مشروع قانون الاستثمار 2014...
خالد الزبيدي
تنشغل الأوساط الاستثمارية ورجال الأعمال بهيئاته وخبراء واقتصاديون ونواب بمشروع قانون الاستثمار 2014، فالمشروع يحتاج جهودا كبيرة لتقديمه بصورة واضحة وبسيطة وبمواد غير مطوّلة، والأهم من ذلك مراعاة قضايا رئيسة في مقدمتها تشغيل الموارد البشرية المحلية اولا، وتشجيع استثمارات جديدة تصديرية الطابع تنعكس ايجابيا على الاحتياطي الجاهز من العملات الاجنبية ثانيا، وتوزيع التنمية في كافة المحافظات حتى نقلص الفجوة بين العاصمة والمحافظات من حيث التشغيل وتحسين مستويات معيشة المواطنين ثالثا، واشراك المرأة في التنمية وتمكينها في العمل رابعا، وايلاء الصناعة اهتماما وتحفيزا نظرا لمساهمة الصناعة بتلبية الاحتياجات المحلية والتصدير للاسواق الخارجية خامسا.
ومع مراعاة هذه القضايا لا بد من إضفاء نوع من الاستقرار في التشريعات والقوانين الناظمة للانشطة الاستثمارية، يضاف الى ذلك التطبيق الفعّال والمرن للمستثمرين باعتبارهم العناصر الرئيسة في التنمية وتوفير المزيد من فرص العمل وتعميق وتنويع القاعدة الإنتاجية ( السلعية والخدمية)، أما الضرائب والرسوم المتنوعة التي اصبحت انواعا متعددة الألوان، وهي في نهاية المطاف تشتت المستثمر وتضعف عزيمته، وتلحق أضرارا بالغة ببيئة الاستثمار في عالم سريع التغيّر والمنافسة لاستقطاب الاستثمارات والاستحواذ على الاسواق.
وبالعودة الى الحوافز التي يجب أن تراعى في مشروع القانون فإن الحوافز ليست بالضرورة اعفاءات جمركية وضريبية فقط، فالتجارب في عدد من دول الأقليم من الخليج الى المغرب العربي تقدم للمستثمرين الأراضي مجانا لفترة زمنية تصل الى 99 عاما وفق معايير محددة تضمن تنفيذ الاستثمارات خلال فترة زمنية محددة، ومنح الإقامة للمستثمرين، والنافذة الواحدة لخدمة المستثمرين، وتعيين موظفين اكفاء لهذه المهمة بصلاحيات تمكينهم من تقديم الخدمة الفضلى دونما تأخير.
النقطة الأخيرة -وهي الأكثر اهمية- تكمن بإعادة الاعتبار للمستثمرين ورجال الأعمال الذين تعرضوا للانتقادات واللوم والتجريم في بعض الاحيان دون مبررات كافية، وهنا علينا ان نتجاوز ما حصل خلال السنوات القليلة الماضية عندما وضعنا المستثمرين ورجال الأعمال في خانة صعبة ادت الى عزوف المستثمرين عن السوق الاردنية التي كانت طوال سنوات وعقود ماضية حاضنة دافئة صديقة للمستثمرين والاستثمارات.
أما الأعباء الضريبية التي تراكمت وتعاظم اثرها خلال السنوات الثلاث الماضية بهدف زيادة الايرادات المالية العامة بغض النظر عن الانعكاسات السلبية على مناخ الاستثمار والسوق التجارية المحلية، فالعجوزات المالية والدين العام لا يمكن ان تعالج فقط بزيادة الضرائب والرسوم، فالاساس ان يتم خفض النفقات العامة، وتوسيع قاعدة المكلفين بالضرائب وليس تركيزها على فئات ملتزمة، وافلات المتهربين ضريبيا، وفي هذا السياق فإن فرض اي ضريبة جديدة يجب أن يتم بعد قياس الأعباء الضريبية في الاقتصاد، دون ذلك نسهم باختلالات اقتصادية واستثمارية تؤدي الى تشوهات وفساد مستتر تصعب معالجته ومحو اثاره، وعلينا الاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في ادارة هذا الملف بحكمة وحققت الكثير من التقدم، فالأردن جدير بذلك.