عام دراسي جديد أعباء إضافية وآمال بنهوض العملية التربوية
هوا الأردن - محمد علاونة
غير ذلك، فإن نحو 1.9 مليون طالب وطالبة يبدؤون عامهم الدراسي الأحد منهم 200 ألف طالب جديد بالصف الأول، و121 الف طالب سوري، مع وجود أزمة معلقة بين الحكومة ممثلة بالوزارة ونقابة المعلمين بفعل إضراب الأخيرة، بعد أن رفضت الأولى مطالب تتعلق بنظام الخدمة المدنية وصندوق الضمان الاجتماعي للعاملين في وزارة التربية والتعليم ونظام المؤسسات التعليمية الخاصة ونظام التأمين الصحي وحماية وأمن المعلم و"علاوة الطبشورة".
أهالي طلبة كانوا يستكملون إجراءات تسجيل أبنائهم بمدارس خاصة في اليوم الأخير قبل الدارسة السبت، لم يجدوا سوى الانصياع لدفع الرسوم وشراء الكتب والمستلزمات من ملابس وقرطاسية، وسط شكاوى من زيادة العبء على كاهلهم، واعتبار أن العملية التعليمية باتت تكلفهم أكثر من طاقتهم.
رفعت مدارس خاصة الرسوم بنسب تراوحت بين 5 و20 في المئة، في بلغت في بعضها 25 في المئة، بحجة زيادة رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء وزيادة الحد الأدنى لأجور العاملين، وهو ما يؤدي بحسب محاسبين في تلك المدارس إلى زيادة الكلف التشغيلية، سواء لحافلات المدارس وفواتير الكهرباء.
في تشرين الثاني من 2012 كان رئيس الوزراء عبد الله النسور يؤكد في مؤتمر صحفي ان رفع الدعم عن المشتقات النفطية لن يمس 70 في المئة من المواطنين، وأن ضغوطات الدعم الذي تقدمه الحكومة لعدد من السلع والخدمات أدت إلى ارتفاع الدين العام الى أكثر من 15 مليار دينار، وبنسبة 75 في المئة من الناتج المحلي، مقارنة بـ60 في المئة السقف المحدد في قانون الدين العام.
اليوم الدين العام تجاوز حاجز 20 مليار دينار، وبنسبة 83 في المئة من الناتج المحلي، رافق ذلك ارتفاع في معظم الخدمات والسلع ومنها رسوم المدارس وكلف النقل، مع وجود إخفاق اعترف به المسؤولين بما يتعلق بالعملية التربوية التي أفضت إلى عدم نجاح أحد في امتحان التوجيهي لأكثر من 300 مدرسة، ووجود نحو 100 ألف طالب أمي يجلسون على مقاعد الدراسة.
تلك المعطيات تزيد أهالي الطلبة حيرة من أمرهم، إن كانت الأعباء التي يتحملونها توازي ما يجنونه من خدمات كانت صحية أم تعليمية، وحتى تلك المتعلقة بالاتصالات والمواصلات.
دراسة حديثة كشفت عنها دائرة الإحصاءات العامة ووزارة التخطيط والتعاون الدولي في حزيران، حذرت من تآكل الطبقة الوسطى في المملكة التي باتت تشكل 29 في المئة من إجمالي عدد السكان حتى العام 2010، مقارنة مع ما نسبته 41 في المئة في العام 2008.
الدراسة بينت أن هنالك فجوة كبيرة في الإنفاق على التعليم من الناحيتين النسبية والمطلقة، فأثرى شريحة من السكان تنفق نحو ضعفي المبلغ الذي أنفقته من الطبقة الوسطى، وأكثر بنسبة ثلاثة عشر ضعفًا تقريبًا من المبلغ أنفقته أكثر شرائح السكان فقرًا، وهي تقريبا ذات النسب التي كانت سائدة في العام 2008.
يمكن تفسير الفروق الكبيرة في الإنفاق على التعليم عبر الفئات السكانية بحقيقة أن الأثرياء فقط يملكون خيار دفع تكاليف التعليم الخاص المرتفع، في حين أن الفئات الأكثر فقرًا تعتمد على نظام التعليم الحكومي.
