شمعة الربيع العربي التونسية
هلل العالم ممن يؤمن بالديمقراطية والليبرالية والتعددية وينحاز لهذه المعايير وقيمها، ورحب بنتائج المؤتمر العاشر لحركة النهضة التونسية 20/5/2016 وقراراته النوعية غير المسبوقة، ونظراً لاهميته حضره الرئيس التونسي الباجي قايد السيسي، ومراقبين مهتمين وممثلين عن الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية التونسية والعربية والاجنبية الصديقة .
فقد توقف المؤتمر امام تجربة الحركة الكفاحية في محطاتها الثلاثة : الاولى السرية في العهد القمعي والاعتقالات والتشرد، والثانية بعد انتصار الحركة الشعبية في اسقاط نظام زين العابدين بن علي 2011 وادارتها للدولة 2011 – 2013، والثالثة عبر المشاركة في الائتلاف الرباعي الذي يقود الدولة التونسية منذ انتخابات 2014 وحتى اليوم، بعد ان تراجعت الحركة من حصولها على الاغلبية البرلمانية الى ان حلت في الموقع الثاني ولها 69 مقعداً بعد حزب نداء تونس .
وكان قرار المؤتمر المتوقع وسبق وان بشر به رئيس الحركة ومؤسسها راشد الغنوشي الذي اعلن ان حركته جادة في الاستفادة من اخطائها قبل وبعد الثورة وهذا ما تضمنه تقرير المكتب السياسي المقدم للمؤتمر واعلن ان “ التخصص الوظيفي بين السياسي وبقية الحالات المجتمعية ليس قراراً مسقطاً او نتج عن الرضوخ لاكراهات ظرفية، بل هو تتويج لحركة تطور، ومسار تاريخي، تمايز فيه العمل السياسي عن الدعوي والمجتمعي والثقافي “، وخلص الى ان “ حركة النهضة ستتحول الى حزب يعمل في الحقل السياسي فقط، تاركة الشان الدعوي الديني للجمعيات المدنية “ وعليه قرر المؤتمر العاشر لحركة النهضة التونسية اتخاذ خطوتين : الاولى التحول نحو حزب سياسي مدني، لا صلة له بالدين، بل حزب سياسي وطني يسعى اعتماداً على فهمه ووعيه الاسلامي الى طرح برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تعكس رغبات الشعب التونسي وطموحاته وحل مشاكله، والخطوة الثانية فك ارتباطه مع حركة الاخوان المسلمين الام المصرية العابرة للحدود ومكتب ارشادها الاممي في القاهرة ، وبذلك خلص المؤتمر الى فتح البوابة نحو نقلة نوعية للعمل السياسي لحركة النهضة التونسية .
التحول الذي بادر له الرئيس الغنوشي وحركة النهضة، لا شك انه سيترك اثاراً ايجابية عابرة للحدود في العالم العربي سيستفيد منها احزاب اخوانية مماثلة، تختار لان تكون اولوياتها وطنية وتفصل العامل السياسي عن العامل الدعوي، فالسياسي متقلب وفق تطورات الاحداث وقياساته نسبية على عكس الدعوي الديني العقائدي فهو قيمي ثابت يوجه الانسان نحو خلاصه النفسي والشخصي بما يرضى، بينما السياسي لا يستطيع الا الانحناء امام متطلبات الواقع ومستجداته بهدف تطويره او تغييره .
حركة النهضة التونسية سجلت على انها الاولى في عالمنا العربي التي بادرت لهذا التغيير من حركة دينية الى حزب مدني، ولكن وقائع الاحداث المسجلة تشير الى ان بعض اخوة الاردن قد سبقوا ذلك وبادروا بشجاعة واعلنوا وطالبوا في وقت مبكر بهذا التغيير وبهذا التوجه وبهذه الرؤية ونحو هذا الخيار، ودفعوا اثماناً باهظة من الاذى والاساءات والفصل وغيرها من الاجراءات التعسفية على ايدي الفريق المحافظ الذي يقود حركة الاخوان المسلمين في الاردن، مثلما وسبق وجرى تغيير قريب من هذا للحركة الاسلامية في فلسطين مناطق 48، حينما قررت الحركة الاسلامية بقيادة عبد الله نمر درويش مؤسس الحركة ومعه ابراهيم صرصور واغلبية قواعد الحركة وقياداتها المشاركة في الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية وتحالفوا مع الحزب الديمقراطي العربي، برئاسة عبد الوهاب درواشة وفازوا بالانتخابات عام 1996، ولا زالوا منذ ذلك الوقت يشاركون في الانتخابات ويحققون نجاحات ملحوظة على عكس رائد صلاح الذي انقسم عن الحركة وبات هو الممثل الرسمي لحركة الاخوان المسلمين في مناطق الاحتلال الاولى عام 1948، في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، رافضاً فكرة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية .
