ابرة تخدير
إعلان رئيس الحكومة الليلة لخطة عمل حكومته للعامين المقبلين، جاء بعبارات إنشائية مستهلكة مرارا وتكرارا على الشاشات والصحف والمواقع الإخبارية، لطالما سمعناها من رؤساء حكومات ومسؤولين سابقين ولم يتحقق منها شيء. وعود ودعوات للانتظار ليرى الناس حلول ومخارج مما هم فيه ومما هم عليه، ولا يعلم بحالهم إلا الله....!!! نعم، جاء الحديث وكأن الرجل أمام لوحة مرسومة وكل همه توزيع الألوان على قطاعات الهيكل ليخرج بلوحة تسر الناظرين!! ماذا سيعمل المتسوق الخفي في أقسام مستشفيات متهالكة، بالكاد تقدم أدنى درجات الرعاية الصحية؟ وهل سيصطف بطابور الأشعة والصيدليات والسجلات الطبية؟ وهل سيتسوق أيضا داخل غرف العمليات التي لطالما شهدت أخطاءا طبية حصدت أرواحا وشوهت أجسادا أخر؟ وفي التعليم يختزل الحديث بمشكلة الأكتظاظ وتنسى وتغيب المناهج ويقزم المعلم ودوره الريادي ويحافظ على سوء وضعه المادي ليبقى متنافرا مع الإبداع والتطوير. وتلكما الآفتان المتفشيتان، الفقر والبطالة، أين هم من طموح حكومتنا واستشعارها؟ كيف لبرنامج مصغر عن برنامج عملاق لطالما زرع في وجدان أجيال سابقة الرجولة والنظام والولاء والانتماء والعمل أن يلبي رغبة الطامحين لطلاق لعنة البطالة بالثلاث في غضون شهور معدودة سيمكثها ثم يعود من حيث أتى؟ وهل توسيع قاعدة متلقي المعونة الشهرية علاج للفقر والعوز والفاقه....؟ بالأمس تنجح الحكومة في ورقة قانون الضريبة، الذي جاء بمباركة مجلس النواب وعنوانه استحقاق دستوري وقانوني وتجرع الأردنيون المر والعلقم معا بعدما نأى مجلس النقباء بنفسه جانبا بعد أن لبس عباءة العقد والحل إبان حشود الرابع!!! ثم إن خطة عمل الحكومة المعلنة اليوم ما كانت لتولد لولا إقرار القانون أم ماذا؟ بالأمس كان التشمير عن سواعد الأردنيين مطلب دولة الرئيس لتقبل قانون الضرائب، ومطلب اليوم هو التفاؤل المقرون بالخيال..... وفي موضوع الطاقة كيف لنا أن نحافظ على طاقة وضع أقدامنا كي لا نهيم في الغابات والأحراش على وجوهنا ومشروع طوقان يوقف فجأة، بعدما استنزف مبالغ ربما تسد بند فرق وقود فواتير الكهرباء التي حرقت جيوب الناس، وأين حطت بهم الرحال أولئك الذين ابتعثهم طوقان للحصول على شهادات الفيزياء والكيمياء النووية والذرية؟ وهل مازالت حفريات حوشا شاهدة على أطلال مفاعلنا الموؤد أم تراها طمت بمياه السيول؟ نحن لا ننتظر خطط ولا برامج ولا خارطة طريق، نحن بحاجة لأن نبدأ.... نبدأ التطبيق العملي لإنفاذ القانون على الجميع تمشيا مع مبدأ سيادة القانون الذي أراده جلالة الملك عنوان مرحلة وجدار أمان.... وأن نبدأ سنين تآخ وتناصر وعدل، لا سنين تعال وإمعان في الشللية والمحسوبيات. أن نبدأ من بيت كل وزير ونائب ومسؤول ونقارنه بيوت البسطاء المترامية على واسع الوطن لنرى كيف أن ظنك العيش وشح الدخول ووطأة الفقر وقسوة العوز يحرك في المرء ألف شعور..... نحن بحاجة لنبدأ ولسنا بحاجة لإبر تخدير....!!!!.