ماذا بعد ؟؟
بقلم : النائب السابق يونس الجمرة
ليس جديدا على الكيان الصهيوني القتل ... أو الاغتيال ... أو التدمير ... أو حتى ارتكاب المجازر ، ... هذا هو الكيان الصهيوني الغاصب ، فلو نطق التاريخ وتحدّث عن الماضي والحاضر ...لأفصح عن حكايات كثيرة وألوان مختلفة ، يتفنن من خلالها هذا الكيان بالإرهاب في حق الشعوب العربية وأبناء فلسطين خاصة ، ولو أسهبنا في سرد حكايات الإجرام الصهيوني ، فلربما نذكر عشرات الحكايات التي لطّخت وجه الاحتلال الصهيوني ، وما زالت أياديهم تقطر بالدماء الزكية والطاهرة من الفلسطينين وأبناء الأمة العربية ، فلا غرابة إن اغتال الصهاينة القاضي الأردني زعيتر ، فهل من مسوّغ لهذا الفعل الدنيء ؟ ، ... نعم وراء ذلك ما وراءه ، سياسة رعناء تحتاج إلى لجام ، فالجسر الذي عبر منه هو جسر الكرامة ،... حيث كرامة الأردنيين والفلسطينيين لن تسمح بعبور خطة جون كيري إلى غور الأردن ، ولن يكون بين فلسطين والأردن سوى جنود أردنيين وفلسطينيين ، فهم أقدر على التعامل مع أهلهم وظروفهم وحاجاتهم الضرورية والملحّة ، فهذه واحدة من مكونات مبادرة كيري أرى أنها قد سقطت دون رجعة ، حتى لوكان دم الشهيد زعيتر أحد المعوقات لهذه الفكرة التي لن يقبلها أحد ، كما أنّ الشعب الأردني لن يقبل بينه وبين إخوته في فلسطين جدارا عسكريا من الجنود الصهاينة ، لانهم لا يفهمون لغة الشعبين الشقيقين ولا عاداتهم ولا ما يخصّهم ، ولا ما يؤثر فيهم .. ولا حتى ما يريحهم ، فوجود الجندي الصهيوني بين الأردن وفلسطين هو رمز للاحتلال الدائم ، حيث يشكل كابوسا للشعبين الشقيقين ، فلا وصاية لأحد على الحدود الأردنية الفلسطينية لغير الأردنيين والفلسطينيين . ولو نظرنا إلى الجانب الآخر لاستشهاد زعيتر ، لأدركنا عبرا كثيرة من ذلك الذي حدث ، فهو مواطن أردني عبر الجسر بطريقة قانونية ، لم يتسلل إلى فلسطين ، ولم يكن يحمل سلاحا لفعل شيء في فلسطين ، بل هو قاض ويحمل درجة الدكتوراه ، ومتزن وهاديء ومحبوب بين أقرانه وزملائه في سلك القضاء ... هذا ما يخص الشهيد ، أما ما يخصّ جنسيته فهو أردني ، من الدولة التي وقعت معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني ، وبالتالي على الصهاينة أن يحترموا المعاهدة التي شهد عليها مجلس الأمن والدول الخمس الكبار في العالم ... وأن يحترموا رعايا هذه الدولة ... فهم يزورون الأردن ويأتون للسياحة وتحافظ الدولة الأردنية على سلامة زوارها كالعادة ، فأي أخلاق لدى هؤلاء البشر الذين يتعاملون مع زوّار فلسطين بعقلية الرصاص ، وبعقلية الإرهاب ... وعنجهية الإذلال .... فقد حصل هذا مع دبلوماسيينا أكثر من مرة ، فلم هذه العنجهية ؟ ، ولم هذا الاستكبار والعجرفة ؟ . المهم في الأمر ماذا بعد ؟ ، هل ستسحب الدولة سفيرها ؟ ،... الإجابة لا ، على اعتبار أن يكون حلقة وصل للتدخل في موضوع المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية إذا حصلت عراقيل ، والسؤال الآخر هل ستلغي الحكومة معاهدة السلام أو توقيف العمل بها حتى يعتذر أكبر رأس في الدولة الصهيونية ؟ ... والجواب صعب ... صعب .. صعب ، لأسباب عديدة لا مجال لذكرها الآن ، أما المهلة التي أعطاها مجلس النواب للحكومة ... فالمجلس لايرسم سياسات الدولة ودوره رقابي وتشريعي ، فله أن يستخدم وسائل ضغط على الحكومة ... وهذا صعب أيضا ، أما الحلقة الأخيرة في هذه السيناريوهات هي اللجوء للمحاكم الدولية التي تفضّ نزاعات الدول ، وهذا حصل مع مصر بعد كامب ديفيد في قضية النزاع على طابا ، فاستصدار قرار من المحاكم الدولية يضمن حماية رعايا الأردن من وحشية إسرائيل ، كذلك اللجوء إلى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي قد تضغط على الكيان الصهيوني في هذا الجانب .... هذا هو واقعنا وعلينا أن نتعامل بواقعية ، وبعقلية المتحضّر التي هي من خصالنا دوما ، فالشهيد زعيتر لم يكن أول شهيد ... ولن يكون الأخير .