صراع غزي إسرائيلي
أين الضفة الغربية والقدس ومناطق 48 مما يجري في غزة؟ المستوطنون اختُطفوا وقُتلوا في الضفة وليس في غزة، والفتى أبو خضير قتل في القدس، ولكن يبدو أن القدس والضفة وفلسطينيي 48 في عزلة عما يدور في غزة، وأن علاقة الناس هناك بما يجري في القطاع مثل علاقة الأردنيين! فلا يختلف المشهد في الضفة والقدس والناصرة والمثلث عنه في عمان والزرقاء وكركمة!
إذا كان ممكنا خطف مستوطنين في الضفة، فذلك يعني ببساطة مواصلة عمليات ضد إسرائيل من هناك، وفتح جبهة مع إسرائيل. ويمكن التظاهر والضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية لتكون في موقف أكثر إيجابية وتأثيرا بشأن الحرب الدائرة في غزة، ويمكن التظاهر في القدس والناصرة والضغط على إسرائيل. وفي جميع الأحوال، وأيا كانت الإجابة، فإن الغزيين ليسوا في وضع أفضل من الضفة في المواجهة والصراع مع إسرائيل!
عندما كتبت قبل سنوات أن الفلسطينيين صاروا غزيين ومقادسة وضفاوية وإسرائيليين، وأن كل مجموعة أصبحت لها مصالحها وظروفها المختلفة عن الآخرين، وأن الفلسطينيين خارج فلسطين لم يعودوا مختلفين عن العرب كثيرا في حالة الصراع مع إسرائيل؛ كان الردّ الفوري بالغضب. وما يزال الغضب هو الردّ على محاولة فهم وتحليل الحالة الفلسطينية بواقعية. وعندما وصفت قبل أيام الصراع بأنه فلسطيني إسرائيلي، بدا استخداما مرفوضا لوصف الصراع وأطرافه، ولكنه في واقع الحال صراع غزّي إسرائيلي.
ثمة الكثير مما يمكن التفكير فيه، بواقعية ومن دون مغامرات مكلفة، للمساعدة والتضامن مع غزّة على المستوى الفلسطيني في فلسطين، والفلسطيني في الخارج، والعربي شعبيا ورسميا؛ يمكن ببساطة (إذا أردنا استبعاد المواجهة مع إسرائيل) الضغط على إسرائيل لوقف الحرب، ويمكن تقديم المساعدة الطبية والإغاثية، ويمكن لحملة الجوازات الأوروبية والأميركية أن يشاركوا في مجالات كثيرة.
لكن أهم ما يجب تذكره، هو أن "حماس" لم تكن تريد هذه الحرب، وأنها نفت علاقتها باختطاف المستوطنين، وأن الحرب فرضت على الحركة والغزيين فرضا. كان يجب ألا تستدرج "حماس" إلى الحرب ولا تستفزّ. وربما تكون حاولت بالفعل، وأن مقدمات وأسباب الحرب وقعت في الضفة والقدس وليس في غزّة، ويجب أن يكون الضفاويون والمقادسة على الأقل شركاء في المواجهة. وفي جميع الأحوال، فإن آخر ما يحتاج إليه الغزيون وأقل ما يؤذي إسرائيل، بل ولن يؤذيها بشيء، هو "الهوسة" من دون مواجهة الذات بما يجب ويمكن فعله، وبما لم نفعله ويمكن فعله!