آخر الأخبار
ticker قرارات مرتقبة ومراجعة شاملة لمواقع قيادية في الأردن ticker المختبرات الطبية تدرس رفع الأجور ticker العرموطي يوجه 12 سؤالا للحكومة حول ضريبة المركبات الكهربائية ticker البنك الأردني الكويتي يبارك لمصرف بغداد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق لعام 2024 ticker عزم النيابية: خطاب العرش خارطة طريق لمرحلة جديدة ticker البرلمان العربي يثمن جهود الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية ticker برئاسة الخشمان .. تسمية اللجنة النيابية للرد على خطاب العرش ticker السفير البطاينة يقدم اوراق اعتماده في حلف الناتو ticker وزير العمل: إعلان الحد الأدنى للأجور خلال 10 أيام ticker رئيس هيئة الأركان يستقبل قائد قوات الدعم الجوي الياباني ticker لقاء تفاعلي حول التعليمات الصادرة عن نظام إدارة الموارد البشرية ticker النوايسة يلتقي أعضاء قطاع الإعلام الشبابي في المعهد السياسي ticker بالصور .. الأمن ينفذ تمرينا تعبويا شاملا لمواجهة الطوارئ ticker افتتاح مشروع نظام تجفيف الحمأة في البيوت الزجاجية الشمسية ticker المصري يؤكد أهمية تطوير أداء البلديات ورفع سوية خدماتها ticker وزير الأشغال يطلع على الأعمال النهائية لمركز حفظ المقتنيات الأثرية ticker ضبط كميات كبيرة من التمور مجهولة المصدر في الكرك ticker المستشار في الديوان الأميري الكويت يستقبل وزير الثقافة والوفد المرافق ticker الصبيحي: 2.23 مليار دينار إيرادات الضمان التأمينية لسنة 2023 ticker الحكومة تقر مشروع موازنة 2025 بنفقات إجمالية 12.5 مليار دينار

