ذياب
الشيء الوحيد الذي يقف بينك وبين هدفك..... هي تلك التفاهات التي تشغل نفسك بها .....قد تكون تفاهات قليلة الشأن .......لكن ....للأسف !!! هي التي لاتمكّنك من تحقيق ما تحلم به .........
تبدأ الفرحة عارمة بين شابين في مقتبل العمريعملان في رعي الأغنام في بيئة صحراوية في بقاع صحاري الأردن الغالي ،تتهافت الكلمات الحماسية بنجاح أحدهما في امتحان 'التوجيهي ' .
يتلعثم 'ذياب' فرحا، تغمره نشوة النصر بالنجاح ،ويقدم هدية لصديق عمره غنمة صغيرة عربون محبة على البشرى التي نقلها له ،وتتراكض ضحكات ' ذياب' بجنون الى والده مطالبا التحاقه للدراسة بالجامعة . وتتوالى الأحداث ويجد نفسه في العاصمة عمان للدراسة في كلية علمية من كليات الجامعة متسائلا عن مرافقها ،ومتخذا شقة متواضعة قريبة من جامعته تتصف بالأثاث الأردني البدوي الكامل التي يعيش بها منفردا متوكلا على الله ومتخذا بالأسباب .
تجد 'ذياب' بالملابس التراثية الأردنية وبالشماغ والعقال ، يتحدث اللهجة البدوية بكل عفوية مع الزملاء والاصدقاء، يدرس بجد وانتظام ، يحضر المحاضرات وينقدها بأمانة ، يكرم ضيفه ويلفت الأنظار إليه بروحه اللطيفة الجميلة .و يتعرف على فتاة في الجامعة محاولا إظهارإعجابه بها بلا فائدة ، فيتعرف على زملاء بالجامعة مقلدين للتوجه الغربي في الملبس واللغة والحركة والخروج عن المألوف.فتتغير الصورة المألوفة ل 'ذياب ' ليصبح مرتديا الجينز الضيق والملابس الممزقة وقبعة الرحلات الكشفية والاكسسوارات الغريبة مترنما ومعترضا لفتاة بالمعاكسة بمصطلحات انجليزية و التي سرعان ماقامت بضربه كف على خده وإسقاطه الى الوراء على لوحة اعلانات الكلية ..!!
يندهش 'ذياب 'عند وقوفه من على الأرض من وجود اسمه على لائحة أسماء الطلبة المفصولين من المادة بسبب الغياب !! ويندم ندما شديدا ويعتزل الناس مفكرا كيف آل به الحال وماأصبح عليه .
ويقررالالتزام بدروسه والعزم على تحقيق حلمه والتحلي بصفاته الأصيلة الحقيقية لشخصه وفكره وعاداته التي زادته ثقة بنفسه واعتزازا بها، والتي حققت الإعجاب من جميع طلاب وطالبات الكلية .ويختم مشواره الجامعي بكلمة الخريجين في حفل تخرجه من جامعته مفتخرا مسرورا بقصيدته النبطية الواصفة لرحلة العلم وزمالة الخير وصحبة الكتاب والصعوبات التي واجهته من وراء الالتفات الى القشور دون الجذور ،والتأكيد على المثل القائل 'الطبع غلب التطبع ' .
تلك قصة 'ذياب' لفيلم أردني قصير تم عرضه ضمن مهرجان الفيلم الأردني الثاني في المركز الثقافي الملكي الذي تنظمه مديرية الفنون والمسرح التابع لوزارة الثقافة بالتعاون مع نقابة الفنانين الأردنيين ،تمحورت القصة ضمن قالب كوميدي هادف يلقي الضوء على سوء فهم العولمة من قبل مجموعة من الشباب ومدى الأثر الناجم عن ذلك في فكرهم وسلوكهم.
استوقفتني فكرة الفيلم في تحريها الى قضية معاصرة تواجه المجتمع الأردني وكيفية نشر ثقافة تحدي الجانب السلبي للعولمة عبر الفن السابع الجاذب لشريحة كبيرة من فئات المجتمع الأردني. وقد تم عرض 6 أفلام أردنية تنافست على 13 جائزة كنوع من التثمين المعنوي لجهود الشباب الأردني الطموح في تحقيق رؤيتهم ومشاريع تخرجهم من جامعة اليرموك .
كل التقدير للجهود المخلصة التي تبذل من وراء الكواليس وعبر وزارة الثقافة الوزيرة الدكتورة لانا مامكغ ومديرالمهرجان الفنان محمد الضمور لما أبدوه من اهتمام وحرص بليغين لتحقيق مهرجان الفيلم الأردني الثاني وكل الامنيات في رفع شأن الثقافة الأردنية في كل المحافل المحلية والعربية والدولية .