انتخابات الرئاسة الأمريكية إلى أين ..؟؟
هوا الأردن - كتب أ.د. أمين المشاقبة
إن انتخابات الرئاسة الأمريكية غارقة في التنافس الشديد بين الحزبيْن، وتشكل انتخاباتٍ استثنائيةً بين اليمين المتشدّد والليبرالية المعتدلة، حيث إن الحزب الجمهوري أكثر يمينية وتطرفاً، والديمقراطي ذو طابعٍ ليبرالي تقدمي واعتدال واضح، ويركز الديمقراطيون على قضايا الحماية الاجتماعية والحقوق المدنية، والبيئة والأقليات وضد الشركات الكبرى، وفي المقابل، يقف الحزب الجمهوري ضد المهاجرين واللاجئين ومع قطاعات الصناعات الكبرى واتجاهات يمينية متطرفة.
هذا وتسود الحملة الانتخابية حالة من الشراسة يقودها ترامب في خطاباته وتغريداته التي لا تقف عند حد، ويتهم منافسه جو بايدن بأنه مصاب بالزهايمر وأحياناً بالمتحدث النائم وأنه ضد الرب وضد السلاح، وهو يساري متطرف، في المقابل يرى بايدن بأن ترامب مأزوم متعجرف عنصري لا يرى إلا نفسه ويساهم بتقويض الأسس الديمقراطية للنظام الأمريكي وأخذ الحكم إلى الاتجاه السلطوي، ويرى أحد الأساتذة أن ترامب شعبوي استبدادا، وبكل الأحوال، فإن ترامب إنجيلي، وبايدن كاثوليكي، وكلاهما مؤمن لكن إيمان بايدن أقوى.
هناك قضايا أساسية ساهمت بتراجع الحزب الجمهوري بقيادة ترامب أولها سوء إدارة أزمة وباء "كوفيد19" كورونا وفشل الإدارة في التعامل مع الأزمة مما جعل الإصابات تصل إلى 5 مليون والقتلى ما يزيد عن 170 ألف مواطناً أمريكياً، وتراجع الوضع الاقتصادي في ظل الوباء وزاد من معدلات البطالة وتراجع المستوى المعيشي لدى المواطنين، والأزمة الثانية هي مقتل جورج فلويد على يد أحد أفراد الشرطة، مما أثار موجة ضد العنصرية وسوء التعامل مع المكوّن الاجتماعي الإفريقي والملونين.
إن هاتين القضيتين أثرّتا على حظوظ الرئيس دونالد ترامب في الفوز؛ لأن الذي يؤثر أكثر على الناخب الأمريكي هو الأوضاع الداخلية وما يتعلق بالاقتصاد والحياة المعيشية أكثر من الشؤون الخارجية، وبحسب العديد من الدراسات فإن ترامب يتفوق على بايدن بموضوع الإنترنت، فالتغريدات التي يطلقها ترامب قوية، شرسة، تثير الجدل، أما بايدن فتغريداته موضوعية معتدلة لا تثير الجدل، وهنا عليه أن يترك إلى نائبة الرئيس كامبالا هريس صاحبة اللسان القوي السليط، وقد شكلت هريس رافعة وإضافة نوعية للحزب الديمقراطي.
هذا وتشير استطلاعات الرأي العام إلى أن الحزب الديمقراطي يتفوق على الحزب الجمهوري بنسبة 53% مقابل 47%، وفي استطلاعات أخرى 48% مقابل 42%، أي أن الفرق الآن هو 6 نقاط، ويتقدم جو بايدن في جميع الولايات المتأرجحة باستثناء ثلاث ولايات هي: آيوا، جورجيا، وتكساس لصالح ترامب، وبكل الأحوال بقي 80 يوماً على الانتخابات، وهناك احتمالات أن تتغير الظروف أو أن يحدث شيء مفاجئ يقلب الموازين ويغير الأوضاع، لكن إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه فإن الحزب الديمقراطي هو الفائز صاحب السياسة الأقل حدةً وخصوصاً فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، وهنا تنتهي صفقة العصر المشؤومة، وتتقلص سياسات التطبيع المجاني إلى الحدود الدنيا، ويبقى السؤال هنا هل ينتصر الحمار على الفيل الغاضب الشرس؟.
almashaqbeh-amin@hotmail.com