أيهما نختار في قتل الأطفال: الحل البرازيلي أم البنغالي؟!
يعجب الإنسان حينما يقرأ مقالا لأستاذ جامعي يقترح التخلص من أطفال الشوارع بقتلهم، فقد أشار كاتب مصري في مقال له نشر في صحيفة (المصري اليوم)على حكومة بلاده بإعدام أطفال الشوارع في مصر، تماما مثلما هو الحال في التخلص من الكلاب الضالة في تملق صارخ ومرير من قبل مثقفي السلطة أو متحسسيها، الذين يروجون لاقتراحات يعرفون مسبقا أنها رغبة السلطة أو أمنيتها، في ثوب مَن يقدم حلولا لمساعدة الدولة في حلّ مشاكل الوطن!
والحق أنهم يروجون لأفكار شيطانية علهم يفوزون بحفنة من الدراهم، أو بكرسي يمارسون من خلاله مزيدا من التآمر على الآخرين، والتحريض عليهم.
طلب هذا الكاتب من الدولة تطبيق التجربة البرازيلية، إذ قامت الشرطة هناك بحملة مسعورة ضد الأطفال وسط صمت جميع القوى السياسية والحقوقية والإعلامية، فتحولت البرازيل بعدها إلى دولة متقدمة، وقضت على الظاهرة بسبب توافر إرادة الإصلاح، وهو درس يبنبغي أن نعيه للتخلص من أزمة الأطفال بقتلهم -حسب رأي الكاتب- ...إنه تحريض سافر على الكراهية والعنف والقتل.
ذكرني هذا المفكر المصري بالمفكر البنغالي والأستاذ الجامعي محمد يونس مؤسس بنك جرامين(بنك القرية) الذي يقول إنه حين عاد إلى بنجلادش بعد تخرجه من أمريكا تلمس المستوى الحاد للفقر في وطنه، ففكر بفكرة خلاقة تساعد الفقراء بتقديم قروض لعمل مشاريع أعمال صغيرة دون ضمان؛ لكسر قيد الفقر المتغلغل في بلده، فأرسى نظاما جديدا للقروض المتناهية الصغر اقتبس فيما بعد في أماكن كثيرة من العالم.
وجد د.يونس ضالته في إيجاد هذا البنك؛ مما ساهم بخلاص الملايين من الفقر، كان 96 بالمئة منهم من النساء قمن بتدبير أمور أسرهن، وتعليم أبنائهن، وانتقلن من حالة الفقر المدقع إلى حالة الاكتفاء الذاتي، بل أصبحن مساهمات في بنك جرامين نفسه.
لقد حاز يونس جائزة نوبل عن إنجازه هذا في محاربة الفقر، وخلق التنمية الاقتصادية والاجتماعية عند الفقراء، فأثبت أن أكثر الناس فقرا يمكنهم العمل لتحقيق التنمية، فكان بنك جرامين رسالة أمل لفقراء العالم، وبرنامج عمل لوضع حد للتشرد والعوز.
لم أختر مفكرا أمريكيا أو أوروبيا حتى لا يقال الظروف مختلفة، وبالتالي المقارنة غير صحيحة.
فأين نحن من مفكري دول العالم المشابهة لنا في الفقر؟! وأين ثروات العرب الضخمة التي لم تستطع إنشاء البنوك للفقراء بدلا من إعدامهم؟!