آخر الأخبار
ticker إصدار 113.3 ألف شهادة عدم محكومية إلكترونيا لغاية آذار ticker إحباط تهريب 2389 كروز دخان عبر مركز حدود الكرامة ticker خريج صيدلة عمان الأهلية يحرز لقب أفضل إنجاز لعام 2024 في Viatris العالمية ticker رئيس الوزراء يشيد بتخصيص شركة البوتاس 30 مليون دينار على مدى 3 سنوات لمشروع المسؤولية المجتمعية ticker زين والأردنية لرياضة السيارات تُجددان شراكتهما الاستراتيجية ticker البحث الجنائي يكشف ملابسات جريمة قتل سيّدة في عام 2006 في محافظة الكرك ticker مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشائر السواعير والأزايدة والشديفات والأرتيمة ticker الأردنيون خلف نشميات السلة في مواجهة ايران اليوم ticker عمان الأهلية تحتفل بيوم العلم الأردني بأجواء مميزة ticker معرض للجامعات الأردنية في السعودية ticker رابطة العالم الإسلامي تؤكد وقوفها وتضامنها مع الأردن ticker الأمم المتحدة: 500 ألف نزحوا بغزة منذ منتصف آذار الماضي ticker منتخب السلة للسيدات يفوز على نظيره السوري ticker صرح الشهيد يحتفل باليوم الوطني للعلم الأردني ticker رابطة علماء الأردن تستنكر كلِّ أشكال العبث أو المساس بأمن المملكة ticker بالصور .. جامعة البلقاء التطبيقية تحتفل بيوم العلم الاردني ticker الدبعي يرعى ختام مسابقة هواوي الإقليمية لتقنية المعلومات في عمّان ticker المهندسين : نُحيّي جهود أجهزتنا الأمنية ونؤكد أن أمن الأردن فوق كل اعتبار ticker معهد العناية بصحة الأسرة يحتفل باليوم الوطني للعلم الأردني ticker سفيرة جديدة لـ بروناي في الأردن

شيء ما يموت فينا

{title}
هوا الأردن - جمانة غنيمات

عشرات الشباب يتحرشون بفتاتين في إربد. الفيديو الذي يوثّق الواقعة ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتداوله الناس؛ بعضهم بدم بارد، وآخرون بحرقة وأسى على الانحطاط الذي بلغته فئة من المجتمع.
حادثة إربد سابقة، الأغلب أنها لم تحدث من قبل أبداً. لكن وقوعها يعكس حالة الدمار التي لحقت بمنظومة القيم، والتهتك الذي أصاب العقل الجَمْعي، إلى مستوى لا يمكن السكوت عليه، ويقرع الباب بقوة لتنبيه الجميع إلى سوء الحال التي بلغناها.
كذلك، يعكس تردي الأوضاع حالة اللوم شبه العامة للضحيتين. فبدلا من إدانة عامة لا تقبل التردد، نسمع صوتا يدين الفتاتين لأسباب سطحية، تعكس ذكورة مجتمعية ما تزال ترى في النساء تابعا.
أيضاً، باتت جرائم القتل ظاهرة شبه يومية، تُرتكب بدم بارد، لأسباب واهية سخيفة، في مختلف مناطق المملكة ومحافظاتها، وكأن إزهاقَ روحِ أيٍّ كان صارت مسألة سهلة، يقبلها المجتمع باعتبارها أسهل الطرق لإنهاء الخلافات وحسمها! وطبيعي بالنتيجة أن تزيد جرائم القتل بداعي الشرف، طالما أن إزهاق الأرواح مقبول. فيما المشاجرات لا تتوقف؛ إذ لا تمضي ساعات إلا ونسمع أنباءً من هذا النوع.
صورة بانورامية للمجتمع، تُظهر مدى التشوهات التي صرنا نعاني منها، ونكتشف معها أن شيئا ما يموت في داخلنا؛ نقتله مع سبق إصرار وترصد، وهو تسامحنا وسواه من قيم، إلى درجة نفتقد معها إنسانية كانت تسهّل الحياة أكثر، لكننا صرنا نضيق بالآخر ولا نحتمل اختلافه معنا.
ما الذي تغيّر؟ وما الذي يقود إلى استباحة كل شيء؟ ما الذي يجعل البعض يظن أنه فوق المساءلة وأهم من القانون؟ ومن أين بدأت تنتج هذه العقلية؟ وما هي الظروف التي خلقت هذه البيئة المواتية لكل هذه الاختلالات؟
المتهم الرئيس في ارتكاب الجرم، هو الفقر، وكثيرا ما يؤشَّر إليه على أنه السبب وراء كل ما يحدث. لكن السؤال هنا: هل كان المجتمع الأردني يوما مجتمع رفاه وثراء، ثم حط عليه الفقر فجأة مسببا كل هذا الخراب؛ يقتل قيمنا ويدمر أخلاقنا؟ الجواب ببساطة: لا.
البطالة أيضا متهمة، وآلاف الشباب الذين يعانون من الفراغ وانعدام الأمل، شركاء في الجريمة؛ يدفعهم شعورهم بالإحباط إلى تحطيم كل ما هو جميل، انتقاما من سياسات ظلمتهم، ولم تلبِّ احتياجاتهم كما تطلعاتهم لمستقبل آمن.
أصابع الاتهام توجه كذلك إلى مقولة "الأمن والأمان" التي تتغنى بها الحكومة، من دون أن تدرك فعلا أن الأمن الاجتماعي والاقتصادي اللذين تفشل في توفيرهما، هما الأهم في منظومة الأمن الشامل؛ كما لا تعلم أن الاستخدام الفضفاض لمصطلح "الأمن والأمان" قد أدى إلى إفقاده بريقه في ظل كل هذه الجرائم، والخشية أن نفقده بكل معانيه إن لم يوضع حد لتنامي مستوى الجريمة.
أما الظروف الاقتصادية الصعبة، ومن نتائجها تقهقر الطبقة الوسطى الرصينة المتعلمة والواعية والمؤمنة بالقانون، فهي أيضا جزء من شبكة عوامل الإجرام التي ولّدت مجتمعا لا أباليا تجاه كل ما يحدث حوله، فصار مبدأ الغالبية فيه "اللهم نفسي"، ومقتضاه النأي بالنفس عن المحيط، والانشغال بلقمة العيش التي أنهكت الجزء الأعظم من الأردنيين حدّ الإعياء.
غياب الديمقراطية وأدوات التمثيل، وشعور البعض بالتهميش السياسي إضافة إلى الاقتصادي، واتساع فجوة الثقة مع الحكومات، أوصلت جميعها أيضاً إلى ذات النتيجة، فهي مدانة بدورها بجرم قتل القيم والأخلاق.
بصراحة، الجميع شركاء في قتل شيء ما فينا.

 
 
تابعوا هوا الأردن على