي إلى 7ر93%.
بطبيعة الحال يمكن استدعاء الظروف الإقليمية الصعبة لتفسير هذا التراجع في أداء الموازنة العامة ، ولكن هذه الظروف لم تأت ِ كمفاجأة ، فقد كانت موجودة ومعروفة عند إعداد الموازنة العامة وفي كل مراحل التنفيذ.