آخر الأخبار
ticker خلود السقاف .. صاحبة البصمة والأثر الطيب ticker مساعدة: دولة فلسطينية شرط أساسي لاستقرار الشرق الأوسط ticker عطية: حماية أرواح الأردنيين لا تقبل التبرير ticker مقتل 4 عناصر من الأمن السوري برصاص مسلحين في ريف إدلب ticker إجراءات الحصول على تذاكر مباريات النشامى في مونديال 2026 ticker 20 دينارا للأسرة .. الحكومة تصرف معونة الشتاء لمرة واحدة ticker الحكومة ترفع الرسوم المدرسية على الطلبة غير الأردنيين إلى 300 دينار ticker نظام معدل للأبنية والمدن .. تخفيض قيود المشاريع ورسوم بدل المواقف ticker إعفاء لوازم مشروع الناقل الوطني من الضريبة والرسوم ticker مجلس الوزراء يكلف الاشغال بطرح عطاءات مدينة عمرة ticker الأردن يدين الهجوم على قاعدة أممية في السودان ticker إحالة مدير عام التدريب المهني الغرايبة إلى التقاعد ticker الملك يلتقي فريق الجناح الأردني في إكسبو 2025 أوساكا ticker السفيران سمارة والمومني يؤديان اليمين القانونية أمام الملك ticker الجمارك تضبط 25 ألف حبة مخدرة و50 غراماً من الكريستال ticker الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مدينة عمرة ticker الأردن يؤكد وقوفه مع استراليا بعد الهجوم الإرهابي ticker قافلة المساعدات الأردنية تصل إلى اليمن ticker ربيحات: مدافئ حصلت على استثناء لإدخالها بعد عدم تحقيقها للمواصفات ticker الشموسة .. نائب جديد يطالب باستقالة وزير الصناعة ومديرة المواصفات

صورة زيتية للثمانينيّات

{title}
هوا الأردن - نادر رنتيسي

هذه جداريّة بالألوان الزيتية على جدار فتى أخفق في الحبّ في العام الأخير من ثمانينيات العرب: محمود درويش على منصة الشّعر في الجزائر يقرأ قصيدة في المديح وظله في الرّسم عالياً. عبدالحليم حافظ يغنّي على المسرح الفرنسيّ، وعيناه مغمضتان، ويداه ضارعتان، ويرى ما بعد آذار السابعة والسبعين. أحمد زكي يؤدّي التحية العسكريّة كفتى ريفي “بريء”، وبشرته السمراء في الصورة الجماعيّة تنوبُ عن الوطن.  
سيّدة مُتعَبَة في منتصف الأربعين، كان اسمها على بكرات السينما سعاد حسني، وهكذا كانت تُعرّفُ الأنوثة في السبعينيات. رسمَها الفتى ضاحكة، وفي ضحكتها لذّات، فتنهّد الجدارُ. مغنّية جادّة، بصوت سوبرانو، كانت ترقص كالأميرات في القصص الخرافيّة. ماجدة الرومي، التي رسمَها الفتى على الجدار، لأنّ الأحلام لا تمشي. فتاة تبدو كئيبة، على خطوط الدراما الرفيعة كان يبدو اسمها ناقصاً، كإجابة مبتورة في ضجر: سمر سامي. رسمَها الفتى لأنّه أخفق في الحب.
هذا لاعبٌ قصيرٌ، مائة وخمسة وستون سنتيمتراً فقط، لكنّه هُنا، على الجدار، يبدو أطول بالحيلة، فيقفز صاحب القميص الأزرق ويده وراء الكرة الطائرة، يقذفها في المرمى، هدفاً سياسياً مؤلماً للإنجليز. كتب الفتى: مارادونا، كان لاعباً في كلِّ حيٍّ عربي، وطوله أقل من مائة وخمسة وستين سنتيمتراً. وهذا فيصل الدخيل، بقميصه الأصفر، وخلقه الأبيض. كلُّ الكويت كانت تعرفه، والخليج أيضاً، وربمّا المحيط، فكتب الفتى: هذا أنا في الحيّ القديم.
يوم ربيعي معتدل على الصفحة الأولى من صحيفة القبس. رصاص يثقب جداريّة الخميني، وجهه، وعمامته، وقائمة اسمه، والعنوان كان بالأسود الثقيل: الفاو عراقية. وفي الصفحات الداخلية خلافات حدودية، ريبورتاج بالأحمر عن بيروت، مصر تعود إلى الجامعة العربية بمناسبة مرور عشرة أعوام على كامب ديفيد، أطفال شُعْثٌ، حفاة، يلاحقون جندياً إسرائيلياً بالحجارة في زقاق نابلسيّ، وفي رأس صفحة “فلسطين المحتلة” العنوان بالأحمر: خمسة شهداء.. وعشرات الجرحى، وفي العنوان الفرعيّ: “حتى النصر”.     
هذا حيُّنا، أبنية قصيرة، وجارات كسولات، وحب إلزامي لابنة الجيران في الطابق الأرضيّ، ينتهي بزواج وإغلاق الشارع مساء الخميس السعيد. الشارع كان ترابيّاً، لكنّ البريد لم يكن يتأخّر، شهران فقط وعلِمَ الجيران الانطوائيون في رسالة بالأزرق الجافّ، أنّ أخاهم المغترب تزوّج من فتاة داغستانيّة. أرسلت الأمّ برقية عاجلة، لتستفسر إنْ كانت العروس محجّبة، فجاء الردُّ في الرسالة التالية بالإيجاب، بعد شهريّ اختبار من تفكك الاتحاد السوفيتي!
محمود درويش يضحكُ في صورة أخرى، وهذا صديقه الذي كان شاعراً على أيّ حال. عبد الحليم حافظ جالساً على كرسيّ في المستشفى اللندنيّ، يشاهد بالفنجان ما جرى بعد آذار السابعة والسبعين، وأحمد زكي ينظر من شبّاك بمستشفى دار الفؤاد، وعيناه على الجزء البعيد من الجدارية الزيتيّة، هناك سعاد حسني تحمل شهادة وفاة خالية من الأسباب. وهذا أنا، كنتُ فتى أخفَقَ في الحبِّ، فرسَمَهُ. 

تابعوا هوا الأردن على