إختبار صعب ‘للمكتوم’ في علاقات الأردن بالمعادلة الليبية بعد خطف ‘السفير’
يختصر وزير الخارجية الأردني ناصر جودة مسافة مؤثرة في سياق الغموض الذي يحيط بالعلاقة الأردنية- الليبية وهو يعتبر ‘اختطاف’ سفير بلاده في ليبيا فواز العيطان من المنعطفات الحرجة والخطيرة جدا مؤشرا بذلك على وجود ‘غير شفاف’ في الواقع لعشرات المواطنين والموظفين الأردنيين الذين يمكن اختطافهم في بلد لا يوجد فيه أمن واستقرار كما شدد جودة.
بصرف النظر عن موقف الحكومة الأردنية، فتحت حادثة الإختطاف المجال واسعا أمام مناورات جديدة في اللعبة السياسية بين الأردن وليبيا التي لا تمثلها اليوم مؤسسة محددة.
وكشفت الحادثة عن معطيات لم يكن الرأي العام الأردني يعرفها بالسياق أهمها ما تحدث به محامي التنظيمات الجهادية موسى العبدللات مباشرة لـ’القدس العربي’ عندما كان كان أول من كشف النقاب عن ‘خلفية’ مختطفي السفير العيطان.
رواية العبدللات للحدث مرتبطة عمليا بعضو ليبي في تنظيم ‘القاعدة’ إسمه محمد الدرسي وهو سجين في الأردن منذ ثماني سنوات بتهمة المشاركة في عملية أخفقت لتفجير مطار عمان الدولي.
ما يقوله العبدللات حتى قبل مؤسسات القرار الأردنية التي حاولت عبثا من صباح الثلاثاء البحث عن معلومات ضمنيا إن الخاطفين رفاق للدرسي في تنظيم القاعدة ويطالبون بالإفراج عنه مقابل السفير المختطف في مكان مجهول.
رسالة سريعة وصلت للأردنيين من القيادي الليبي عبد الحكيم بلحاج صباح الثلاثاء نفى فيها وجود أي معلومات لدى رجاله عن اختطاف السفير العيطان لكن الخارجية الأردنية دخلت في حالة اختبار محمومة لكل المعطيات ليس فقط بسبب حادثة خطف السفير.
ولكن أيضا- وهذا الأهم- بسبب توفر احتمالية فورية أولا للكشف عن خلفيات ومعطيات ليس من اللياقة الدبلوماسية الكشف عنها بخصوص العلاقات مع القوى الليبية.
وثانيا بسبب توفر احتمالية الآن لتكرار الحادثة خصوصا مع وجود مئات الأردنيين الذين يزورون ليبيا أو يتواجدون فيها مما أدى إلى قرع جرس الإنذار خصوصا مع وجود معلومات عن عدة ليبيين في سجون الأردن من التنظيمات الجهادية يمكن لأقربائهم وليس لرفاقهم التنظيميين فقط ‘تقليد’ حادثة خطف السفير.
العبدللات يبدو مطلعا على المسألة لأنه الوكيل القانوني للدرسي بطبيعة الحال ومطلع على حالته الفردية داخل السجن الأردني لكن الخشية تسارعت دبلوماسيا من أن تخلط حادثة الإختطاف كل الأوراق المتصلة بالعلاقات الأردنية- الليبية ما خفي منها وما ظهر.لذلك أدخلت حادثة الإختطاف مع عجز المؤسسات الليبية أمنيا وإخفاق أصدقاء عمان الليبيين في تأمين الحماية بساحة منفلتة تماما الأردنيين باختبار لم يكن بالحسبان حيث لم يسبق لتنظيم أصولي متشدد أن اختطف سفيرا أردنيا وطلب مبادلته بسجناء خصوصا من تنظيم القاعدة.
بالنسبة لليبيين الإختطاف مسألة عادية وسلوك يومي ومعتاد لكن بالنسبة للأردنيين لم يخططوا يوما لحالة يصبح فيها أعضاء ليبيون في تنظيم القاعدة مسجونون في الأردن عبئا سياسيا ودبلوماسيا وأمنيا بهذا المعنى.
يحصل ذلك لإن العلاقات الأردنية مع ‘الحالة الليبية’ متشابكة جدا ومعقدة فالجيش الوطني الليبي أو ما تبقى منه في الواقع في طريقه لتوقيع عقود كبيرة لتدريب قوات ورجال شرطة وأمن مع الجانب الأردني وقوة أردنية عسكرية قدمت مساهمة يعترف بها الليبيون خلال الثورة الليبية الشعبية عندما شاركت في حسم معركة ‘العزيزية’.
الأطراف الأصولية في ليبيا تحدثت عدة مرات وأمام ‘القدس العربي’ عن وجود إسناد ‘أمني’ أردني في المعادلة الليبية وعن تعاونات استراتيجية في مجال الأمن بررت الشهر الماضي زيارة وزير الداخلية حسين المجالي ومسؤول عسكري بارز إلى طرابلس في سياق مساعدة الجيش الليبي لاستعادة الإستقرار.
الإنفلات الأمني في ليبيا يعيق تطوير العلاقات على المستوى المؤسسي والعاصمة عمان كانت طوال السنوات الثلاثة الماضية من ‘المحطات’ الأساسية في استقبال واحتضان ومعالجة شخصيات ليبيا البارزة التي يملك معظمها بعض الشقق والمكاتب في الأردن والأردن داعم علني لشخصيات من بينها مصطفى عبد الجليل وكذلك لمجموعة المؤتمر الوطني الليبي.
فوق ذلك دخل مستثمرون ليبيون على حلقات ‘بزنس′ أساسية في عمان.عمليا لا تحب دوائر مسؤولة في البلدين الإسترسال علنا تسليط الضوء كثيرا على طبيعية العلاقات الأردنية بالمعادلة الليبية لكن حادثة خطف السفير ولاحقا المطالبة بالإفراج عن الدرسي تؤسس وفورا لاتجاهات معاكسة وهذا هو العنصر الأكثر إحراجا في الموضوع الذي يدفع الوزير جودة على الأرجح للتحدث عن ‘منعطف خطير’.