احنا هاي دارنا
أوصلني بسيارته الى وجهة طلبتها أنا منه بمنطلق أنه ذاهب معي طلب داخلي بليرة , في الطريق القصير بدأ يستفسر مني عن كيفية اخراج زكاة التجارة وأن ابنيه يريدان اخراج زكاة تجارتهما , وبعد أن انتهى المشوار القصير مدفوع الأجر قال لي ان هذا الرجل الذي جئت لزيارته يوزع زكاة وهو من الاغنياء فّاذا بده يدفع زكاة لا تنساني أنا طفران مستوي !!.
لاحظوا ابنيه الاثنين يوزعان زكاة وهو في حالة مادية حسنة حتى أن التوصيلة الداخلية مائة متر ياخذ عليها نقوداً ويشحد زكاة!.
طبعا كان هذا الرجل قريبي وزيارتي له للاطمئنان على صحته بعد خروجه من المشفى , ولا يعلم بطمع كل من يمر ببات بيته بجزء يسير من امواله.
هذا الرجل صاحب السيارة وأمثاله كثر في اعتناقهم التسول وامتهان الشحدة فهناك من الظواهر المقززة في مجتمعنا تثير الاستغراب بالاضافة الى التقزيز التي تنطوي تحت بند التسول بكافة وسائله الراقية أو الدنيئة.
فأحياناً يأتي اتصال من رقم غير محفوظ على الهاتف وإذ بصوت امرأة فتسأل : ـ تلفون الشيخ يوسف ؟
ـ اتفضلي
ـ أني أم (فلان) عارفني ؟
لا والله مش عارفتش , مين فلان ؟
ـ يا شيخ ساكنه ورا مطعم ابو العبد بالخشة التحتا مستأجرة بدار فلان.
ـ اتفضلي أؤمريني.
ـ اذكر الله يا شيخ اني مرة طفرانه وتعبانه وابو (فلان ) ـ جوزها يعني ـ بقدرش يشتغل اشي ولا تنسانا .
ـ طيب يا حجة اذا بيجيني اشي تكرمي .
وبعد نصف ساعة وإذ بجرس الباب يرن
مين عالباب
أني ام فلان يا شيخ جايينك اذا بتشفق على هاليتامى واني ارملة
طيب مهمه اليتامى ورثانين والارملة طاقة الفرج بتفتح عليها بس تقبر جوزها لويش بتشحد هاي ولاحقيتني للدار؟!.
ـ تكرمي اذا حدا سأل بده يدفع صدقة أنا بخبره عنك
.
البعض وقت توزيع الكراتين وبيطلعله كرتونة يقوم بطلب أخرى لانه وحدة بتكفيهوش ـ حسب قوله ـ أو بده شوال مش كرتونة وبصير يجيب بدفتر العيلة ويورجينا انه عيلته كبيرة بكفيش الأفواه كرتونة بده شوال لانه فيه مواد أكثر بشوي.
يعني شحاد عارف شو يشحد ويشرط.
ولد صغير في الحي تسأله عن بيت فلان وعندما يرشدك اليه ويكتشف انك تقدم له معونة مرسلة من جهة ما يقوم نفس الطفل الدليل بالقول موضحاً بالإشارة : شيخ احنا هاي دارنا ! يعني اعطينا مثل ما اعطيته.
العبرة ليس في فهم الصبي لواقع أنه فقير أم لا , العبرة أن فرخ البط عوام وأن أحد والديه أو في حدا من اهله شحاد بالأصل وكله بيطلب وبيشحد ولما تسأل حدا عن فقير بقلك انا افقر واحد وفي اختي وعمي وقرابتنا وبناتي واخوي وببلش يدل ع كل قرايبه وقرايبه فقط.
حتى المبادرات الرسمية لتقليل دائرة الفقر التي تطلق عبر الاعلام بكافة اشكاله والتلفزيونات خصوصا تكون كلها شحده بشحده على الفقراء فتقوم الجهة بوضع رقم حسابها في بنك كذا وكذا وتدعو للتبرع على الاعلام الذي يراه كل العالم ويتفرج على هيبة وطننا.
المبادرات الشعبية ايضاً قصة ...تضع الجهة المبادرة رقم حساب وتقوم بالدعوة للتبرع .طيب شو استفدنا من مباردتك اذا بدك اياها تتغطى من المواطنين المشاهدين . هاي صارت مباردة المشاهد مش انته ولا هيئتك الخيرية ولا هيئتك الشعبية ولا مؤسستك .هاي مبادرة (لنشحد معاً) !! هيك صار اسمها.
هاظا غير شحدة الشحادين المعلنين لأنفسهم ضمن هذه المهنة سواء بالطرقات او على الاشارات وفي كل مكان وطريقة تسولهم وأدعيتهم النهفة. كله احترفا باحتراف.
حتى الحكومة كل ما بتطفر الموازنة بهجموا للشحدة من جيوب المواطنين بس هون بكون الدفع (خاوة) برفع الاسعار والضرائب ودفع جزءٍ من عائدها لكتاب التدخل السريع لتبرير الرفع والشحدة وبالنهاية بنكتشف انه هالشي ما كان عشان المواطن بل شحدة لصالح فاسد كبير وتغطية سرسراته.
أضف اليها الشحدة علينا من المجتمع الدولي المانح...وطبعا احنا بيوصلناش اشي والدليل شوفوا الطرق والمواصلات والخدمات المتردية وانعدام الفائدة العائدة للمواطن البسيط المسكين والذي بأغلب شرائحه يشحد أيضا مثل حكومته.
الحل للخلاص من آفة الشرائح الشَّحّّادة المختلفة هو بوضع نهج وطني تربوي تقويمي للسلوك العام يقضي بالتربية على القناعة بما عند كل واحد منا وايقاف مظاهر الفساد حتى لا يبقى مكاناً لمن يتسول من الشعب وعلى الشعب وباسم الشعب وايجاد بدائل وطنية عظيمة للتكافل الاجتماعي تكون فاعلة باشراف رسمي من اجهزة الدولة تبدأ من تقويم السلوك ورفع نسبة القناعة لدى الروح الانسانية داخل المواطن .
وبهيك بنصير نفتخر اكثر لما نقول عن وطنا الحبيب لأي واحد مار من حده (احنا هاي دارنا ) بس مو عشان يرمي علينا شي كرتونة تشحيد , بل عشان نفخر باننا البلد الاجمل لانه بلد خال تقريباً من الخلل الاجتماعي الذي اسمه(تسول عام وطام )الذي يحط من قدره وقدر ساكنيه اذا استمر بالاستفحال اكثر لا قدّر الله