آخر الأخبار
ticker مدعي عام كاليفورنيا: سنقاضي إدارة ترامب بسبب نشر الحرس الوطني ticker روسيا: نجاح عملية تبادل أسرى حرب مع الجانب الأوكراني ticker الملك يلتقي ماكرون ويؤكد الحرص على توطيد العلاقات مع فرنسا ticker مقتل خمسيني طعنا وإصابة 3 خلال مشاجرة في مأدبا ticker السلامي: اللاعبون الأكثر جاهزية سيلعبون امام العراق .. والتعمري مصاب ticker 963 عقارا تملكها غير الأردنيين منذ مطلع العام بانخفاض 13% ticker طلائع قوافل الحجاج تصل إلى حدود المدورة ticker حسان في عيد الجلوس: هنيئاً لنا بكم سيدي ticker الملك يشارك في المؤتمر الثالث للأمم المتحدة للمحيطات بفرنسا ticker الأردنيون يحتفلون بالذكرى الـ 26 لعيد الجلوس الملكي ticker الأسواق الأوروبية تغلق على انخفاض مع ترقب محادثات التجارة بين أميركا والصين ticker اكثر من 300 مليون سائح دولي في العالم خلال 3 أشهر ticker تراجع طفيف للجنيه الإسترليني أمام الدولار واليورو ticker الأشغال: مشاريع طرق بـ 97 مليونا تعكس رؤية الملك للتنمية المستدامة ticker كندا تتبنى نظام التمويل الإسلامي ticker الأسهم الآسيوية ترتفع والهندية لأعلى مستوى في أكثر من 7 أشهر ticker بعثة الحج العسكرية تصل إلى أرض الوطن ticker الملكة رانيا : "تي شيرت" المنتخب زي رسمي هاليومين ticker الآلاف يقضون العيد بالتنزه في إربد ticker ولي العهد للملك: دمت يا سيدي رمزاً للفخر والعزة

شيء ما يموت فينا

{title}
هوا الأردن - جمانة غنيمات

عشرات الشباب يتحرشون بفتاتين في إربد. الفيديو الذي يوثّق الواقعة ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتداوله الناس؛ بعضهم بدم بارد، وآخرون بحرقة وأسى على الانحطاط الذي بلغته فئة من المجتمع.
حادثة إربد سابقة، الأغلب أنها لم تحدث من قبل أبداً. لكن وقوعها يعكس حالة الدمار التي لحقت بمنظومة القيم، والتهتك الذي أصاب العقل الجَمْعي، إلى مستوى لا يمكن السكوت عليه، ويقرع الباب بقوة لتنبيه الجميع إلى سوء الحال التي بلغناها.
كذلك، يعكس تردي الأوضاع حالة اللوم شبه العامة للضحيتين. فبدلا من إدانة عامة لا تقبل التردد، نسمع صوتا يدين الفتاتين لأسباب سطحية، تعكس ذكورة مجتمعية ما تزال ترى في النساء تابعا.
أيضاً، باتت جرائم القتل ظاهرة شبه يومية، تُرتكب بدم بارد، لأسباب واهية سخيفة، في مختلف مناطق المملكة ومحافظاتها، وكأن إزهاقَ روحِ أيٍّ كان صارت مسألة سهلة، يقبلها المجتمع باعتبارها أسهل الطرق لإنهاء الخلافات وحسمها! وطبيعي بالنتيجة أن تزيد جرائم القتل بداعي الشرف، طالما أن إزهاق الأرواح مقبول. فيما المشاجرات لا تتوقف؛ إذ لا تمضي ساعات إلا ونسمع أنباءً من هذا النوع.
صورة بانورامية للمجتمع، تُظهر مدى التشوهات التي صرنا نعاني منها، ونكتشف معها أن شيئا ما يموت في داخلنا؛ نقتله مع سبق إصرار وترصد، وهو تسامحنا وسواه من قيم، إلى درجة نفتقد معها إنسانية كانت تسهّل الحياة أكثر، لكننا صرنا نضيق بالآخر ولا نحتمل اختلافه معنا.
ما الذي تغيّر؟ وما الذي يقود إلى استباحة كل شيء؟ ما الذي يجعل البعض يظن أنه فوق المساءلة وأهم من القانون؟ ومن أين بدأت تنتج هذه العقلية؟ وما هي الظروف التي خلقت هذه البيئة المواتية لكل هذه الاختلالات؟
المتهم الرئيس في ارتكاب الجرم، هو الفقر، وكثيرا ما يؤشَّر إليه على أنه السبب وراء كل ما يحدث. لكن السؤال هنا: هل كان المجتمع الأردني يوما مجتمع رفاه وثراء، ثم حط عليه الفقر فجأة مسببا كل هذا الخراب؛ يقتل قيمنا ويدمر أخلاقنا؟ الجواب ببساطة: لا.
البطالة أيضا متهمة، وآلاف الشباب الذين يعانون من الفراغ وانعدام الأمل، شركاء في الجريمة؛ يدفعهم شعورهم بالإحباط إلى تحطيم كل ما هو جميل، انتقاما من سياسات ظلمتهم، ولم تلبِّ احتياجاتهم كما تطلعاتهم لمستقبل آمن.
أصابع الاتهام توجه كذلك إلى مقولة "الأمن والأمان" التي تتغنى بها الحكومة، من دون أن تدرك فعلا أن الأمن الاجتماعي والاقتصادي اللذين تفشل في توفيرهما، هما الأهم في منظومة الأمن الشامل؛ كما لا تعلم أن الاستخدام الفضفاض لمصطلح "الأمن والأمان" قد أدى إلى إفقاده بريقه في ظل كل هذه الجرائم، والخشية أن نفقده بكل معانيه إن لم يوضع حد لتنامي مستوى الجريمة.
أما الظروف الاقتصادية الصعبة، ومن نتائجها تقهقر الطبقة الوسطى الرصينة المتعلمة والواعية والمؤمنة بالقانون، فهي أيضا جزء من شبكة عوامل الإجرام التي ولّدت مجتمعا لا أباليا تجاه كل ما يحدث حوله، فصار مبدأ الغالبية فيه "اللهم نفسي"، ومقتضاه النأي بالنفس عن المحيط، والانشغال بلقمة العيش التي أنهكت الجزء الأعظم من الأردنيين حدّ الإعياء.
غياب الديمقراطية وأدوات التمثيل، وشعور البعض بالتهميش السياسي إضافة إلى الاقتصادي، واتساع فجوة الثقة مع الحكومات، أوصلت جميعها أيضاً إلى ذات النتيجة، فهي مدانة بدورها بجرم قتل القيم والأخلاق.
بصراحة، الجميع شركاء في قتل شيء ما فينا.

 
 
تابعوا هوا الأردن على