وبمراجعة بنود الانفاق على الغذاء وبقية البنود للفئات المتدنية الدخل، يتبين تدني الدخل القابل للتصرف به بعد احتساب التكاليف الأساسية من الملابس والمساكن ونفقات المنازل.
ويخفف إنفاق وزارة التربية والتعليم على التعليم الحكومي من إنفاق الأسر على التعليم، إلا أن الفجوة بين أثرى وأفقر الطلاب في الأردن ما تزال واسعة، وسيظل الحراك الاجتماعي محدودًا ما لم تتم معالجة أوجه النقص في التعليم الحكومي.
ومن المفارقات أن التحليل المفصل لبنود النفقات المختلفة يظهر أن الأسر الأردنية دون الطبقة الوسطى والفقيرة تنفق على السجائر والتبغ أكثر مما تنفق على التعليم؛ إذ تظهر البيانات أن معدل إنفاق الأسرة على السجائر والتبغ للفئات دون خط الفقر يبلغ 315 دينارًا سنويًا.
ويبلغ الإنفاق على التعليم لذات الفئة 107.2 دنانير، أما الطبقة دون الوسطى فإن أسرها تنفق بالمعدل 427 دينارًا على التبغ والسجائر، مقابل 280 دينارًا تخصص للتعليم، وهذا يعني أن إعادة هيكلة الدعم يمكن أن تساعد على تحسين مستويات التعليم، وتختلف الصورة فيما يخص الطبقة الوسطى؛ حيث تنفق على التبغ والسجائر 455 دينارًا، مقابل 702 دينار تنفق على التعليم.
بيد أن لا ضمانات بأن إعادة هيكلة الدعم سيرقى بالعملية التربوية، أو يقلل من عجز الموازنة وحجم الدين العام؛ إذ يفترض وضع استراتيجية تبين العلاقة بين الدعم وتغيراته ومستوى الخدمات التي يتلقاها أهل البلد.
يكاد لا يخلو أي بيان وزاري للحكومات المشكلة من خطط واستراتيجيات تتعلق بالتعليم، فكل حكومة تتعهد بدعم برامج التطوير التربوي نحو اقتصاد معرفي، بما يحقق مواءمة مخرجات التعليم مع الاحتياجات اللازمة من المهارات والمعارف المطلوبة من خلال الاستمرار في تطوير المناهج والكتب المدرسية.
آخر تلك الاستراتيجيات الرؤية العشرية التي تعمل على إعدادها الحكومة، بعد طلب الملك عبد الله الثاني لها في رسالة وجهها للنسور، وجاء في أحد محاورها التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة والإنتاجية العالية التي تعتمد في قدرتها الاستيعابية على تشغيل الأيدي العاملة الأردنية الماهرة مثل قطاعات: الصناعات الدوائية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الخدمات البنكية، خدمات الأعمال، التعليم والصحة.
الحكومة لا تملك سوى مراجعة الإنفاق العام في قطاع التعليم، غير ذلك فهي تحتاج إلى شراكات واسعة مع المعنيين بالقطاع من مؤسسات مجتمع مدني ومدارس خاصة ونقابة المعلمين، وإذا كان عنوان أول يوم دراسة خصومة بين الحكومة وإحدى تلك الجهات، فكيف ستكون بقية العام.
يذكر أن الوزارة أعلنت أنها أنهت استعداداتها لاستقبال العام الدراسي من صيانة للمدارس الحكومية، واستلام المباني الجديدة، وتوفير الكتب المدرسية لمديريات التربية التي بدأت بدورها توزيعها على مدارس القطاعين العام والخاص.
ووزعت وزارة التربية والتعليم مناهج جديدة للصفوف الثلاثة الأولى، قالت إنها ستركز على التعليم التفاعلي بين الطلبة، والتركيز على مهارات القراءة والكتابة والمهارات الاجتماعية، خلافاً للمناهج القديمة التي ارتكزت على التلقين.
