احرجتينا ياغزة
هوا الأردن - تمارا الدراوشة
مع إنتهاء اليوم السادس على الغزو الصهيوني الغاشم ، لقطاع غزة الأبي ,ومع تخطي عدد الشهداء رقم المائة وعدد الجرحى للألف ,ومع كل صرخة طفل ، وأم يصل صدى صوتهم ، موائد الطعام التي نتفاخر بها في رمضان ، دون أن يرف لنا جفن ، وكأن مايحصل هو من مسلسلات رمضان التاريخية التي تعرضها القنوات العربية .
نعم مع دخول اليوم السابع ، على تدمير غزة الأرض والتاريخ والإنسان ,لم نجد سوى بعض المسيرات هنا وهناك ، قام بها عدد من أحرار الأمة في مختلف بقاعها , وكالعادة يتم قمعهم ، أما اصحاب القرار فلم نسمع أو نرى منهم ماهو جديد ، أكثر من إستنكار خجول هنا ، وشجب على استحياء هناك .
أحرجتينا ياغزة في توقيت إستغاثتك ، فنحن مشغولين في كأس العالم ,العالم الذي تكالب عليك ليبيدك , مشغولين بموائد رمضان ومتابعة المسلسلات , ولم نعد نملك من الوقت حتى لكي ندعو لك ، أو ندعو على من اراد بك السوء .
أحرجتينا ياغزة ,لأنك عريتينا أمام أطفالنا وأمام انفسنا ، فظهرت قيم الوحدة والحرية ، وكأنها اكذوبة نسردها على أطفالنا الذين الذين سرعان ما إكتشفوا حجم الجبن والضعف الموجود بداخلنا , فأدرك أطفالنا ياغزة مستوى هشاشتنا ، فلم يعودوا يصدقونا , لأنهم ايقنوا أن فاقد الشئ لا يعطيه.
غزة , لقد صمدتي في الحروب السابقة , دون مساعدة من أحد , فقط بصمود أبطالك من أطفال ونساء ورجال , وبوحدة مقاومتك ، وبإيمانك بأن هناك يد تبني ، وهناك يد تحمل السلاح , فقدرك يا غزة أن تكوني رمزا
للصمود ورمزا للكرامة والحرية , التي لم نعد نسمع عنها إلا من خلال الأفلام الأمريكية .
أحرجتينا ياغزة ، فبتنا نخجل من انفسنا , حتى أغنية (وين الملايين، الشعب العربي وين) , لم تعد تؤثر فينا , وكيف ستؤثر ونحن نرى صور الشهداء من النساء والأطفال , صور البيوت التي تدمر على رؤوس ساكنيها بلا ذنب , فكل تلك الصور لم تعد تؤثر فينا ، وكأننا ادمنا على الذل والهزيمة والإنكسار، ولا ندري كيف سنحكي بطولاتك للأجيال القادمة ، ونحن لم نكن اكثر من متابعين للمشهد بلاحراك ، واتساءل أين المواقف التي سيسجلها التاريخ لزعماء الأمة , وللشعوب فالتاريخ لن يرحمهم .
أحرجتينا ياغزة , فلن أقول إن التوقيت لغزوك لم يناسبنا ، لأن كل اوقاتنا مغموسة بالذل والإنكسار , ولن اقول أنك في كل مرة تظهرينا على حقيقتنا ، فانتصاراتك لم تدع مجالا للشك ، بأنك رسمتي خارطة الصمود والحرية ، لكل الأجيال العربية , ولم يبقى امامنا سوى الدعاء الصامت لك ، وهو أضعف الإيمان ، ولا تنتظري منا أكثر من ذلك ، لأننا قريبا سننشغل ، وسيشغلونا بإحتفالات العيد ، أملا منهم أننا قد ننسى غزة , لكنهم حتما خاسرون ، وأنتم المنتصرون ياغزة.....