هل من الغريب على هذه الحكومة
منذ تولت الحكومة الحالية مقاليد وظيفتها وهي تأتي بالإخفاق تلو الآخر ولم تأت بقرار يلقى ترحيبا وتوافقا من قبل الشعب بل تبدو وكأنها سيف مسلط استل من غمده لإرهاب الناس وجعلهم يتوقعون الأسوأ وهي بذلك تعمل على التوطئة والتمهيد ليتقبل الشعب الأردني ما يفرض عليه من قرارات تقضم من قوته وتنال من حقوقه وتصادرها وتحد من حريته بإفعال رأيه بالكثير من القضايا البالغة الحساسية. وهذا من شأنه أن ينهك الشعب ويتعبه ويزيد من احتقانه حتى يصل به الحال للإستسلام والقبول وعدم الإكتراث لما يملى عليه. هذا الحال ربما ينسحب على كوريا الشمالية وكوبا الشيوعيتان الإشتراكيتان. هل يرى بهما دولة الرئيس مثالا يحتذى من دون أن يعلن ذلك؟؟ الممارسات والتشريعات تقول ذلك!! الواقع المشهود يفضي بأن هذه الحكومة هي الأقل شعبية بتاريخ الأردن وذلك نتيجة الإجحاف الذي لحق بالمواطن من التلاعب بأسعار المحروقات والإستجداء أمام البنوك لاستلام ما يسمى بالدعم والضرائب المرتفعة وارتفاع نسبة البطالة واللاجئين الذين صاروا ذريعة للإفقار وارتفاع الأسعار الصاروخي وعدم محاسبة السارقين المارقين البرامكة وغير ذلك من الأعباء التي أنهكت الشعب حتى صار يمشي متثاقلا من شدة وطأة الظروف التي تزيد من وزنها الحكومة. وآخر هذه الإخفاقات لهذه الحكومة المتحكمة التعديلات الدستورية والتي تدستر للملك تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات. لنكن مباشرين وفي صلب الحقيقة, أليس في التطبيق هو الملك من يختار ويعين ويقيل من يشغل هذين المنصبين وغيرهما من المناصب الهامة؟؟ ومن المغالطات التي تسجل على صاحب "الولاية العامة" عند دفاعه عن هذا الإخفاق أن الملك يعين لكن الرئيس هو المسؤول أي المرجع بحال المساءلة عند الخطأ. كيف يستقيم هذا مع ذاك يا دولة الرئيس وكأنك تخاطب دوابا بلا عقول وبلا إدراك وبلا أدنى مستوى من الفهم لما تصنع؟؟ كيف نقبل منك هذا وأنت بوضعك الراهن الذي يجيز لك التنسيب للملك لا تملك من أمرك شيئا بالموافقة أو الرفض, فكيف بك تكون مسؤولا ومرجعا عندما يكون الملك وحسب الدستور هو من يختار ويعين؟؟ لقد خانه الذكاء رغم إقرار الجميع له بالفطنة والحذر والتحوط, لكن يبدو انه لم يعد العدة جيدا لذلك لأن جل تفكيره واهتمامه منصب على إنفاذ وإعمال فكرته التي لا تلقى تأييدا لا من الخبراء ولا من المهتمين بالشأن العام ولا من الشعب بكافة أطيافه. ومن دفاعاته أيضا أن هذه الخطوة سترتقي بالديموقراطية. لله درك دولة الرئيس, هل منحنى الإستهتار بعقول الأردنيين لديك وصل لهذا الدرك حتى تفترض أنك تخاطب شعبا يعيش بأدغال إفريقيا وأنت الدائم التفاخر والمدح عندما يقتضي المقام لذكاء الشعب الأردني وإدراكه للحقيقة وفهمه وتقديره ؟؟ كيف بالله عليك يتم الإرتقاء بما تسميه ديموقراطية وأنت تعمل على زج الملك بمواجهة مع شعبه ـــ وهو الذي وبنص الدستور يملك ولا يحكم أو يحكم من خلال أدوات النظام التي يفترض بالشعب اختيارها والرضا عنها ـــ وتجعله عرضة للنقد والمساءلة بحال لم يوفق قائد الجيش أو مدير المخابرات بقرار أو إجراء أو مهمة؟؟ هل عندها يمكنك القول أنك صاحب ولاية عامة وأنت لا ناقة ولا جمل لك بالإختيار والتعيين؟؟ أليست الديموقراطية تعني حكم الشعب للشعب؟؟ الشيء الذي يعني أن الشعب هو من يقرر ويختار من خلال ممثليه. أليست الديموقراطية هي أن يستمع الحاكم مهما كان مسماه لرأي الشعب ويعمل على إقراره؟؟ ألست بتعديلك الدستوري هذا تنقلب على الديموقراطية العالمية أي أنك تنقلب على الشعب وتحد من حقه بممارسة سلطته من خلال خلق عقبة أمام ممثليه إذا استدعى الحال للمساءلة؟؟ أليس هذا تراجع بالديموقراطية والتي هامشها محدود أصلا؟؟ يعلم دولته كما يعلم جميعنا أن الحكم ملكي وراثي نيابي أي أن مجلس النواب الممثل للشعب ــــ بالظروف الصحيحة ــــ هو السلطة التشريعية التي من خلالها يتم سريان قانون أو قرار من عدمهما. بهذا يكون قد تم التجني على حق الشعب الناخب ودافع الضرائب والمحترق بنار الظروف الداخلية والمحيطة. وليعلم الجميع أن التعديل لن يتوقف عند هذا القدر لأن هناك من الترابط الشديد بين بنود الدستور مما يستوجب ولا محالة التعديل على مواد وفقرات وبنود أخرى سيفتح الباب على مصراعيه للمد والجزر, إذ لا بد من مراجعة جميع مواد الدستور لتبدو منسجمة ومتوافقة ومتناغمة وغير متناقضة وإلا سيتم خلق خلل وشرخ عند التطبيق والبت ببعض القضايا مما يدخلنا بمتاهات دستورية قانونية يستعصي الخروج منها. دولة الرئيس يجتهد كثيرا بلا شك. ترى أليس لدينا قضايا عالقة بحاجة ملحة للبت بها والإجتهاد بخصوص تبعاتها؟؟ ألا يستوجب الإرتقاء بالديموقراطية إعطاء كل ذي حق حقه؟؟ أليس من الديموقراطية ملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم على ما أفسدوه واسترداد مال الشعب؟؟ أليس هذا من الديموقراطية دولة الرئيس؟؟ ما دمت حريصا على الإرتقاء بالديموقراطية فدونك القضايا التي أصحابها ما زالوا طلقاء؟؟ خلاصة القول أن هناك دفع باتجاه تثوير الناس يقابله تشبث بالبقاء في السلطة يبرره تعزيز صلاحيات الملك من خلال الدستور. نحن لسنا مع التقليص الحاد بصلاحيات الملك, لكن نتحدث من منطلق مبدأ ومفهوم الديموقراطية التي يعرفها ويمارسها الكثير من دول العالم. كأني بجلالة الملك عبدالله بعد كل ما تراكم من تغذية راجعة وآراء ومواقف يقول أنه ليس طامعا ولا مرحبا بتعديل كهذا وليس آخذا حقا من حقوق الشعب وليس من المتراجعين عن الديموقراطية قيد أنملة وليس راغبا بأن يسجل التاريخ عنه أنه فصل الدستور لصالحه, فليبقى الحال على ما هو عليه. حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد. ababneh1958@yahoo.com