بالتوازي مع العبء المالي الذي يواجه أهالي الطلبة كل عام، فإن سؤالًا مشروعًا يتميز به هذا العام، إن كان هنالك جدية بالنهوض بالعملية التربوية ككل، وبخاصة أن نتائج امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة للدورة الصيفية كانت مخيبة للآمال، ومتدنية بنسبة بلغت 40.2 في المئة.
غير ذلك، فإن نحو 1.9 مليون طالب وطالبة يبدؤون عامهم الدراسي الأحد منهم 200 ألف طالب جديد بالصف الأول، و121 الف طالب سوري، مع وجود أزمة معلقة بين الحكومة ممثلة بالوزارة ونقابة المعلمين بفعل إضراب الأخيرة، بعد أن رفضت الأولى مطالب تتعلق بنظام الخدمة المدنية وصندوق الضمان الاجتماعي للعاملين في وزارة التربية والتعليم ونظام المؤسسات التعليمية الخاصة ونظام التأمين الصحي وحماية وأمن المعلم و"علاوة الطبشورة".
أهالي طلبة كانوا يستكملون إجراءات تسجيل أبنائهم بمدارس خاصة في اليوم الأخير قبل الدارسة السبت، لم يجدوا سوى الانصياع لدفع الرسوم وشراء الكتب والمستلزمات من ملابس وقرطاسية، وسط شكاوى من زيادة العبء على كاهلهم، واعتبار أن العملية التعليمية باتت تكلفهم أكثر من طاقتهم.
رفعت مدارس خاصة الرسوم بنسب تراوحت بين 5 و20 في المئة، في بلغت في بعضها 25 في المئة، بحجة زيادة رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء وزيادة الحد الأدنى لأجور العاملين، وهو ما يؤدي بحسب محاسبين في تلك المدارس إلى زيادة الكلف التشغيلية، سواء لحافلات المدارس وفواتير الكهرباء.
في تشرين الثاني من 2012 كان رئيس الوزراء عبد الله النسور يؤكد في مؤتمر صحفي ان رفع الدعم عن المشتقات النفطية لن يمس 70 في المئة من المواطنين، وأن ضغوطات الدعم الذي تقدمه الحكومة لعدد من السلع والخدمات أدت إلى ارتفاع الدين العام الى أكثر من 15 مليار دينار، وبنسبة 75 في المئة من الناتج المحلي، مقارنة بـ60 في المئة السقف المحدد في قانون الدين العام.
اليوم الدين العام تجاوز حاجز 20 مليار دينار، وبنسبة 83 في المئة من الناتج المحلي، رافق ذلك ارتفاع في معظم الخدمات والسلع ومنها رسوم المدارس وكلف النقل، مع وجود إخفاق اعترف به المسؤولين بما يتعلق بالعملية التربوية التي أفضت إلى عدم نجاح أحد في امتحان التوجيهي لأكثر من 300 مدرسة، ووجود نحو 100 ألف طالب أمي يجلسون على مقاعد الدراسة.
تلك المعطيات تزيد أهالي الطلبة حيرة من أمرهم، إن كانت الأعباء التي يتحملونها توازي ما يجنونه من خدمات كانت صحية أم تعليمية، وحتى تلك المتعلقة بالاتصالات والمواصلات.
دراسة حديثة كشفت عنها دائرة الإحصاءات العامة ووزارة التخطيط والتعاون الدولي في حزيران، حذرت من تآكل الطبقة الوسطى في المملكة التي باتت تشكل 29 في المئة من إجمالي عدد السكان حتى العام 2010، مقارنة مع ما نسبته 41 في المئة في العام 2008.
الدراسة بينت أن هنالك فجوة كبيرة في الإنفاق على التعليم من الناحيتين النسبية والمطلقة، فأثرى شريحة من السكان تنفق نحو ضعفي المبلغ الذي أنفقته من الطبقة الوسطى، وأكثر بنسبة ثلاثة عشر ضعفًا تقريبًا من المبلغ أنفقته أكثر شرائح السكان فقرًا، وهي تقريبا ذات النسب التي كانت سائدة في العام 2008.
