آخر الأخبار
ticker البحث الجنائي يكشف ملابسات جريمة قتل سيّدة في عام 2006 في محافظة الكرك ticker مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشائر السواعير والأزايدة والشديفات والأرتيمة ticker الأردنيون خلف نشميات السلة في مواجهة ايران اليوم ticker عمان الأهلية تحتفل بيوم العلم الأردني بأجواء مميزة ticker معرض للجامعات الأردنية في السعودية ticker رابطة العالم الإسلامي تؤكد وقوفها وتضامنها مع الأردن ticker الأمم المتحدة: 500 ألف نزحوا بغزة منذ منتصف آذار الماضي ticker منتخب السلة للسيدات يفوز على نظيره السوري ticker صرح الشهيد يحتفل باليوم الوطني للعلم الأردني ticker رابطة علماء الأردن تستنكر كلِّ أشكال العبث أو المساس بأمن المملكة ticker بالصور .. جامعة البلقاء التطبيقية تحتفل بيوم العلم الاردني ticker الدبعي يرعى ختام مسابقة هواوي الإقليمية لتقنية المعلومات في عمّان ticker المهندسين : نُحيّي جهود أجهزتنا الأمنية ونؤكد أن أمن الأردن فوق كل اعتبار ticker معهد العناية بصحة الأسرة يحتفل باليوم الوطني للعلم الأردني ticker سفيرة جديدة لـ بروناي في الأردن ticker تخصيص 350 ألف دينار لتنفيذ مشروع النُّزُل البيئي في محمية اليرموك ticker الموافقة على اتفاقية مشروع تعزيز النظام البيئي في حسينية معان ticker بالصور .. المحكمة الدستورية تضيء مبناها بيوم العلم ticker توقيف لبنان لأعضاء في حماس .. هل له ارتباط بملف الأردن ؟ ticker إنزلاق مؤشرات الأسهم الأميركية بشكل كبير

