عطون : النسور يعيش في كوكب آخر
قال الكاتب والصحفي عبدالباري عطوان، إن رئيس الورزاء الدكتور عبدالله النسور يبدو أنه "يعيش في كوكب آخر غير كوكبنا، وينتمي الى عالم آخر غير عالمنا".
جاء ذلك في مقال نشره عطوان الثلاثاء، تناول فيه حادثة اختطاف السفير الاردني في ليبيا فواز العيطان على يد مجموعة مسلحة تحت عنوان " اقصر الطرق واسهلها للافراج عن قادة القاعدة : اقتحام السفارات وخطف السفراء.. واسألوا مصر.. وراقبوا خطوة الاردن المقبلة.. ومرة اخرى اهلا بكم في ليبيا الجديدة!".
وأشار عطوان الى تصريحات رئيس الوزراء عبدالله النسور أمام مجلس النواب وهي "تكامل الجهود بين الاجهزة المعنية في كلا البلدين لتأمين اطلاق سراح السفير المختطف، وان ذلك يعتبر اولوية للحكومة واجهزتها".
وعلق عطوان على تصريحات النسور بالقول : يبدو ان السيد النسور يعيش في كوكب آخر غير كوكبنا، وينتمي الى عالم آخر غير عالمنا، فهو يتحدث عن ليبيا كما لو انها السويد او سويسرا، واحة للامن والاستقرار واجهزتها الامنية تقوم بواجبها على اكمل وجه، وينسى او يتناسى، ان نظيره رئيس الوزراء الليبي علي زيدان اختطف من سرير نومه في فندق هو الاكثر حماية وامنا في العاصمة، واضطر في نهاية المطاف، اي السيد زيدان، الى الهرب تنكرا، الى المانيا ناجيا بجلده من القتل والسحل، اما خليفته عبد الله الثني الذي جرى تكليفه بتشكيل الوزارة فقد استوعب الدرس مبكرا، وانسحب من هذه المهمة بعد ايام معدودة، اثر تعرض منزله، وهو وزير الدفاع، لاعتداء واطلاق نار، ولن نستبعد او نستغرب هروبه هو الآخر اذا ما استطاع الى ذلك سبيلا.
ليبيا ليس لها من مواصفات الدولة اي علاقة، ونتفق مع السيد محمود جبريل رئيس وزرائها الاسبق، و"شيخ" الليبراليين الجدد، في قوله انها ليست دولة حتى نقول انها فاشلة او غير فاشلة، والتوصيف الاقرب للواقع انها العنوان الابرز للفوضى في ابشع معانيها.
ننصح السيد النسور ان يختصر الطريق، ويوفر على نفسه الوقت والجهد، ويقوم بالاتصال فورا بنظيره المصري الذي تعرضت سفارة بلاده الى عملية اقتحام مماثلة في كانون الثاني (يناير) الماضي حيث جرى خطف خمسة دبلوماسيين من بينهم السفير، وجرى الافراج عنهم بعد يومين فقط.
نشرح اكثر ونقول ان هذا الافراج السريع جاء بعد ان افرجت السلطات المصرية، وبطريقة مهينة، عن القيادي الاسلامي الليبي شعبان هدية الملقب بـ"ابو عبيدة الزاوي" رئيس غرفة ثوار طرابلس المتهم بتفجير مبنى مديرية امن القاهرة.
حكومة السيد النسور ستضطر "مكرهة" للافراج عن الاسلامي محمد سعيد الدورسي الملقب بـ "محمد النص" المعتقل حاليا في الاردن بتهمة الانتماء الى تنظيم "القاعدة" واطلاق سراح مجموعة اخرى من الليبيين والعرب الآخرين المعتقلين بالتهمة نفسها "فوق البيعة".
السفير الاردني المختطف فواز العيطان ، فك الله اسره، يجب ان يصلي لله ليل نهار بان لا يكون هؤلاء المعتقلين الليبيين قد تعرضوا للتعذيب، او اسيئت معاملتهم في الاردن، حتى لا يعامل بالمثل، لان خاطفيه، وهم حتما من عناصر الجماعات الاسلامية المتشددة، لا يعترفون بمعاهدة "فيينا" 1961 التي تنص على حماية الدبلوماسيين، وتحدد الاعراف المتبعة في تأمين حياتهم وتسهيل مهامهم، وسنفاجأ اذا كانوا قد سمعوا بها، ناهيك عن معرفتهم لبنودها.
واستطرد عطوان قائلا : لا ننسى في هذه العجالة ان نهمس في اذن السيد ناصر جودة وزير خارجية الاردن الذي يريد ان يذهب الى مجلس الامن لادانة عملية الاختطاف هذه، بانه ينفخ في قربة مقطوعة، ويتحدث لغة تعبير منقرضة لا يمكن تداولها في بلد مثل ليبيا التي لا تعرف القانون ولا احكامه.
فمجلس الامن الذي يريد السيد جودة الاحتكام اليه ليس له اي دور في ليبيا رغم انها ما زالت تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، ويتحمل المسؤولية الاكبر عن الكارثة التي وصلت اليها البلاد عندما اعطى الضوء الاخضر لحلف الناتو للتدخل فيها، وتحويلها الى الوضع المؤسف الذي تعيشه حاليا، ويعتبر الاسوأ في تاريخها، وبمباركة من الجامعة العربية وامينها العام في حينها السيد عمرو موسى.
ليبيا اليوم بلا هوية، تمزقها القبلية، والمناطقية، وحكم الميليشيات، ويسودها التفتيت الجغرافي والديمغرافي، والانعدام الكامل للامن والامان والخدمات الاساسية، ويكفي ان اكثر من نصف مليون من ابنائها هاجروا الى تونس بينما لجأ عدد مماثل الى مصر.
نتمنى حلا سريعا لازمة خطف السفير الاردني، ولكننا بالقياس الى التجارب السابقة قد لا يتم هذا الحل الا بعد وصول السيد الدورسي لوحده او مع عدد من رفاقه الى طرابلس على ظهر طائرة اردنية خاصة معززين مكرمين.
واهلا بكم مرة اخرى في "ليبيا الجديدة"!