تمكين الإعلاميين
من المنتظر أن تنطلق في عمّان العروبة في السابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، أعمال الدورة السادسة لـ (مونديال الإعلاميين العرب)، وكانت الظروف قد سنحت لي خلال السنوات القليلة الماضية، من متابعة بعض الدورات لهذا المهرجان التي انعقدت في جمهورية مصر العربية. وقد سرني ما لمست وشاهدت من حوارات وأوراق نقاشية، وحضور إعلامي متميز كمّا وكيفا.
هذا الشأن دفعني للإطلاع على اللوائح الأساسية والغايات الرئيسية لتلك الهيئة، التي تسعى من ضمن ما تسعى إليه : تمكين الإعلاميين العرب من أداء رسالتهم، في مجالات الإنتاج الفكري والأدبي، من أجل بناء المجتمع والإسهام في إقرار السلام العالمي وإثراء الحضارة العربية، ولهذا أعتقد أن مهرجان الإعلاميين العرب، الذي يتولى تنظيمه اتحاد الإعلاميين العرب، في أواخر الشهر المقبل سيكون عامرا بالمواضيع الحيوية والشيقة لمختلف الإعلاميين.
ولد هذا الإتحاد ليشكل تجمعا إعلاميا عربيا، خاليا ومجردا من الأهواء والغايات الشخصية، متناغما مع الطموح والدواعي الموضوعية، تلتئم في إطاره وعلى قاعدة من الأهداف المشتركة، مجموعة من الإعلاميين والمثقفين والخبراء، بصورة توفر القدر المناسب من التوافق والإنسجام. من هنا جاءت ولادة فكرة اتحاد للإعلاميين العرب، لتؤسس رافعة أساسية لبلورة إعلام عربي قادر ومؤثر، ولتمثيل الإعلاميين العرب وتكوينهم وتمكينهم من أداء رسالتهم الملتزمة والمنتمية لأهداف نبيلة وثوابت حضارية، وبناء روابط من التواصل بين الإعلاميين والجماهير.
يسعى مهرجان الإعلاميين العرب منذ دورته الأولى عام 2013 إلى تسليط الضوء على الواقع الراهن للإعلام العربي المرئي والمسموع والإلكتروني، وبلورة استراتيجيات تنهض بالرسالة الإعلامية العربية، التي ما زالت دون المستوى المأمول، وذات نهج دفاعي وتبريري، لم تصل إلى مستوى إجتياح الآخرين، وتبني المبادرات التي تضع الطرف المنافس موضع الدفاع.
الإعلام العالمي هو الإعلام الغربي، ويكمن عنوان هذا الإعلام في بعض المحطات التلفزيونية الأمريكية والإنجليزية والفرنسية، وحينما نشهد حالة الإستعلاء التي ظهرت بها إحدى القنوات التلفزيونية الأميركية حينما قالت : أنها ستنقل أحداث آخر ساعة في الوجود، أو ستقوم ببث يوم القيامة على الهواء في نهاية العالم، فإننا نتحدث عن حالة من الصلف والغطرسة والإستعلاء.
نحن في إطار قوة إعلامية لا وزن لها، وينبغي علينا الإهتمام ببناء الإعلام الحر، القادر على تعزيز القيم السياسية النبيلة، وكلمة لا نستطيع لا وجود لها إلا عند أولئك الذين لا يلتفتون إلى إكمال المسيرة، في وقت مرتبك من تاريخنا العربي، يشهد تراجع في العلم، وتأزم في الإعلام، وعقل عربي بات يتخاطفه تحالف واسع من عديمي الموهبة، في لحظة هبطت فيها العزيمة العربية، وباتت معها أحوالنا أحوال بؤس لا بأس وألم لا أمل.
إذا أردنا أن نعزز من الإهتمام بالأولويات والتمسك بها وتوطيدها، والإلتفات إلى احتياجاتنا التنموية، وإبراز طابعها المحلي الوطني والعربي، لا بد من التقليل من الحواجز القانونية المفروضة على الوسائل الإعلامية، وإصدار تشريعات تحفظ الإعلامي وتضمن حقوقه، لأن الحرية هي التي تطلق الطاقات الإبداعية، وترفع من شأن المؤسسات الإعلامية... فهل نتمكن ونستطيع كما استطاع الآخرون؟