عودة السوريين إلى ديارهم
تبدو الترتيبات الخاصة بعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم غير مكتملة حتى الآن ، ولكن البعد الإنساني يدخل الآن بالتدريج ، وبالتزامن مع إعادة إعمار سوريا ، حيث تلعب روسيا دور المتعهد لمرحلة ما بعد الحرب في سوريا ، التي توشك على النهاية بعد أن استعاد الجيش العربي السوري السيطرة على ما يزيد عن ثمانين في المئة من الأرض السورية ، التي كانت تخضع إما للمعارضة السورية المسلحة أو المنظمات الإرهابية ، فضلا عن المنطقة الواقعة تحت السيطرة التركية .
تحرك روسيا في جميع الاتجاهات بما في ذلك الأردن الذي تشارك معها في ما يعرف بمنطقة خفض التصعيد ، يحتاج من جانبنا إلى وضع خطة وطنية للتعامل مع أكبر وجود لللاجئين خارج سوريا ، والأهم من ذلك هو ترتيب الأولويات ، خاصة وأن روسيا ممثلة بالرئيس فلاديمير بوتن تعرف منذ عدة سنوات ، ومن خلال المباحثات المباشرة مع جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين أن نقطة الالتقاء بين البلدين هي القضاء على المنظمات الإرهابية ، وحل الأزمة عن طريق التفاوض السلمي بين الفرقاء السوريين .
من المنطقي أن يأخذ الأردن في الاعتبار الوضع في سوريا حتى الآن ، والتوازنات الإقليمية والدولية بشأن مستقبل سوريا ، ولكن من حقه أيضا أن تكون أولويته هي العودة المنظمة لللاجئين السوريين إلى ديارهم ، ليس لأنه تحمل فوق طاقته في ايوائهم لعدة سنوات وحسب ، بل لأنه لا يقبل التعامل مع هذه القضية على أنها من ذيول الأزمة السورية ، فمصلحته الوطنية تقتضي أن تفهم جميع الأطراف بأن عودة اللاجئين هي جزء من الحلول التي تخفف عليه أزمته الاقتصادية الخانقة ، خاصة وأنه تحمل العبء الأكبر أمنيا وماديا ومعنويا ، في غياب الحد المعقول من التضامن العربي والدولي للمساعدة في مسألة لا علاقة له بها ، إلا بالقدر الذي فرضه عليه موقفه القيمي والأخلاقي والإنساني والقومي .
نعرف ونحترم القوانين الدولية ، ونحن لن ندفع الأشقاء السوريين الذين قاسمناهم لقمة العيش إلى العودة رغما عنهم ، ولكن يجب تحضير هذا الملف بالشكل الذي يضمن مصالحنا الوطنية ، ويضع الأولوية الأردنية ضمن أولويات حل الأزمة السورية !