فارس أردني يترجل
تعرفتُ في بداية حياتي الأكاديمية على كامل أبو جابر في مادة الفكر السياسي، وكان استاذًا مميزاً يفرض احترامه على الجميع، ويعطي المادة حقها، ويفسح مجالآ للمناقشة والحوار والابتسامة لم تفارقه، ويداعب الطلبة احياناً بعبارات جميلة، مثل هل أنت سعيد بحياتك؟. كان متصالحاً مع نفسه نزيهاً عادلاً لايفرّق بين أحد، ويحترم الجميع طبعاً، وكان ذلك في الفترة الواقعة ما بين الاعوام 1975-1978، بعدها اصبح عميداً لكلية التجارة والاقتصاد، وكنتُ رئيساً للجمعية وكان يحضر جميع حفلات التخرج التي كانت الجمعية تعقدها على مدار تلك السنوات، وكان يدعم الطلبة بالموافقة على اعطاء باص مجاناً من أجل الرحلات الخارجية، وفي عام 1989 ذهبتُ لأدرس في جامعة تينسي وأُعطيتُ مكتباً فجاء احد الاساتذه للمكتب وقال لي هل تعلم من كان يشغل هذا المكتب في منتصف الستينات من القرن المنصرم؟ قلت له لا، من هو؟، قال لي: د.كامل ابو جابر كان هذا مكتبه، وعندما عدت الى البلاد التقيتُه وسألته عن ذلك، فسرد لي القصة باكملها... كيف بدأ حياته الاكاديميه في تنيسي بعد تخرجه من جامعة ساركيوز عام 1966، وبكل الاحوال عندما اصبحت وزيراً اول واحد عرفته في القاعة كان الدكتور رحمة الله عليه قبيل القَسَم، وساهم معي في تأسيس الجمعية الاردنية للعلوم السياسية التي انطلقت فكرتها منه عام 1988، وقد رفضت في ذلك الوقت وساهمت معه في تأسيس البرامج المتعلقة بالمعهد الدبلوماسي ودرست معه العديد من المساقات انذاك، وكان عندما يلتقي بأحد وأنا معه يقول اذا كان هناك خلل في عقل أمين فأنا السبب لانني أنا من درّستُه، واشياء اخرى نقولها بفخر عنه وعن مسيرته الوطنية والعروبية، فقد كان اردنياً حتى النخاع وعروبياً مؤمناً بالقضايا العروبية، وقد علمني انه لا فرق بين مسلمي ومسيحيي الأردن لان الجميع لديهم ثقافة اسلامية عروبية. لم يكن يميز بين الناس على اي اساس، يحترم ويقدّر الجميع، ولا ينبس بأي لفظ خارجٍ مهما كان الموقف، وكان يذكر لي أن فلان اليوم اخذ كبسولة عدم الفهم.
رحم الله ابا صالح رحمة واسعة، شخص نبيل بكل المعايير متوازن، معتدل، صادق، عادل وكريم، إانه استاذي ومعلمي، ولا تكفي كل الكلمات لوداعه، لكن الواجب يملي علي ان اقول كلمة حق برجل له افضال على الوطن، كسياسي ومفكر وأكاديمي.
رحمة الله عليك يا دكتور كامل