انه قدر سوريا ...
من منا يذكر ماذا كانت اذاعة اسرائيل ، تسمي حرب حزيران 1967 ، كانت تسميها حرب الايام الستة ، مع ان الهزيمة بدت من اليوم الاول ، وتوضحت في اليوم الثاني ، سميت بهذا الاسم ، لانها هكذا استمرت على الجبهة السورية . هزيمة حزيران مسؤولية الجميع ، مسؤولية التخبط وانعدام التخطيط ، وعدم تقدير حجم المعركة ، التي استهدفت النهج القومي التحرري ، الذي مثلته سوريا ومصر ، وبمساندة كل العرب ، فقد كان الخط البياني للشعور القومي في ذروته . لكن الطعنة النجلاء التي تلقتها سوريا ، كانت في حرب تشرين 1973 ، التي ارادتها سوريا تحريرية ، وارادها السادات تحريكية ، بعد وعدين خائبين بالحسم بعد سنة ، مرة كانت بالتوقيت الميلادي ، واخرى بالهجري ، ولتلميع صورته ، التي طغت عليها صورة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، ولا ادل على انها كانت حربا تحريرية بالنسبة لسوريا ، من اندفاع القوات السورية لمسافة 20 كم ، في عمق الارض المحتلة ، واقتحام خط آلون ، واحتلال مرصد جبل الشيخ ، والوصول الى مشارف بحيرة طبريا ، بينما كانت تسير القوات المصرية ، بسرعة السلحفاة في سيناء الشاسعة ، ثم جاء اصطناع ثغرة الدفرسوار ، وفي كلا الحربين ، حزيران وتشرين ، كان التركيز على الجبهة السورية ، لانها الاقرب والاكثر تهديدا للعمق الصهيوني . كلنا يعلم ماذا جرى بعد ذلك ، مصافحات الكيلو 101 ، التي قادت الى كامب ديفيد ، مرورا بزيارة السادات لاسرائيل ، واستمرار حرب الاستنزاف على الجبهة السورية ، الى ان تم توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في نهاية ايار 74 ، وقف اطلاق النار وليس السلام . بقيت سوريا وحيدة ، تسعى لتوازن استراتيجي مع العدو لم يتحقق ، الى ان جاءت المؤامرة الكبرى ، لاجهاض نتائج حرب التشرين ، واضعاف سوريا ، وفرملة سعيها للتحرير ، في منتصف السبعينات ، بعد عامين من حرب تشرين ، حين انطلق العملاء في لبنان ، وفي الداخل السوري ، لتنفيذ مؤامرة تشبه ما يجري اليوم ، لكنها كانت اقل حدة ، وكان المشغلين لادواتها ، ما تزال لديهم ذرة من خجل او خشية ، فكان الدعم مستترا . ما ان اسقطت المؤامرة الاولى ، حتى جاءت حرب الخليج الاولى ، وما تبعها من اتفاقيات اوسلو ووادي عربة ، مما عمق الشرخ العربي ، فاختلطت الاوراق ، وتبدلت الاولويات ، واستمرت تداعياتها ، فكانت حرب الخليج الثانية ، وما تبعها من حروب انتهت بسقوط بغداد ، وخلت الساحة للمشغلين الماجورين ، فجاء دور لبنان بعد اغتيال الحريري ، الى ان بدأت اشرس واوقح مؤامرة ، مؤامرة الربيع الامريكي الصهيوني الوهابي الاخواني ، التي استهدفت سوريا بشكل اساسي ، وها نحن نشهد نهايتها ، على صخرة صمود سوريا . وبعد كل ذلك يسالونك ، لماذا لم تحرر سوريا الجولان ، لكنني سوف اسال في المقابل اسئلة مختلفة ، لقد قبلت سوريا قرار مجلس الامن 242 لاحقا ، واتهمت بعد ذلك بانها تسعى للاستسلام ، فهل سعت فعلا للاستسلام ، وهل سعت لسلام منقوص ، وبعد 44 عاما ، هل تغير موقف سوريا ، هل تنازلت عن حقها في الجولان ، وعن حقوق الشعب الفلسطيني ، هل حققت للعدو اي مبتغى ؟ لقد قالها الرئيس حافظ الاسد ، لتبقى الجولان محتلة مئة عام ، لكننا لن نتنازل ولن نفرط ، وهذا ما كان ، ونحن نشهد الان ، ماذا جنى الذين استسلموا وفرطوا بالحقوق . وقالها القائد الاسد في مجال اخر ، اتمنى ان تقطع يدي قبل ان تصافح يد رابين ، فماذا جنى هواة المصافحة ، لا بل هواة تقبيل ايادي الاعداء ، وشفط خدودهم . انه قدر سوريا ، ان تتلقى الطعنات العربية ، وان تقف وحيدة . مالك نصراوين m_nasrawin@yahoo.com 11/4/2014