آخر الأخبار
ticker خارجية بلجيكا: مصداقية الاتحاد الأوروبي في "طور الانهيار" ticker إيران: احتمال اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل "وارد بقوة" ticker الملكة رانيا: غزة تفرض علينا رؤية الأمور بوضوح أخلاقي ticker ترامب يوقع أمراً تنفيذياً لتغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب ticker الأونروا: الاحتلال يواصل منع دخول شاحنات المساعدات إلى غزة ticker الوحدات ينتزع فوزاً صعباً من الرمثا في بطولة الدرع ticker التربية تعلن أسس مشروع تمليك الأراضي للمعلمين وموعد التقديم ticker الأردن: تهجير الفلسطينيين جريمة حرب وسنواجهه بكل إمكانياتنا ticker مروحيتان أردنيتان تنقلان الرئيس الفلسطيني إلى عمّان تمهيدًا لزيارة لندن ticker %93 نسبة إشغال فنادق الـ 5 نجوم في العقبة خلال نهاية الأسبوع ticker قصف إسرائيلي مكثف على غزة .. وعمليات نزوح واسعة بالقطاع ticker مجلس الأعمال السعودي الأردني: انطلاقة جديدة نحو شراكة اقتصادية استراتيجية ticker فنلندا تعلن الانضمام إلى إعلان نيويورك بشأن حل الدولتين ticker وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي: الآن تُفتح بوابات الجحيم في غزة ticker النشامى يفرض التعادل على المنتخب الروسي بين أرضه وجماهيره ticker الملك وولي العهد يتلقيان برقيات تهنئة بذكرى المولد النبوي الشريف ticker مصدر مطلع: اجتياز 8 جنود إسرائيليين بالخطأ للحدود الأردنية ticker الأردن: نكرس كل إمكاناتنا للحفاظ على المقدسات في القدس ticker التعليم العالي: امتحان المفاضلة يحقق العدالة بين طلبة الثانوية العربية ticker أمانة عمان تستحدث رؤوس إشارات ضوئية خاصة بالباص سريع التردد

الديكتاتور الشعبي

{title}
هوا الأردن - إبراهيم جابر إبراهيم

لا يقلّ الشارعُ العربي ديكتاتورية عن الحاكم! 
فالاستبداد فطرةٌ، ومن طباع العربي، حتى إن شاعراً عربياً هو عمر بن أبي ربيعة قال "إنما العاجز من لا يستبدّ"! 
وفي موسم الربيع العربي، الذي يفترض به موسم حريّات، وأن يتنفس الناس من بعد طول اختناق، يشيع في الشارع العربي نوع أكثر رهبة من الاستبداد؛ هو استبداد المواطن بالمواطن واستبداد الناس بالناس!
فالمشكلة في تربيتنا العربية أن تعريفنا للرأي الآخر هو أنه رأينا نفسه على أن يقوله شخص "آخر"! 
حتى إن مواطناً يقمع آخر وهما، كلاهما، في الطريق لمظاهرة تطالب بالحريات! 
وهذا ليس جديداً في الشارع العربي، فلطالما خاف الشاعر والمثقف والرسام والمصور والمغني والراقصة والعازف من الناس، ومن محاكماتهم الأخلاقية، أكثر مما خافوا من الرقيب الرسمي أو من المؤسسة الرسمية. 
ليس جديداً؛ وخبرناه لعقود طويلة، لكنه الآن يبدو نشازاً وشديد المفارقة، حين يظهر في وقت يخرج الناس كل يوم للمطالبة بحرياتهم، وبأنفاسهم، حُرّة. 
الذي يدفع للاستفزاز فيما يحدث الآن هو حالة التقديس والرمزية والهالة الفضفاضة التي يصنعها البعض لأسماء من الناس لمجرد أنها تسير في الصف الأول من التظاهرة، أو لمجرد أنها رفعت الصوت صارخةً أعلى من أصوات البقية، دون الانتباه أنها تفعل ذلك كونها تحظى بحصانةٍ ما اكتسبتها سابقاً من ذات المؤسسة التي تناهضها!!
فحالة القداسة التي نضع فيها المتظاهرين أحياناً هي تربية ديكتاتوريين جدد، وتخصيب لمشروع استبداد جديد. واذا لم تكن الثورة خاضعة ومتقبلةً للنقد الآن فهل ستتقبله حين تصير على سدّة الحكم؟! 
ومما يدفع للاستفزاز، أيضاً، حالة التشبث برأي واحد في شارع الربيع العربي(!!)، لا يجوز الاعتراض عليه أو مناقشته، أو الإضافة إليه، فإذا انتقد واحد يافطة ما، ولو لخطأ إملائي أو نحوي، صار من مناصري الديكتاتور، وبأنه متعاطف مع الطاغية، وأنه ضد الشعوب كلها من يمينها ليسارها، ومن شرقها لمغربها. 
هذا كله يدخل في ثقافة الاستبداد التي كان الحاكم يمارسها على شعبه، والمواطن يمارسها على زوجته، والزوجة على أولادها، والأولاد على شقيقاتهم البنات، والمعلم على تلاميذه، والمدير على موظفيه، ويمارسها الإمام الذي يخاطب المُصلّين بفوقية من ملك العلم وحده! 
وفي طريقها للتظاهر ضد الحاكم لم تنتبه تظاهرات الربيع العربي لهذه الثقافة، ولم تحاول التخلص منها، ولم يسمح المواطن للتعددية أن تخرج من سجنها، كما خرج هو. 
قلة قليلة جداً، ونادرة، تلك التي يمكنها تقبل الرأي الآخر، أو أن تستمع له من حيث المبدأ! 
الذين خرجوا في المظاهرات، والذين ناموا لشهور طويلة في ميادين التحرير ليسوا أنبياء بالضرورة لمجرد أنهم ضحايا، فهم من طين هذه الشعوب التي أنجبت حكامها من أسر فقيرة وكادحة أحياناً، وهؤلاء المتظاهرون والمحتجون والذين استشهدوا أيضاً لو تسلموا الحكم فربما لن يختلفوا كثيراً عن الحاكم المستبد، وهذا ليس انتقاصاً من شأنهم بالطبع، ولا إساءة للثورات أو انتقاصاً من ضرورتها التاريخية، ولكن لأن هذه هي ثقافتنا العربية وهذا هو موروثنا، وتراثنا، و"جيناتنا" في الحكم والسلطة! 
ربما علينا إذاً أن نفهم أن الثورة الحقيقية، والمطلوبة، هي ثورة وعي، وتغيير ثقافي، ونهوض معرفي، وليست مجرد استبدال حاكم بآخر جديد هو بدوره سيستبد حتماً انسياقاً لمقولة شاعره العربي الذي قد يُعيّرهُ بعجزه إن لم يستبدّ! 
علينا أن نفهم كلنا ذلك حتى لا ترتفع في كل عواصمنا تلك اليافطة البليغة والمشبعة بالخيبة التي رأيتها في شوارع تونس: "قبل الثورة كل شي ممنوع .... بعد الثورة كل شي حرام"!!

تابعوا هوا الأردن على