حركة زمزم الاردنية التي يقودها العقل الدافيء، والروح الوثابة رحيل الغرايبة، ودعواته نحو التحول الى حزب سياسي وطني اردني برنامجاً واولوية، يُسجل لها انها صاحبة المبادرة، وله الفضل والشجاعة في دعوته المبكرة نحو فصل الفعل السياسي عن الفعل الدعوي، فالفعل الدعوي حالة عقدية بين الانسان وربه، بينما الفعل السياسي حالة عقدية بين البشر انفسهم بين الانسان والانسان، وبين المواطن والحزب السياسي، بين الناخب والمنتخب في النقابة او البلدية او البرلمان، وبين المواطن والدولة وفق منظومة الحقوق والواجبات، وهذا فرق نوعي كبير بين الحالتين، بينما انحاز رفيقه عبد المجيد الذنيبات للعمل الدعوي وبادر الى التكيف القانوني مع هذه الرؤية فنال ما نال من الاذى المماثل من طرف القيادة التقليدية، رغم انه سبق وان شغل موقع المراقب العام للحركة، وحظي بعضوية مكتب الارشاد الاممي للاخوان المسلمين، ومع ذلك لم يوفر له ماضيه الحماية من التشكيك بنظافته .
نجاح حركة النهضة التونسية في مسعاها ورؤيتها المستجدة، وفوز رئيسها بمبادرته واعادة انتخابه رغم محاولات منافسته من قبل البعض داخل المؤتمر يدلل على اهمية التوجهات التي عملوا لاجلها وساروا فيها، مما سيؤدي الى تعميم التجربة واشاعتها خاصة بعد الفشل التي منيت به حركة الاخوان المسلمين على اثر محاولاتها فرض خياراتها الحزبية، فتعرضت الى الاخفاق في مصر وليبيا والاردن وسوريا، وكما حصل مع حركة حماس الفلسطينية التي انفردت بالهيمنة على قطاع غزة فقدمت نموذجاً متدنياً من التسلط الاخواني، وتورطت في سوريا عبر انحيازها للمعارضة السورية المسلحة، وخسارتها للدعم السوري الايراني، وتورطها مع المعارضة الاخوانية المصرية ضد نظام الرئيس السيسي، مما فرض عليها حصاراً قاسياً تلهث لفكفكته، ولذلك فالافاق ما زالت مغلقة والوقائع متقلبة، امام مجمل فصائل حركة الاخوان المسلمين العابرة للحدود .
هلل العالم ممن يؤمن بالديمقراطية والليبرالية والتعددية وينحاز لهذه المعايير وقيمها، ورحب بنتائج المؤتمر العاشر لحركة النهضة التونسية 20/5/2016 وقراراته النوعية غير المسبوقة، ونظراً لاهميته حضره الرئيس التونسي الباجي قايد السيسي، ومراقبين مهتمين وممثلين عن الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية التونسية والعربية والاجنبية الصديقة .
فقد توقف المؤتمر امام تجربة الحركة الكفاحية في محطاتها الثلاثة : الاولى السرية في العهد القمعي والاعتقالات والتشرد، والثانية بعد انتصار الحركة الشعبية في اسقاط نظام زين العابدين بن علي 2011 وادارتها للدولة 2011 – 2013، والثالثة عبر المشاركة في الائتلاف الرباعي الذي يقود الدولة التونسية منذ انتخابات 2014 وحتى اليوم، بعد ان تراجعت الحركة من حصولها على الاغلبية البرلمانية الى ان حلت في الموقع الثاني ولها 69 مقعداً بعد حزب نداء تونس .
وكان قرار المؤتمر المتوقع وسبق وان بشر به رئيس الحركة ومؤسسها راشد الغنوشي الذي اعلن ان حركته جادة في الاستفادة من اخطائها قبل وبعد الثورة وهذا ما تضمنه تقرير المكتب السياسي المقدم للمؤتمر واعلن ان “ التخصص الوظيفي بين السياسي وبقية الحالات المجتمعية ليس قراراً مسقطاً او نتج عن الرضوخ لاكراهات ظرفية، بل هو تتويج لحركة تطور، ومسار تاريخي، تمايز فيه العمل السياسي عن الدعوي والمجتمعي والثقافي “، وخلص الى ان “ حركة النهضة ستتحول الى حزب يعمل في الحقل السياسي فقط، تاركة الشان الدعوي الديني للجمعيات المدنية “ وعليه قرر المؤتمر العاشر لحركة النهضة التونسية اتخاذ خطوتين : الاولى التحول نحو حزب سياسي مدني، لا صلة له بالدين، بل حزب سياسي وطني يسعى اعتماداً على فهمه ووعيه الاسلامي الى طرح برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تعكس رغبات الشعب التونسي وطموحاته وحل مشاكله، والخطوة الثانية فك ارتباطه مع حركة الاخوان المسلمين الام المصرية العابرة للحدود ومكتب ارشادها الاممي في القاهرة ، وبذلك خلص المؤتمر الى فتح البوابة نحو نقلة نوعية للعمل السياسي لحركة النهضة التونسية .