غزوة المناهج: لم ينجح أحد

{title}
هوا الأردن - باتر وردم

بعد حوالي شهر من المناكفات على وسائل التواصل الإلكتروني، وخلال الاعتصامات في الشوارع، وحرق المناهج المعدلة، والاتهامات المتبادلة، وتصيد الأخطاء من الطرفين، يمكن القول وبكل ثقة إن جميع الأطراف التي شاركت في الصراع المشتعل حول تعديل الكتب المدرسية قد خسرت بالمقاييس كافة، بل وقدمت نموذجا بائسا لكيفية الحوار أمام من يفترض أن يكون الجميع حريصين على مستقبلهم، وهم الطلبة.
قد يعتقد البعض، محقا، أن طرفا ما قد انتصر في معركة الانطباعات وليس الحقائق. وبالفعل، تمكن المعسكر المعارض لتعديل الكتب المدرسية من نشر نظريته المزعومة أن هذه التعديلات هي لمحاربة الدين وتفكيك القيم الأخلاقية في أوساط كبيرة في المجتمع، وهو ما يمكن قياسه من خلال متابعة ما يسمى الحوارات على وسائل التواصل الإلكتروني والإعلام التقليدي، بل حتى المناقشات العائلية والاجتماعية المباشرة. للأسف، كانت الحقيقة هي الضحية الرئيسة لهذا الصراع.
الحملة المضادة للتعديلات استخدمت وسيلة قوية للتأثير، هي انتقاء بضع صفحات من الكتب الجديدة والتركيز عليها، وادعاء أن هذه التعديلات أدت إلى التخلي عن بعض النصوص الدينية، واستبدال رسمة امرأة محجبة في بيتها برسمة لامراة غير محجبة؛ كما تغيير أسماء بعض الشخصيات في الكتب، بل وحتى اعتبار أن اختيار نص لجبران خليل جبران في أحد مباحث اللغة العربية هو ترويج لنظرية الهيكل اليهودي المزعوم في القدس. وللأسف الشديد فإن هذه الحملة قد تخطت مرحلة التحريض الانتقائي في بعض الحالات، حتى وصلت مرحلة الكذب العلني -وهي أمر يرفضه الإسلام وكل الأديان- عن طريق وضع صور لكتاب منهجي إسرائيلي باللغة العربية يدعي أن القدس عاصمة الدولة الصهيونية، واعتبار ذلك نصا من وزارة التربية والتعليم الأردنية! 
كان من المؤسف ايضا مشاهدة عدد كبير من المعلمين يقومون بحرق الكتب المدرسية علنا. بغض النظر عن الموقف من هذه الكتب، والتي ما تزال بالضرورة تحتوى على الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، فإن من المهم أن نتساءل عن القيمة التي يقدمها المعلمون إلى طلبتهم بهذا السلوك. فإذا كان المعلم المؤتمن على حرمة التعليم ومكوناته التي تتضمن الكتب المدرسية، لا يتوانى عن حرق هذه الكتب بسبب قناعات أيديولوجية معينة أو حتى انطباعات خاطئة، فمن يلوم الطلبة في حال قاموا بتمزيق كتبهم وحرقها، ليس فقط بعد الامتحان النهائي كما جرت العادة، بل أثناء العام الدراسي؟
الكتب المدرسية ليست منظومة دينية، بل هي مصدر للتعليم والمعرفة المحايدة التي يجب أن تكون موجهة للطلبة الأردنيين كافة، من مختلف الأديان والتوجهات الفكرية. ولا خلاف على أن مضمون الكتب المدرسية الرسمية بحاجة إلى إعادة صياغة وتعديل منهجي وشمولي، يركز على قيم التفكير الحر والناقد واكتساب المهارات والمعارف اللازمة للعمل والحياة في القرن الحادي والعشرين. كما لا يختلف اثنان على الحاجة إلى تعديل المناهج. لكن، هل يتم ذلك عبر تغييرات فردية ومستفزة للمشاعر الدينية وغير مرتبطة بحملة ترويج وتوضيح شاملة، كما حصل للأسف في الطريقة التي اتبعتها لجنة وزارة التربية، مع كل الاحترام لوجهة نظرها؛ أم إحداث تطوير شمولي للمناهج يتضمن المزيد من قيم التعددية الفكرية والسياسية والتسامح والتفكير العلمي النقدي الحديث والتركيز على الهوية الأردنية الوطنية بشكل أكثر جاذبية مما هو حاصل حاليا؟ لا شك أن الخيار المطلوب هو الخيار الثاني. وهناك لجنة ملكية تعكف منذ مدة على بلورة استراتيجية متكاملة لتطوير المناهج الدراسية، لكن فرص نجاح هذه اللجنة باتت مهددة الآن نتيجة طغيان ردود الفعل الانطباعية السلبية السائدة حاليا. 
كما يحدث في المدارس المتعثرة التي تعاني من نقص الموارد والمعلمين، فإن النتيجة النهائية لهذه المعركة الطاحنة، لكن الوهمية، كانت في عدم نجاح أحد. لا لجنة وزارة التربية تمكنت من إحداث التغيير المطلوب، بل ربما تكون قد هددت نجاح أي محاولة لاحقة، ولا الحملة التي قادتها نقابة المعلمين وبعض التيارات السياسية والنشطاء عبر صفحات التواصل الاجتماعي ارتقت إلى الحد الأدنى المطلوب من احترام الحقيقة والمنطق والقيم التعليمية السليمة، وحتى القيم الدينية التي ادعت الدفاع عنها. الخاسر الأكبر في النهاية كان النظام التعليمي الذي كان الأردن يفاخر به جميع الدول العربية قبل سنوات، وما عاد الآن نموذجا جذابا لا لإخوتنا العرب ولا للأردنيين أنفسهم. كما يبدو المستقبل أكثر قتامة في سياق العقلية المغلقة التي تقاوم التحديث في المناهج التعليمية.

 
 
تابعوا هوا الأردن على