خدش الحياء العام!
لفت نظري خبر يتحدث عن اعتقال الشرطة الإيرانية ستة إيرانيين لاشتراكهم في تصوير تسجيل فيديو يؤدون فيه أغنية «هابي» لفاريل وليامز، بتهمة «خدش الحياء العام»!
لست ممن يستمع لهذه الأغاني، ولا يعنيني أمر هذا النوع من «الفنون» كثيرا، ولكن مجريات عملية الاعتقال، وطبيعة التهمة التي وجهت للشباب، وطريقة تعامل السلطات مع القضية، أثار اهتمامي!
يظهر هذا الفيديو المنشور على موقع «يوتيوب» ثلاثة رجال وثلاث نساء غير محجبات يغنون ويرقصون في الشوارع وعلى أسطح مبان في طهران على موسيقى مغني البوب الاميركي صاحب أغنية «هابي» علما بان هذه الأغنية، كما تقول الأخبار، تلقى رواجا كبيرا حول العالم، وتم نشر عدد كبير من التسجيلات المصورة التي استخدمت فيها هذه الأغنية في بلدان عدة، هذا التسجيل المصور أثار احتجاجا في أوساط من يسمونهم «المحافظين» الإيرانيين الذين اعتبروا ان هذا النوع من التسجيلات يجسد انحرافا عن القيم الإسلامية خصوصا لدى الشبان لصالح أسلوب حياة غربي الطابع.
ومن المعروف أن القانون الإيراني المطبق منذ 1979، يرغم النساء على ارتداء الحجاب. وعليه فقد أنشأت الشرطة في إيران وحدة «أخلاقية» مهمتها التثبت من التزام النساء بارتداء الحجاب في الشوارع تحت طائلة إلزام المخالفات بدفع غرامات وصولا إلى الاعتقال، كما تمارس السلطات رقابة على الانترنت وتحجب عددا كبيرا من المواقع من بينها ابرز شبكات التواصل الاجتماعي!
قائد شرطة طهران حسين ساجدينيا قال أنه «بعد (نشر) مقطع «فاحش!» تسبب بخدش الحياء العام على الانترنت، قررت الشرطة تحديد هوية المشاركين في هذا المقطع»، ومن ثم أوكل التحقيق الى الشرطة ووزارة الاستخبارات التي تعمل بالتنسيق مع السلطة القضائية، وبناء على هذه «التحريات!» قال ساجدينا ان «ثلاثة رجال وثلاث نساء اعتقلوا» و»اقروا بجريمتهم!»، وإمعانا في «التنكيل» بـ «المجرمين» لم تكتف الشرطة الإيرانية باعتقال ناشري الفيلم، بل طلبت منهم الاعتراف علنًا، من خلال مقابلة تلفزيونية حكومية، بأنّ هذا الفعل يعتبر غير أخلاقي بسبب رقص الفتيان والفتيات سويّة. و»اعترف» الناشرون والراقصون في المقابلة بأنّهم «ضُلّلوا» وأنّ الفيديو معدّ للاستخدام الشخصي فقط، وقالوا في فيديو التحقيق الذي نشرته الشرطة مع الشبّان في التلفزيون الإيراني الرسمي إن الفيديو نشر على الانترنت من دون موافقة الأشخاص الذين ظهروا فيه على يد ثنائي عمد إلى خداعهم!
من حيث المبدأ، هذه في المجمل قضية «حريات» على نحو أو آخر، وقد لا يروق للمؤمنين أن يروا مثل تلك المشاهد على شبكة يوتيوب، لكن مجمل الإجراءات التي قامت بها الشرطة الإيرانية، وحجمها، باعتبارها «حارسة» للقيم الإسلامية، يثير في النفس الكثير من الامتعاض، قياسا لحجم الجرائم التي ترتكب باسم الإسلام، من قبل هذه السلطات وغيرها، خاصة في العراق، وسوريا، مما يعتبر جرائم ضد الإنسانية، لا تقارن على أي نحو من الأنحاء بـ «جريمة» شباب رقصوا في الشارع!
ما يثير الاشمئزاز هنا، تصوير الإسلام كسوط يضرب ظهور الشباب المفتتنين بالفن الغربي، حفاظا على القيم الإسلامية(!) وفي نفس الوقت انتهاج سياسة إجرامية تهدر دم الآلاف من البشر، وهو أمر يدعو إلى الغضب، ويكشف عن خدم الخداع والنفاق الذي تتحلى به نظم تدعي أنها حارسة للقيم والفضائل الإسلامية!.