ردا على الدكتور محمد نوح القضاة في اسباب تحلل اجساد شهداء غزة
تساءل الكثيرون عن تحلل جثث الشهداء في غزة وخروج روائح شديدة منها منفرة للنفس البشرية , واعتبار ذلك امرا يحتاج الى التدبر !
لماذا تحللت ولم تكن محفوظة؟
ولماذا خرجت منها روائح منفرة ولم يخرج منها ريح المسك كالذي يخرج من الشهداء؟
وكان رد فضيلة الدكتور محمد نوح القضاة انه كان على الناس الانشغال بالظالمين وترك هؤلاء الشهداء فأمرهم وحسابهم عند الله عز جل وليس عندنا .
ولربما انني رأيت ان الدكتور محمد نوح حفظه الله قد تجنب الاجابة المباشرة عن سبب تحلل الجثث وخروج الروائح , لكني رأيت في ذلك حكمة من الله عز وجل قد تخفى علينا نحن الذين نشاهد الجثث وأشكالها عبر شاشات التلفاز (فلانتأثر بروائحها المنفرة)
بينما الذي يتاثر بروائحها المنفرة هم اهل تلك الجثث واهل اولئك الشهداء ومن يكون قريبا منهم .
فقمت باسقاط الموقف على ماحدث مع سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام فعلى اختلاف الروايات التي تحدث احدها عن استمراره بالاستغفار لوالده ازر حتى يوم القيامة بينما تحدثت الرواية الاخرى عن توقفه بالاستغفار بعد وفاة والده ازر, فنظرت الى قول الله عز وجل : ( إن ابراهيم لآواه حليم). والتي تشير الى مايمتاز به سيدنا ابراهيم عليه السلام من الرقة والحنان وهذا يشير الى استمراره بالتعلق عاطفيا بحب والده ازر الى يوم القيامه وكذلك استمرار الشعور لديه بإمكانية ان يعفو الله عز وجل عنه .
الا ان الله عز وجل وحتى ينتزع هذا الحب وهذة العاطفة الجياشة من قلب سيدنا ابراهيم عليه السلام تجاه والده (ازر) باعتباره لايستحقها ولايستحق الجنة ....من اجل ذلك يامر الله عز وجل بتحويل شكل (ازر) الى ضبع كثيف الشعر له مخالب وملطخ بالدم او الطين اوبكلاهما معا , ثم يامر الله عز وجل سيدنا ابراهيم عليه السلام بالنظر الى جهة والده( ازر) فيقشعر بدنه ويشعر بالاشمئزاز الشديد الى درجة انه لايطيق النظر اليه فيأمر الله عز وجل( بآزر) فيُخطف ثم يلقى (بآزر) في النار ....., ويكون الله عز وجل قد انتزع حب ابراهيم لوالده بسبب ذلك المنظر المقزز.......انتهت الصورة هنا....
حالات القتل التي حدثت لاهلنا في فلسطين من حيث المنظر :(القطع والانصاف والاشلاء والاجزاء والتناثر) وكذلك من حيث طبيعة القتل التي كانت تاتي بالجملة على العائلات بحيث قد يبقى احد افراد الاسرة فقط , هذة الحالة من طبيعة القتل وشكل التقطيع لايمكن للانسان الطبيعي استيعابها...
فكيف ان كان قريبا جداً كالاب والام والابن والاخ..؟؟؟؟؟
وكيف ان كانوا اطفالاً في عمر الورد...لم يجر عليهم القلم بعد؟؟؟
وكيف ان كان كل ذلك في ظل بطش وغطرسة صهيونية وتواطؤ عالمي وصمت لابناء العمومة والجيران العرب؟؟؟؟
لذا ..والله تعالى اعلم ....اراد الله عز وجل ان ينتزع الحزن والالم الشديد من قلوب هؤلاء على ذويهم من خلال اظهار روائح منفرة كما جعل الله عز وجل منظر (ازر) منفرا....
وبما ان اهل فلسطين في المعركة لوحدهم . فاني وجدت بان ذلك كرامة ونصر من الله عز وجل , لانه اراد لهم استمرار الجهاد والاستشهاد مختارا اياهم على غيرهم بهذا الاصطفاء . ولو افترضنا ان اجساد الشهداء ستبقى بشكل غير متحلل ورائحتها غير منفرة لتسببت الشفقة بضعف اهل فلسطين, فأراد العزيز الحكيم ان يربط على قلوبهم ويشد من ازرهم ...ليبقوا في درجة المجاهدين وأجورهم
في المقابل فهناك رسالة من الله عز وجل لنا نحن الذين نشاهد عبر التلفاز دون ان نحرك ساكنا . ونحن نشاهد الاشلاء والاجزاء وقِطع الاطفال , فنحن لانتاثر بالرائحة , بل نتاثر بالمنظر الذي تأثر به سيدنا ابراهيم عليه السلام ،لكن لنزداد غضبا على يهود ونخرج انفسنا من سباتها .
اي ان تأثير الرائحة وصول الرائحة الييهم كان ايجابيا لمصلحتهم , وكذلك فتأثير عدم وصول الرائحة كان ايجابيا علينا , فلو وصلت الينا لسقط جزء كبير من الالم والغضب لدينا الذي نشأ بسبب مناظر التقطيع المؤلمة
خلاصة القول
اولا : نزع للحزن من قلوب اهل فلسطين (تحديدا تجاه موتاهم )برائحة تبعد الم الاشلاء...... فربط على قلوبهم ......فاصطفاء لهم للبقاء في مقام الاستشهاد والشهداء.
ثانيا: زرع للحزن في قلوبنا (نحن البعيدين )تجاه شهداء فلسطين ,من خلال منحنا القدرة على التركيز بالنظر الى الجثث المؤلمة , بعد نزع عامل تأثير الرائحة المنفرة بسبب بعد المسافة ,...فالتأثر ...فالغضب....
والله تعالى اعلم بمراده
اللهم اربط على قلوبهم ,ومكنهم من عدوك وعدونا وعدوهم يارب العالمين
عن أبي هريرة أن النبي قال: «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لـَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي؟
فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ. فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ؟
فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ. ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ؛ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ». رواه البخاري
وفي كتب اللغة :
الذِّيخُ الذكرُ من الضّباع الكثير الشعر , والجمع أَذْياخ و ذُيوخٌ و ذِيَخَةٌ والأُنثى ذِيخة ; والجمع ذِيخات ولا يُكَسَّر ; قال جرير :
مثل الضبِّاعِ يَسُفْنَ ذِيخاً ذائخا
وفي حديث القيامة : وينظر الخليل , إِلى أَبيه فإِذا هو بذيِخٍ مُتَلَطِّخٍ الذِّيخُ ذَكَرُ الضِباعِ , وأَراد بالتَّلَطُّخ التَّلَطُّخَ برجيعه أَو بالطين