فيصل الفايز .. أنموذج المسؤول المخلص
في سهول البلقاء وبين جنبات بطاح البادية امتدت نظرات فيصل الفايز الأولى يتخطى حدود الزمان والمكان، وفي ديوان الجود والكرم الممدودة في زمن العسر تعلم الطيب وحب استقبال الضيوف، وتدرب على كيفية الفوز برضا ضيوف والده الشيخ عاكف الفايز الذي كان مدرسة من مدارس العلم والحلم والسياسة، وعرف بالفطنة واللباقة والكياسة، كما تعلم منذ نعومة أظفاره في ميادين الرجولة في صحراء بادية الشام كيف يروض الخيل الجموح، وإن يسوسها بكل هدوء.
ومن دفاتر البادية كان يقلب صفحات المجد، ويستعرض سير الراحلين من الأوائل الذين سطروا بدمائهم لوحات الخلود، ومن صفائها ونقائها اكتسب الهدوء والاتزان في مواجهة الصعاب، ومن فضائها الرحب كان يصوغ لمستقبله البعد الاستراتيجي المبني على البرمجة والتخطيط.
وشكلت نشأته الأولى بين أحضان والده الذي عرف بالحكمة والرجاحة، وقد غرس فيه الولاء والانتماء لوطنه وأمته وقيادته، وفي ديوانه الذي شرع أبوابه ونوافذه لعابر السبيل، ولكل أبناء قبيلته والقبائل الأخرى، والذي شهد مداولات وسجالات لمعالجة وحل أصعب القضايا الاجتماعية والمشاكل والمسائل العامة تعلم أساليب الحوار ومهارات التفاوض والقدرة على حل المشاكل، كما تلقى في صالون والده السياسي فنون السياسية وأدبياتها ومبادئها وفلسفتها، ولأن والده الشيخ عاكف أسس حزباً سياسياً قومياً في منتصف القرن الماضي، ألا وهو حزب الوطن الذي ساهم ذلك في تكوين وتشكيل شخصيته وبنية عقله بعمقه الوطني وأبعاده القومية.
وظلت روحه البدوية تتجاذبها الأصالة والمعاصرة، وكانت مؤسسة التنشئة الاجتماعية الأولى في ديوان جده مثقال الفايز الذي كان من رموز الوطن الذين عرفوا بالحلم والكرم والطيب والكياسة والفطنة، ومن المقربين للمغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالله الأول ثم المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه، نعم لقد سكبت هذه التنشئة في روح فيصل الفايز ووجدانه قبسات تنير طريقه في غربته حين التحق يتلقى دروساً في السياسة في أرقى الجامعات البريطانية والأمريكية، ليعود حاملاً علمه وخبرته يخدم وطنه موظفاً في الديوان الملكي، ويتدرج في المناصب حتى تسلم رئيساً للديوان الملكي، ثم وزيراً للبلاط الملكي الهاشمي، ثم رئيساً للوزراء في عام 2003، وبعدها رئيساً لمجلس النواب، والآن يتبوأ موقع رئاسة مجلس الأعيان.
ولا يزال أبو غيث كما يحب أن ينادى كالقمر المنير في سماء الوطن لا تثنيه الأحداث عن مبادئه السامية التي نشأ عليها، ولا ينقلب على أساسيات ومبادىء الوطن، فظل على عهد الوفاء والولاء للعرش الهاشمي ولوطنه الذي يعيش في أعماقه كأنه قطعة منه، ولم يتنكر لأهله وناسه، فقلبه وروحه وضميره لكل أبناء الوطن بعيداً عن الإقليمية أو العنصرية أو الجهوية، لأنه على مسيرة آبائه وأجداده، وكذلك على نهج بني هاشم الذي يكن للعرش الهاشمي الولاء والانتماء الخالص لا تبدله ولا تغيره الأحداث التي مرت بها البلاد، ولا ينقلب على وطنه وذاته ولا يتاجر بمبادئه بل لا يزال صخرة وطنية رضع الولاء والوفاء من مضارب قبيلة بني صخر حمر النواظر.
ففيصل الفايز موضع ثقة سيد البلاد، وهو من المسؤولين القلائل الذين أدوا دوراً عميقاً في الأزمات والشدائد التي مرّ بها الوطن، وصاحب معرفة تامة بالجغرافيا والديمغرافيا الأردنية؛ ويمتاز بالفطنة البدوية والحكمة السياسية والتواضع الجمّ وحبه للناس ومساعدتهم وانصافهم وحل قضاياهم، كما أنه يمتاز بأسلوبه اللطيف والابتسامة التي لا تفارق محياه، ويملك مخزوناً هائلاً من الخبرات والمهارات والمعارف التي توهله لأن يكون رجل المهمات الصعبة، إذ تعلم العطاء والإخلاص في الديوان الملكي الهاشمي العامر حتى أصبح أنموذج المسؤول المخلص، ورمزاً وطنياً يفيض حباً وعشقاً لله والوطن والملك.