يمكن تفسير الفروق الكبيرة في الإنفاق على التعليم عبر الفئات السكانية بحقيقة أن الأثرياء فقط يملكون خيار دفع تكاليف التعليم الخاص المرتفع، في حين أن الفئات الأكثر فقرًا تعتمد على نظام التعليم الحكومي.
وبمراجعة بنود الانفاق على الغذاء وبقية البنود للفئات المتدنية الدخل، يتبين تدني الدخل القابل للتصرف به بعد احتساب التكاليف الأساسية من الملابس والمساكن ونفقات المنازل.
ويخفف إنفاق وزارة التربية والتعليم على التعليم الحكومي من إنفاق الأسر على التعليم، إلا أن الفجوة بين أثرى وأفقر الطلاب في الأردن ما تزال واسعة، وسيظل الحراك الاجتماعي محدودًا ما لم تتم معالجة أوجه النقص في التعليم الحكومي.
ومن المفارقات أن التحليل المفصل لبنود النفقات المختلفة يظهر أن الأسر الأردنية دون الطبقة الوسطى والفقيرة تنفق على السجائر والتبغ أكثر مما تنفق على التعليم؛ إذ تظهر البيانات أن معدل إنفاق الأسرة على السجائر والتبغ للفئات دون خط الفقر يبلغ 315 دينارًا سنويًا.
ويبلغ الإنفاق على التعليم لذات الفئة 107.2 دنانير، أما الطبقة دون الوسطى فإن أسرها تنفق بالمعدل 427 دينارًا على التبغ والسجائر، مقابل 280 دينارًا تخصص للتعليم، وهذا يعني أن إعادة هيكلة الدعم يمكن أن تساعد على تحسين مستويات التعليم، وتختلف الصورة فيما يخص الطبقة الوسطى؛ حيث تنفق على التبغ والسجائر 455 دينارًا، مقابل 702 دينار تنفق على التعليم.
بيد أن لا ضمانات بأن إعادة هيكلة الدعم سيرقى بالعملية التربوية، أو يقلل من عجز الموازنة وحجم الدين العام؛ إذ يفترض وضع استراتيجية تبين العلاقة بين الدعم وتغيراته ومستوى الخدمات التي يتلقاها أهل البلد.
يكاد لا يخلو أي بيان وزاري للحكومات المشكلة من خطط واستراتيجيات تتعلق بالتعليم، فكل حكومة تتعهد بدعم برامج التطوير التربوي نحو اقتصاد معرفي، بما يحقق مواءمة مخرجات التعليم مع الاحتياجات اللازمة من المهارات والمعارف المطلوبة من خلال الاستمرار في تطوير المناهج والكتب المدرسية.
آخر تلك الاستراتيجيات الرؤية العشرية التي تعمل على إعدادها الحكومة، بعد طلب الملك عبد الله الثاني لها في رسالة وجهها للنسور، وجاء في أحد محاورها التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة والإنتاجية العالية التي تعتمد في قدرتها الاستيعابية على تشغيل الأيدي العاملة الأردنية الماهرة مثل قطاعات: الصناعات الدوائية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الخدمات البنكية، خدمات الأعمال، التعليم والصحة.
الحكومة لا تملك سوى مراجعة الإنفاق العام في قطاع التعليم، غير ذلك فهي تحتاج إلى شراكات واسعة مع المعنيين بالقطاع من مؤسسات مجتمع مدني ومدارس خاصة ونقابة المعلمين، وإذا كان عنوان أول يوم دراسة خصومة بين الحكومة وإحدى تلك الجهات، فكيف ستكون بقية العام.
يذكر أن الوزارة أعلنت أنها أنهت استعداداتها لاستقبال العام الدراسي من صيانة للمدارس الحكومية، واستلام المباني الجديدة، وتوفير الكتب المدرسية لمديريات التربية التي بدأت بدورها توزيعها على مدارس القطاعين العام والخاص.
ووزعت وزارة التربية والتعليم مناهج جديدة للصفوف الثلاثة الأولى، قالت إنها ستركز على التعليم التفاعلي بين الطلبة، والتركيز على مهارات القراءة والكتابة والمهارات الاجتماعية، خلافاً للمناهج القديمة التي ارتكزت على التلقين.