التحول الذي بادر له الرئيس الغنوشي وحركة النهضة، لا شك انه سيترك اثاراً ايجابية عابرة للحدود في العالم العربي سيستفيد منها احزاب اخوانية مماثلة، تختار لان تكون اولوياتها وطنية وتفصل العامل السياسي عن العامل الدعوي، فالسياسي متقلب وفق تطورات الاحداث وقياساته نسبية على عكس الدعوي الديني العقائدي فهو قيمي ثابت يوجه الانسان نحو خلاصه النفسي والشخصي بما يرضى، بينما السياسي لا يستطيع الا الانحناء امام متطلبات الواقع ومستجداته بهدف تطويره او تغييره .
حركة النهضة التونسية سجلت على انها الاولى في عالمنا العربي التي بادرت لهذا التغيير من حركة دينية الى حزب مدني، ولكن وقائع الاحداث المسجلة تشير الى ان بعض اخوة الاردن قد سبقوا ذلك وبادروا بشجاعة واعلنوا وطالبوا في وقت مبكر بهذا التغيير وبهذا التوجه وبهذه الرؤية ونحو هذا الخيار، ودفعوا اثماناً باهظة من الاذى والاساءات والفصل وغيرها من الاجراءات التعسفية على ايدي الفريق المحافظ الذي يقود حركة الاخوان المسلمين في الاردن، مثلما وسبق وجرى تغيير قريب من هذا للحركة الاسلامية في فلسطين مناطق 48، حينما قررت الحركة الاسلامية بقيادة عبد الله نمر درويش مؤسس الحركة ومعه ابراهيم صرصور واغلبية قواعد الحركة وقياداتها المشاركة في الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية وتحالفوا مع الحزب الديمقراطي العربي، برئاسة عبد الوهاب درواشة وفازوا بالانتخابات عام 1996، ولا زالوا منذ ذلك الوقت يشاركون في الانتخابات ويحققون نجاحات ملحوظة على عكس رائد صلاح الذي انقسم عن الحركة وبات هو الممثل الرسمي لحركة الاخوان المسلمين في مناطق الاحتلال الاولى عام 1948، في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، رافضاً فكرة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية .
حركة زمزم الاردنية التي يقودها العقل الدافيء، والروح الوثابة رحيل الغرايبة، ودعواته نحو التحول الى حزب سياسي وطني اردني برنامجاً واولوية، يُسجل لها انها صاحبة المبادرة، وله الفضل والشجاعة في دعوته المبكرة نحو فصل الفعل السياسي عن الفعل الدعوي، فالفعل الدعوي حالة عقدية بين الانسان وربه، بينما الفعل السياسي حالة عقدية بين البشر انفسهم بين الانسان والانسان، وبين المواطن والحزب السياسي، بين الناخب والمنتخب في النقابة او البلدية او البرلمان، وبين المواطن والدولة وفق منظومة الحقوق والواجبات، وهذا فرق نوعي كبير بين الحالتين، بينما انحاز رفيقه عبد المجيد الذنيبات للعمل الدعوي وبادر الى التكيف القانوني مع هذه الرؤية فنال ما نال من الاذى المماثل من طرف القيادة التقليدية، رغم انه سبق وان شغل موقع المراقب العام للحركة، وحظي بعضوية مكتب الارشاد الاممي للاخوان المسلمين، ومع ذلك لم يوفر له ماضيه الحماية من التشكيك بنظافته .
نجاح حركة النهضة التونسية في مسعاها ورؤيتها المستجدة، وفوز رئيسها بمبادرته واعادة انتخابه رغم محاولات منافسته من قبل البعض داخل المؤتمر يدلل على اهمية التوجهات التي عملوا لاجلها وساروا فيها، مما سيؤدي الى تعميم التجربة واشاعتها خاصة بعد الفشل التي منيت به حركة الاخوان المسلمين على اثر محاولاتها فرض خياراتها الحزبية، فتعرضت الى الاخفاق في مصر وليبيا والاردن وسوريا، وكما حصل مع حركة حماس الفلسطينية التي انفردت بالهيمنة على قطاع غزة فقدمت نموذجاً متدنياً من التسلط الاخواني، وتورطت في سوريا عبر انحيازها للمعارضة السورية المسلحة، وخسارتها للدعم السوري الايراني، وتورطها مع المعارضة الاخوانية المصرية ضد نظام الرئيس السيسي، مما فرض عليها حصاراً قاسياً تلهث لفكفكته، ولذلك فالافاق ما زالت مغلقة والوقائع متقلبة، امام مجمل فصائل حركة الاخوان المسلمين العابرة للحدود .