ياسر أبو هلالة مديرا للجزيرة
سوف/ يجب أن ننسى الحادث المؤلم الذي أدى إلى وفاة عم الزميل ياسر أبو هلالة، مؤملين في الأجهزة القضائية والأمنية أن تسوّي الأمور تسوية عادلة ومرضية (وليس كبير القوم من يحمل الحقدا)، لنهنئه ونهنئ أنفسنا في "الغد" والأسرة الصحفية والإعلامية الأردنية، بموقعه الجديد مديرا لقناة الجزيرة. فهذا الموقع ليس مكافأة لأبو هلالة وحده، ولكنه لجميع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الأردنية التي تؤكد أنها قادرة على أن تقدم إعلاميين ناجحين ومؤثرين.
يعرف جيلي ويتذكر الأستاذ علي أبو هلالة، مؤلف مناهج النحو لطلبة المدارس الثانوية، بالمشاركة مع الدكتور نهاد الموسى. وقد جعلا قواعد اللغة العربية الصعبة المملة قصصا وأشعارا ممتعة ما أزال أتذكرها. وعندما التقيت ياسر للمرة الأولى وتعارفنا، سألته عن علي أبو هلالة، فعرفت أنه والده، وصرنا أصدقاء وزملاء عملنا معا منذ ربع قرن.
كان أستاذا للغة العربية مثل والده، وانتقل إلى العمل في الإعلام على نحو رأيته حماسا ومغامرة، فنصحته أن يبقى في التدريس ويعمل في الإعلام بشكل إضافي؛ فالسوق الإعلامية لا تستحق المغامرة. وحمدا لله أنه لم يسمع نصيحتي.
وعندما أسس مجموعة من الشباب الإسلاميين صحيفة السبيل العام 1993، كان لديه أربعة آلاف دينار حصته من إرث، ساهم بها في رأسمال الصحيفة التي كان يشترط القانون لتأسيسها خمسة عشر ألف دينار، وقد بدا لنا رقما خياليا يصعب تدبيره. قلت له مرة أخرى: يا رجل، هذه مشروعات لا يمكن أن يحملها أفراد مغامرون مثلنا.. إذا لم يبادر أثرياء الإخوان إلى تمويل المشروع فلا أمل أبدا. ودبر شباب أفضل حالا مني ومن ياسر أبو هلالة وياسر الزعاترة وحلمي الأسمر المبلغ المطلوب لتسجيل الصحيفة.
في أواخر العام 1994، اعتقلت من قبل الأجهزة الأمنية ليومين أو ثلاثة. وعندما أطلق سراحي، ذهبت برفقة المحقق أبو تامر للسلام على "المعلم" أبو هاشم الذي قال لي إنه جاء شاب اسمه ياسر أبو هلالة وأدهشني بجرأته!
كان ياسر جسورا وقادرا على التفاؤل والمغامرة. وعندما دبر مشاركة إضافية إلى عمله في "الرأي" الذي لم يكن يكفي الراتب منه إيجار البيت، أخبرني فرحا أنه وقع على منجم ذهب؛ هناك مراسل صحيفة خليجية يحتاج إلى مساعدة مهنية ويمكن أن يحصل مقابل ذلك على مائة دينار. ثم صار مراسل صحيفة الحياة ومدير مكتبها في عمان. بدا ذلك في العام 1997 أفضل وأهم ما يمكن أن يحصل عليه صحفي أردني في عمان؛ فلم تكن الفضائيات والإنترنت قد أخذت مكانا مؤثرا في الإعلام!
اليوم، نأمل من ياسر الكثير، ونراهن عليه أن تكون قناة الجزيرة جسرا للمصالحة والرؤية المشتركة في المشرق العربي، أو على الأقل الأردن ودول الخليج العربي (نعم العربي بضفتيه). وأتوقع أو أتمنى ان تكون إدارة الجزيرة قد اختارته لأجل هذه المهمة. ومن يعرف ياسر يعرف أنه متحمس لأجل ذلك، ومستعد أن يفضل هذا الإنجاز على سبق أو إثارة في الصحافة والإعلام!