فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
هوا الأردن - تخرج علينا المسيرات شبه الاسبوعية في نهاية كل اسبوع تقريبا تدعو للاصلاح وتندد بالفساد وترفع شعارات اصلاحية ؛ وهذه ديمقراطية وحالة صحية لاينكرها أحد ومنعها إجحاف وتعدي على حرية الرأي وإضعاف للرقابة الشعبية على عمل الحكومات , واجهزة الدولة المختلفة ؛ فهي عين الوطن التي ترى الصواب وحسنا فعلت الحكومات المتعاقبة , والاجهزة الامنية في التعاطي مع حالة الربيع العربي وتلقت كثير من دول العالم الرسالة الاردنية المتحضرة بشيء من الترقب , وبكثير من الاعجاب .
وقد تميز المجتمع الاردني عن غيره بفضل كثير من الروابط التي جعلت منه مزيجا مختلفا ؛ مزيجا قائما على التسامح , والانصهار فتكونت الهوية الاردنية , وتوافقت هوية الفرد مع المجتمع لذا تعمق الانتماء للمجتمع , وهو مانراهن عليه أمام واقع إقتصادي ضاغط , والتهاب دولي يحيط بنا , ومهما اختلفنا لن نكون اغرابا عن وطننا فهو خلاف الأُخوة والمحبة وإن شابه شيءٌ من الشد والتشدد .
فالهوية الاردنية هي المُوجِه للاختيار عند تعدد البدائل وهي صمام الأمان عِند حِساباتِ الربح والخسارة وهي الارض الصلبة عندما يتغلغل الماء للاعماق , فهويتنا هي حالتنا النفسية التي نعيشها وحصننا المنيع في مُقبل الايام وهي الرابط بين الافراد والجماعات ونظام الحكم ولولاها لتنازعتنا التناقضات ولتشتت الجهود وأصبح ردم الهوة كمن ينقر على الماء .فهي هوية عز وكرامة وليست تعصب واستقواء والحفاظ عليها واجب وطني وأمانة نحملها لنسلمها للاجيال القادمة .
فالهوية الاردنية لاتنكر الاختلاف بل تحتضنه لان الاختلاف ظاهرة صحية تمكن المجتمع من الاطلاع على كافة وجهات نظر افراده وتبتعد بالمجتمع عن استبداد فئة بالرأي او فرض رأيها على الاخرين بحجة الديمقراطية , على ان الثوابت الوطنية تحتم علينا تهذيب اختلافنا وصهره ضمن هويتنا الوطنية بتوافق شعبي .
هويتنا واكرر بحاجة للحماية ؛ حماية من الافكار الدخيلة وحماية من سوء نوايا البعض ومن قصر نظر البعض الاخر . وواجب حمايتها ملقى على اجهزة الدولة المختلفة مع رافد شعبي يُستحسن صياغته صياغة جديدة تؤمن بديمقراطية الاردن كما تؤمن بأن العمل الدؤوب والمتواصل بداية الطريق للخروج من عنق الزجاجة نحو تكريس الانتماء لهذا الوطن المعطاء .
وكم نحن بحاجة لاعادة ترتيب اولوياتنا بخصوص هويتنا فهي ليست بطاقة شخصية تنتهي وتُجدد او تعطى وتؤخذ بل هي شعار حياة على هذه الارض المباركة وهذا الثرى الطهور .
نعم بحاجة لاعادة تدعيم الهوية الاردنية من خلال المناهج المدرسية والمساقات الجامعية والاعلام الموجه الهادف على ان يسبق ذلك جلسة مع الذات لا جلدا للذات فقط ؛ جلسة مع الذات للتأسيس للمرحلة القادمة التي يجب ان يسودها الحوار والاتفاق ؛ حوار مع الجميع لتغليب مصلحة الاردن والاتفاق على رؤيا محددة في كافة شؤوننا دون تجريح او تهويش او تشكيك فالاوطان عنوانها الثقة والتشكيك يهزم المنتصر ويعرقل المسيرة ويقوض البنيان .