غزّةُ يُحْرَقُ ثَوْبُهَا عَمْدًا وَيَهْتِكُ عِرْضُهَا اْلأَشْرَارُ
إذا انتُهِكَتْ مَحارِمُنا ،إذا نُسِفَتْ مَعالِمُنَا ،ولمْ تَغضَب ،إذا قُتِلَتْ شَهَامَتنَا ،إذا دِيسَتْ كرَامُتنا، إذا قامَتْ قِيامَتُنَا ،ولمْ تًغضبْ ،فأخْبِرنِي متَى تَغضَبْ ،عَدوِّي أو عَدوّك يَهتِكُ الأعْراضَ، يعبثُ فِي دَمِي لَعِباً ،وأنتَ تُراقِبُ الملعبْ ،إذا للهِ، للحرماتِ ،للإسلامِ لمْ تَغضَبْ، فأخبِرْنِي مَتى تَغضبْ ؟!
رأيتُ هُناكَ أهوالاً ،رأيتُ الدَمَ شلّالاً ،عَجائِزَ شيَّعتْ لِلموتِ أطفالاً ،رأيتُ القهْرَ ألواناً وأشكالاً، رأيتُ المَوتَ فوقَ رؤوسِنَا يَنْصَبُّ ،ولمْ تغضبْ ،فأخْبِرنِي متَى تغضبْ؟
الَّلهمّ إنّا نشكو إليكَ دماءً سُفِكتْ ،وأعراضًا هُتِكَتْ ،وحُرماتٍ انتُهِكَتْ ،وأطفالًا يُتِّمَتْ ،ونساءً رُمِّلَتْ ،وأمهاتٍ ثُكِلتْ ،ومساجدَ خُرِّبتْ ،وبيوتًا دُمِّرَتْ ،ومزارعَ أُتلِفتْ وأُحرِقتْ.
ها هُمْ يهودُ الرجسِ ،يُضيفون وسُيضِيفون إلى رصيدِهم الإجرامِيِّ مذابحَ جديدةٍ بحقِّ الأهلِ والأحبابِ في غزةَ ،الذين استمدوا قوّتّهم مِن ضعفِنا ،هذا الداءُ العضالُ الذي أذلَّ الأمّةَ ،والذي تحدَّثَ عنهُ مَنْ لا ينطقُ عنْ الهوَى نبيُّنا محمّدٌ – صلَّى الله عليهِ وسلّم – فقال : ( يُوشِكُ أنْ تَدَاعَى عليكُم الأُمَمُ كمَا تدَاعَى الأَكلَةُ إلَى قَصْعَتِهَا فقالَ قائِلٌ: ومِنْ قِلَةٍ نحنُ يومئذٍ؟! قال (بَلْ أَنتُمْ يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ المَهَابَةَ مِنكُمْ، وَلَيَقذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهَنَ) فقال قائل: يا رسول الله! وما الوَهَن؟ قال:(حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوتِ).ّ
إنَّ ما يحدثُ لغزةَ هاشم الآنَ يُوقِظُ الموتى مِن قبورِهم غضبًا ،قوارعُ تُوقِظُ النِيامَ مهما كانَ غطِيطُهم مُرتفِعًا ومهما كانتْ غيبوبتهم عَمِيقةً لكنَّ العربَ كالمنافقين قديمًا يقولُ اللهُ فيهم:( أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) (126التوبة).
أكادُ لا أصدَّقُ وأنا أرى ما يحدثُ على أرضِ غزةَ هاشم مِن حربِ إبادةٍ وأنَّ هناكَ عربًا ومسلِمِينَ .
ها هُمْ أحفادُ القردةِ والخنازِيرِ أبناءِ الأفاعِي ،يتعاقبون على أهلِنا فِي غزَّة بالقتلِ والتدميرِ والتشريدِ في الليلِ والنهارِ ...أيُّ ساعاتٍ تَمرُّ على أهلِنا هناكَ مِنَ الحزنِ والألمِ ،أيُّ سماءٍ تُظلّنا وأيُّ أرضٍ تُقلّنَا ،وأهلُنَا بلا ماءٍ ولا هواءٍ ولا غطاءٍ ؛من عُيونِهم سلبوا الضياء ...يا أهلَنا لِمَن النداءُ ،نحنُ جدارُ الصامِتين ،رحالُنا أمسَوا نساءً ،ساداتُنا ذبحوا الحياءَ ،في ثَوبِهم جرّوا الشقاءَ لعدوِّهم أصدقاءُ ،نحنُ جِدارُ الصامِتين ،أقوالُهم أقوَى لهمْ أفعالُهم أفعَى لهمْ ،لنْ يستجيبوا أنَّا لهُم أو يُنِيبوا بعدًا لَهمْ.
إنَّ العينَ لتدمعُ وإنّ القلبَ ليحزنُ وإنّا على ما يحلُّ بأهلِنا على أرضِ غزّة هاشم لمحزونون ؛بِركُ الدِّماءِ وأكوامُ الأشلاءِ تجسِّدُ الفجيعةَ ،وتحكِي المأساةَ ،هناكَ ذُبِحَ أهلُنا تذبيحَ الخرافِ ،ولا زالَ المشاهدون مِن كلِّ بقاعِ الدّنيا قابِعين في مقاعدِهم ،يشاهدونَ هذهِ المسرحيةِ المحرِقةِ ،منهم مَنْ يُبارِك هذهِ التصفيةِ – الانقلابيون - !!ومنهم مَنْ يباركُ هذهِ الإبادةِ!!ومنهم مَنْ جلسَ يمسحُ عينيهِ بمنديلٍ!!ولكنّهُ ما زالَ مُصرًّا على أنْ يقبعَ في مِقعَدِهِ ليشاهدَ آخرَ فصولِ الجريمةِ!!
أينَ فرَّ الرافضون؟ أينَ غابَ البائِعون؟ أينَ راحَ الهارِبون الصامِتون الغافِلون الكاذِبون؟صمتوا جميعًا والرصاصُ الآنَ يخترقُ العيونَ..وإذا سألتَ سمعتَهم يتصايحون..هذا الزمانُ زمانُهم في كلِّ شيءٍ فى الورى يتحكّمون...لا تسرعِوا في موكبِ البيعِ الرخيصِ ..فإنَّكم في كلِّ موقفٍ خاسرون..لنْ يتركَ الطوفانُ شيئًا كُلّكُم في اليمِّ غارقون..تَجْرُونَ خَلفَ المَوتِ ..والنخاسُ يجرى خلفَكم..وغدًا بأسواقِ النخاسةِ تُعرضُون.
نامَ الجميعُ وكلُّهم يتثاءبون...فمتى يفيقُ النائِمون؟ ...متى يفيقُ النائِمون؟متى يفيقُ النائِمون؟!!