غزوة المناهج: لم ينجح أحد

{title}
هوا الأردن - باتر وردم

بعد حوالي شهر من المناكفات على وسائل التواصل الإلكتروني، وخلال الاعتصامات في الشوارع، وحرق المناهج المعدلة، والاتهامات المتبادلة، وتصيد الأخطاء من الطرفين، يمكن القول وبكل ثقة إن جميع الأطراف التي شاركت في الصراع المشتعل حول تعديل الكتب المدرسية قد خسرت بالمقاييس كافة، بل وقدمت نموذجا بائسا لكيفية الحوار أمام من يفترض أن يكون الجميع حريصين على مستقبلهم، وهم الطلبة.
قد يعتقد البعض، محقا، أن طرفا ما قد انتصر في معركة الانطباعات وليس الحقائق. وبالفعل، تمكن المعسكر المعارض لتعديل الكتب المدرسية من نشر نظريته المزعومة أن هذه التعديلات هي لمحاربة الدين وتفكيك القيم الأخلاقية في أوساط كبيرة في المجتمع، وهو ما يمكن قياسه من خلال متابعة ما يسمى الحوارات على وسائل التواصل الإلكتروني والإعلام التقليدي، بل حتى المناقشات العائلية والاجتماعية المباشرة. للأسف، كانت الحقيقة هي الضحية الرئيسة لهذا الصراع.
الحملة المضادة للتعديلات استخدمت وسيلة قوية للتأثير، هي انتقاء بضع صفحات من الكتب الجديدة والتركيز عليها، وادعاء أن هذه التعديلات أدت إلى التخلي عن بعض النصوص الدينية، واستبدال رسمة امرأة محجبة في بيتها برسمة لامراة غير محجبة؛ كما تغيير أسماء بعض الشخصيات في الكتب، بل وحتى اعتبار أن اختيار نص لجبران خليل جبران في أحد مباحث اللغة العربية هو ترويج لنظرية الهيكل اليهودي المزعوم في القدس. وللأسف الشديد فإن هذه الحملة قد تخطت مرحلة التحريض الانتقائي في بعض الحالات، حتى وصلت مرحلة الكذب العلني -وهي أمر يرفضه الإسلام وكل الأديان- عن طريق وضع صور لكتاب منهجي إسرائيلي باللغة العربية يدعي أن القدس عاصمة الدولة الصهيونية، واعتبار ذلك نصا من وزارة التربية والتعليم الأردنية! 
كان من المؤسف ايضا مشاهدة عدد كبير من المعلمين يقومون بحرق الكتب المدرسية علنا. بغض النظر عن الموقف من هذه الكتب، والتي ما تزال بالضرورة تحتوى على الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، فإن من المهم أن نتساءل عن القيمة التي يقدمها المعلمون إلى طلبتهم بهذا السلوك. فإذا كان المعلم المؤتمن على حرمة التعليم ومكوناته التي تتضمن الكتب المدرسية، لا يتوانى عن حرق هذه الكتب بسبب قناعات أيديولوجية معينة أو حتى انطباعات خاطئة، فمن يلوم الطلبة في حال قاموا بتمزيق كتبهم وحرقها، ليس فقط بعد الامتحان النهائي كما جرت العادة، بل أثناء العام الدراسي؟
الكتب المدرسية ليست منظومة دينية، بل هي مصدر للتعليم والمعرفة المحايدة التي يجب أن تكون موجهة للطلبة الأردنيين كافة، من مختلف الأديان والتوجهات الفكرية. ولا خلاف على أن مضمون الكتب المدرسية الرسمية بحاجة إلى إعادة صياغة وتعديل منهجي وشمولي، يركز على قيم التفكير الحر والناقد واكتساب المهارات والمعارف اللازمة للعمل والحياة في القرن الحادي والعشرين. كما لا يختلف اثنان على الحاجة إلى تعديل المناهج. لكن، هل يتم ذلك عبر تغييرات فردية ومستفزة للمشاعر الدينية وغير مرتبطة بحملة ترويج وتوضيح شاملة، كما حصل للأسف في الطريقة التي اتبعتها لجنة وزارة التربية، مع كل الاحترام لوجهة نظرها؛ أم إحداث تطوير شمولي للمناهج يتضمن المزيد من قيم التعددية الفكرية والسياسية والتسامح والتفكير العلمي النقدي الحديث والتركيز على الهوية الأردنية الوطنية بشكل أكثر جاذبية مما هو حاصل حاليا؟ لا شك أن الخيار المطلوب هو الخيار الثاني. وهناك لجنة ملكية تعكف منذ مدة على بلورة استراتيجية متكاملة لتطوير المناهج الدراسية، لكن فرص نجاح هذه اللجنة باتت مهددة الآن نتيجة طغيان ردود الفعل الانطباعية السلبية السائدة حاليا. 
كما يحدث في المدارس المتعثرة التي تعاني من نقص الموارد والمعلمين، فإن النتيجة النهائية لهذه المعركة الطاحنة، لكن الوهمية، كانت في عدم نجاح أحد. لا لجنة وزارة التربية تمكنت من إحداث التغيير المطلوب، بل ربما تكون قد هددت نجاح أي محاولة لاحقة، ولا الحملة التي قادتها نقابة المعلمين وبعض التيارات السياسية والنشطاء عبر صفحات التواصل الاجتماعي ارتقت إلى الحد الأدنى المطلوب من احترام الحقيقة والمنطق والقيم التعليمية السليمة، وحتى القيم الدينية التي ادعت الدفاع عنها. الخاسر الأكبر في النهاية كان النظام التعليمي الذي كان الأردن يفاخر به جميع الدول العربية قبل سنوات، وما عاد الآن نموذجا جذابا لا لإخوتنا العرب ولا للأردنيين أنفسهم. كما يبدو المستقبل أكثر قتامة في سياق العقلية المغلقة التي تقاوم التحديث في المناهج التعليمية.

 
 
تابعوا هوا الأردن على