مثال حي
كتبت مقالين متتابعين حول ما يعرف بإستراتيجية الخروج من وضع معين، والفكرة تقوم أساسا على ضرورة التخطيط الإستراتيجي لوضع بدائل مناسبة وآمنة وضمن توقيت ملائم، ورسم آفاق مستقبلية للظروف والمواقف البيئية المتغيرة، وتشخيص فرص التحسن في الأعمال، وفي حياة المجتمع، وغالبا ما تكون الدوافع مرتبطة بفشل إستراتيجيات قائمة، وتجاوزات قانونية وهدر في الموارد والإمكانات، وفقدان لثقة المجتمع، وغير ذلك من الأسباب التي تدعو إلى المغادرة نحو وضع أفضل حالا.
باحثان عالميان هما كريستيان باربيري، وجان بير دارنيس يطرحان سؤلا بالغ الأهمية "التكنولوجيا: هل هي إستراتيجية خروج لكوفيد 19 ؟ " يعرضان فيها تجربة الصين ودول أخرى في استخدام الحلول التكنولوجية للتخفيف من أزمة وباء الكورونا، حيث تجنبت السلطات الإغلاق الكامل للبلاد، كما نجحت في الحد من انتشار الفيروس، معتمدة على البيانات رغم الشكوك في الأبعاد الأخلاقية بالنسبة للشفافية، وحماية البيانات والمعلومات الشخصية.
يعتقد المستشاران في الشؤون العلمية بضرورة إنشاء إطار قانوني قوي حول السياسات التي تعتمد على البيانات، مع المضي قدما في عملية الانتقال إلى مرحلة ما بعد الوباء، وفي جميع الأحوال فإن عملية التتبع الفردي والجماعي هي من أجل السيطرة على الوباء ومحاصرته، وضمان عدم عودته من خلال ثغرات في المعلومات والمتابعة الحثيثة لحالات الإصابة والشفاء والتطعيم، وليس لأي غاية أخرى، وهذا التوجه يحظى بدعم خبراء مثل البروفسور والتر ريكياردي عضو المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية.
نحن في الأردن اعتمدنا عدة تطبيقات لمتابعة الحالات المرضية والفحوصات الطبية والمخالطة والتسجيل لأخذ المطاعيم ومواعيد الجرعات، وغيرها، وليس لدينا معلومات واضحة عن مدى التفاعل مع تلك التطبيقات على مستوى الجمهور، ولا مدى الاستفادة من البيانات المسجلة على تلك التطبيقات لتشكيل رؤية للوضع الراهن أو لمرحلة ما بعد الوباء!.
إذا كانت الحكومة متجها نحو هدف محدد مثلما قيل عن "صيف آمن من كورونا" فنحن الآن بأشد الحاجة لإستراتيجية الخروج من كورونا، وقد تكون التكنولوجيا أحد أهم عناصر تلك الإستراتيجية، ولكن من المؤكد أن هناك عناصر وعوامل أخرى يمكن حشدها لكي تتم عملية الخروج وفق معايير التكلفة والفائدة والتحليل والوقت، والأهم من ذلك وفق القيمة الحقيقة لمعاني الحياة ذاتها!.