لوج وبنوار
الصحيح ... للنواب الحق في أن يزعلوا، فقد أخطأ القائمون على مهرجان جرش وأجلسوا بعض العامة في أماكن الخاصة من الناس، وبذلك إقتربوا من حصانة مجلسهم الموقر وأهتزت هيبته، بعدم تخصيص مقعد أمامي لرئيسهم على غرار رؤساء السلطات الأخرى. كل منا يريد أن يتميز عن الآخر، وأن يجلس في الصف الأول لما لذلك من تعبير عن الهيبة ورفعة المكانة التي يتمتع فيها الجالسين في هذا الصف، هذا بالإضافة الى الميزات المعنوية لضيوف الصف الأول، وهي ميزات حسية ملموسة كون مقاعد هذا الصف مزودة بطراريح إسفنجية تريح القفى وتحول دون إحمراره، فهل يقبل الشعب أن يكون مسؤوليه بقفا أحمر، طبعاً لا. ويلاحظ بأن مقاعد هذا الصف قد قسمت الى حظائر (مزودجة) بمعنى أن كل أثنين يجلسان بين مساند إسفنجية ضخمة (ركايات) لليدين، فبالله عليكم ... هل ترضون أن يجلس كبار الزوار بدون ركاية، ويصيبهم فتال، طبعاً لا. القضية المهمة الإضافية التي يتمتع بها رواد الصف الأول هي المساحة الشاسعة بين الصف وعتبة المسرح، فترى المسؤول ماط رجليه لقدام، ويمكنه أن يقلب المشط يسار ويمين كتعبير جسدي رزين عن إعجابه بلقطة أو حُبِه لمغنى. وأسمحوا لي أن استغل معرفتي بتاريخ الحضارة الرومانية،على أساس أني ناجح كلية عمارة، وأقول بأن المقاعد في المدرجات الرومانية كانت أصلا للنخبة، وهم القياصرة والنبلاء والأعيان ... نعم، كان عندهم مجلس أعيان ويستشار في أمور الدولة الهامة، أما العامة فكانوا أدوات العرض، إما للمبارزة حتى الموت، أو للترفيه مع أو بدون حيوانات. ولم يخطر على بال الرومان بأن مدرجاتهم ستصمد آلاف السنين، وأن مسؤولينا سيتسابقون للجلوس في الصف الأول، وإلا لإعتمدوا نموذج الكوليسيوم المقام في روما لأنه مزود بشرفات علوية خاصة ذات المداخل والإكسسوارات الوثيرة. هذا نصيبنا من المدرجات (بدون شرفات) وإلا لكان قطّع الاردنيين بعضهم بعضاً للوصول الى المنصة، فقد تعود البعض عليها في سينمات عمّان القديمة مثل سينما رغدان أو بسمان أو الخيام، حيث كان هناك شرفات للميسورين تسمى (لوج) وأخرى (بنوار) حيث المقاعد المنجّدة بالإسفنج والركايات ومساحة أكثر لمط الأرجل، كما أن السندويات ساخنة، والكازوز بارد. مجلسنا، قطع مناقشة قانون التقاعد المدني ليتدارس الرد على فِعلة أبو سماقة (على أساس أنه تنفيذي، يعني من طرف السلطة التنفيذية التي تناكف السلطة التشريعية) وسحبت الكرسي من تحت الرئيس ... يا جماعة هدوا اللعب شوية ... فالطفر باللوج والغضب بنوار.